المخرج البريطاني آصف كاباديا: دييغو ومارادونا شخصان مختلفان

28 نوفمبر 2020
كاباديا في العرض الأول لفيلم "دييغو مارادونا" في أمستردام (فرانس برس)
+ الخط -

آمن المخرج البريطاني آصف كاباديا بأن أسطورة كرة القدم مارادونا الذي رحل الأربعاء الماضي كان شخصين مختلفين مكونين من دييغو ومارادونا.

واستلهم كاباديا الذي أصدر فيلماً عن مارادونا هذا الوصف من فرناندو سينيوريني، المدرب الشخصي السابق لمارادونا الذي قال إن "دييغو كان الفتى الرائع الذي يعاني من انعدام الأمان، ومارادونا هو الشخصية التي كان عليه أن يبتكرها لمواجهة مطالب صناعة كرة القدم ووسائل الإعلام".

وفي حديثه لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، يوم الجمعة، تناول كاباديا معاينته الشخصية لمارادونا إبان تحضيره للفيلم الذي صدر العام الماضي. وقال "كرة القدم جزء كبير من حياتي. كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما سجل دييغو مارادونا الهدفين في مرمى إنكلترا: الأول بـ(يد الله) والهدف الثاني الرائع". وأضاف: "أراد الجميع أن يكون مارادونا. لقد كان ظاهرة عالمية. أراد البابا مقابلته. كان فيدل كاسترو يجلس ويستمع إلى دييغو وهو يروي قصة".

التقى كاباديا النجم مارادونا في دبي، حيث كان يدرب أحد الفرق بين عامي 2017 و 2018، وصدر فيلمه الذي حمل اسم "دييغو مارادونا" العام الماضي. أثار الفيلم غضب مارادونا، حين صدر بعنوان "دييغو مارادونا: المتمرّد والبطل والمحتال والرب". أثارت كلمة "المحتال" حنق مارادونا الذي طالب بعدم مشاهدة الفيلم.

قبل أن يشرع كاباديا بعمل فيلمه وصلته إشارة تشجيع من مارادونا الذي كان معجباً بفيلمه عن آيرتون سينا، بطل الراليات البرازيلي الشهير الذي قضى في اصطدام سيارته عام 1994.

سرد كاباديا التفاصيل الآتية في دبي، قائلاً: "حجزنا استوديو للمقابلة، بتكلفة ضخمة. عندما وصلنا إلى هناك قال فريقه: "إنه ليس في وضع جيد اليوم، حاول غداً". حسناً. اليوم التالي كان: "إنه ليس على ما يرام اليوم، عُد غداً." هل قضى ليلة سيئة؟ كان يشرب؟ يحتفل؟ هل كانت صحته سيئة؟ لم نكن نعلم".

انتظر ما يقرب من أسبوع وهم تحت ضغط الميزانية التي تتبدد وشعور بالإحباط. وأضاف: "في النهاية، قلت لمساعده: فقط أعطني خمس دقائق مع دييغو لأعطيه الهدية التي قدمناها له، ملصق للفيلم الذي سنصنعه عنه".

عندما التقيا آخر المطاف في منزل مارادونا، قال كاباديا: "علمت أنه نام طوال اليوم وبقي مستيقظاً الليل كله يشاهد كرة القدم من الأرجنتين. نزل لتناول الطعام في الساعة الخامسة مساءً، وأخذ هديتنا، وقال إننا سنصنع فيلماً رائعاً، وتصافحنا، وسمح لنا بالتقاط صورة ونعود إلى الفراش".

ووفقاً لكاباديا، فإن مارادونا يحب أن يبقي الناس في حالة انتظار، لكأنما يقول: "إذا كنت تريدني حقاً، فسيتعين عليك الانتظار".

في نهاية المطاف، حاول المخرج  أن يجد الطريق الصحيح لبدء التسجيل مع مارادونا المزاجي. لكنه كما يقول، كان يختار دائماً الموضوع الخطأ.

