"الهسبراه": آلة تبرير جرائم الاحتلال

لندن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
21 نوفمبر 2023
546
+ الخط -

​مع انتشار المعلومات المضللة في وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام إسرائيل مواردها الكبيرة لنشر روايتها حول العدوان على قطاع غزة، يبدو مناسباً الحديث عن الدعاية الإسرائيلية المعروفة باسم "الهسبراه". فمنذ أن بدأت إسرائيل حربها على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كانت محاولات التأكّد من صحة الادعاءات التي أطلقها الاحتلال صعبةً، بل مستحيلة في أوقات كثيرة.

أحد الأسباب الرئيسية لهذه الصعوبة هو أن إسرائيل تستخدم آلة دعائية تُعرف بالعبرية باسم "الهسبراه"، في محاولة للسيطرة على الرواية المرتبطة بكل تفاصيل صورتها وعملياتها العسكرية، ، بحسب ما يقول موقع ذا نيو آراب.

تُترجم الكلمة العبرية (الهسبراه) تقريباً إلى "شرح" باللغة العربية، وقد انتشرت في أوائل القرن العشرين على يد الناشط والصحافي الصهيوني البولندي ناحوم سوكولو. وتقوم بشكل أساسي على ركائز هي نفسها التي تقوم عليها أشكال الدعاية الحديثة، أي أنها تأخذ شكل مقاطع فيديو، ورسوم بيانية، ومنشورات، ووسوم على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تنشرها كلها وتروّج لها السلطات الإسرائيلية.

في مقال على موقع "عرب 48"، يشرح أمل عرابي أن استراتيجيّة البروباغندا الإسرائيليّة تعتمد في المعركة لكسب الرأي العامّ العالميّ على ركيزتين أساسيّتين: الأولى هي تصوير النضال الفلسطينيّ "إرهاباً" "لاسامياً" و"نازياً" يهدف إلى القضاء على اليهود، والآخر هو تعزيز الإسلاموفوبيا في الدول الأوروبّيّة لصبغ النضال الفلسطينيّ بصبغة دمويّة لا تختلف عن "داعش"، وبهذا تقطع إسرائيل الطريق أمام أيّ تعاطف أو مناصرة للقضيّة الفلسطينيّة.

وهو ما يظهر إذ ما تابعنا فعلياً خطابها الدعائي منذ طوفان الأقصى وصولاً إلى اليوم.
وفي ظل الهجمات العسكرية الإسرائيلية السابقة والحالية على غزة ونتائجها الوحشية على القطاع وعلى سكّانه المدنيين، تعمل "الهسبراه" بشكل أساسي على تبرير ذلك. كما أنها تعمل بشكل منظّم على لوم المقاومة على عمليات القتل الكبيرة للمدنيين الفلسطينيين، سواء من خلال ادعاء إطلاق صواريخ من مناطق سكنية أو تحصّن المقاومين داخل مستشفيات أو مدارس... وهو ما تكرّر كثيراً خلال العدوان الحالي المتواصل، فقصف الاحتلال مسشفيات ودمّرها واقتحم مجمّع الشفاء الطبي، وقصف مدارس.

وفي العدوان الحالي على غزة أيضاً، اتخذت إسرائيل خطوة أخرى إلى الأمام بتبرير استخدام "الدروع البشرية". ومن خلال إصدار أوامر إخلاء جماعية لكل سكان شمال غزة، فإن رواية الهسبراه الإسرائيلية ستجعل المتلقي يعتقد أنها تحاول منع الدروع البشرية ووفيات المدنيين.

ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن إصدار أمر الإخلاء الجماعي غير الواقعي وغير العملي أعطى إسرائيل الضوء الأخضر لمهاجمة المدنيين، من دون القلق حول صورتها، إذ إنها سبق أن طلبت منهم مغادرة المكان. 

إحدى الوظائف الرئيسية للهسبراه الحديثة هي تصوير إسرائيل أنها الضحية المستضعفة التي تنتصر على العدو الأقوى. وقد لاحظ النقاد أن هذا المثال من البروباغندا كان أكثر قابلية للتصديق خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، إلا أنه من السخافة بشكل واضح استخدامه وإسقاطه على حروب الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة على غزة. فإسرائيل قوة إقليمية عظمى مسلحة نووياً وتحظى بدعم هائل من الولايات المتحدة وأوروبا، وتفرض حصاراً على غزة، وتسيطر على إمداداتها المائية ومجالها الجوي وحدودها.

ومع ذلك، لا تزال إسرائيل مصرّة على فكرة مفادها أن حماس وغزة تشكلان تهديداً لوجودها، حتى إن المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، عقدوا أوجه تشابه مباشِرة بين حماس، وأحياناً كل غزة في شكلها الحالي، وألمانيا النازية. بذلك، ينزع الخطاب الإسرائيليّ الشرعيّة الأخلاقيّة عن المقاومة، وينزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين أنفسهم، من خلال تصويرهم كائنات لا تستأهل الحياة، ومن خلال التحريض على حرق القطاع بمن فيه أو إبادته بإلقاء قنبلة نووية.

ورغم وحشية المشاهد القادمة من غزة، تواصل الحكومات الغربية التعبير عن دعمها للاحتلال، فيما يواصل هذا الأخير، من خلال منظومته الدعائية الضخمة، استعادة مشاهد الهولوكوست عند الحديث عن 7 أكتوبر في مخاطبة مباشرة لعقدة الذنب الأوروبية.

ذات صلة

الصورة
ناشطون يتظاهرون باليوم الثاني لقمة الناتو بواشنطن 10 يوليو 2024

سياسة

بالتزامن مع قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) المنعقدة في واشنطن، تظاهر لليوم الثاني على التوالي مجموعة من الناشطين للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.
الصورة
الطبيب الفلسطيني عصام أبو عجوة في مستشفى الأهلي المعمداني في دير البلح (الأناضول)

مجتمع

بعد اعتقال دام 200 يوم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية، عاد الطبيب الفلسطيني المتقاعد عصام أبو عجوة (63 عاما)، لممارسة عمله رغم الظروف القاسية
الصورة
شابان يسخران تخصصهما لعلاج المرضى والجرحى بخيام النازحين في غزة

مجتمع

لم ترحم الحرب الإسرائيلية على غزة، التي دخلت شهرها التاسع، ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تتضاعف معاناتهم في ظل النزوح المستمر ونقص الاحتياجات الأساسية.
الصورة
طلاب مناصرون لفلسطين يعتصمون في جامعة ملبورن، 15 مايو2024 (مارتن كيب / فرانس برس)

مجتمع

فتحت السلطات المختصة تحقيقاً مع جامعة ملبورن لانتهاكها قوانين الخصوصية من خلال استخدام المراقبة للتعرف إلى هويات الطلاب المشاركين في اعتصام مناصر لفلسطين.
المساهمون