ذكر له خورخي سيترززبيلر، صديقه منذ الطفولة، وأول وكيل حصل له على عقده الأول. قبل أسابيع قليلة، قتل جورج نفسه، واعتقد كاباديا أن دييغو سيقول شيئاً لطيفاً عنه، لكنه قال: "لا أريد التحدث عن هذا الرجل. لقد سرقني".

كانت تلك دورة علاقاته مع معظم الناس. أنت هناك، أنت قريب من الشخصية الشبيهة بالله، ثم في أحد الأيام سيقول: "لقد خنتني"، ولن يتحدث إليك أبداً مرة أخرى، على حد تعبيره.

فكر كاباديا في أن يجرب شخصاً آخر، فسأله: "ماذا عن زوجتك السابقة كلوديا؟" فردّ: "لا تذكرها". ثم سأله: "ماذا عن والديك؟"، فخفف من حدة الكلام وبدأ يخبره عن والدته وأبيه، ومدى صعوبة الحياة، حيث كان هناك ثمانية يعيشون في كوخ في مدينة الصفيح في فيلا فيوريتو.

في الوقت الذي التقاه فيه، كان شخصاً مختلفاً تماماً عن ذاك الذي يصور فيلماً عنه. لكنه حصل على لمحات من الحدة والفكاهة.

كانت أكثر اللحظات التي لا تنسى بالنسبة إليه "لحظة سخيفة"، يشرحها قائلاً: "كنت أقوم بالتسجيل الصوتي بنفسي، وكان يشاهد كرة القدم بسروال قصير في أثناء إجراء مقابلة معه.

الطريقة الوحيدة لإنجاح الأمر هي الجلوس بجانب الميكروفون"، وكان كاباديا قريباً من ساق مارادونا التي أحرزت الأهداف الفاتنة.

سأله: "هل هذا هو الكاحل الذي كسره أندوني غويكوتشيا؟ مشيراً إلى الكسر الذي سبّبه مدافع فريق بالباو عام 1983، حين كان يلعب مارادونا في برشلونة. وعندما سأل مارادونا لمس كاحله، ويقول: "لم يحب مارادونا أن يلمس، ودفعني بعيداً".

يصفه بالقول إنه كان بارعاً في صرف النظر عن الأسئلة. تسأله عن الكامورا (عائلة المافيا) أو رفضه الاعتراف بابنه، فيخبرك قصة عن سيب بلاتر (الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم).

 ضاق كاباديا ذرعاً، فعندما وصل إلى المقابلة الثالثة، كان يريد الإجابات عن أسئلته. قال: " إنني لا أريد أن أعرف عن فساد بلاتر والفيفا، أسألك لماذا لم تعترف بابنك؟ نظر إلي وقال: مَن تعتقد نفسك؟ لا أحد يجرؤ على التحدث معي بهذه الطريقة".

كان غاضباً. ساد صمت طويل ثم قال: "لذلك، أنا أحترمك. لن يكون لدى معظم الناس الجرأة لطرح هذه الأسئلة في وجهي، كما يقولون في ظهري".

عُرض الفيلم لأول مرة في مهرجان كان السينمائي، وكان الجميع يريده أن يأتي. لكن طاقمه قال إنه لم يكن على ما يرام.

وتعليقاً على العنوان، "دييغو مارادونا: المتمرّد والبطل والمحتال والرب"، قال مارادونا: "هذا الفيلم كذب، لقد خدعوني، ولن أشاهده أبداً، لقد وثقت بهم وخانوني".

يختم كاباديا بالقول: "مشاعري تجاه مارادونا معقدة. لقد أحببت الشاب الذي وصل إلى نابولي، وأحببته حتى الفوز بكأس العالم عام 1986. لكنه هو ذاته شخص آخر عندما بدأ بالكذب بشأن ابنه دييغو جونيور الذي أنكره، واعترف به بعد ثلاثين عاماً".

هو ذاته - يضيف - من "دخل في الكوكايين، وسقط في الإدمان. من الصعب أن تشعر بالراحة مع ما آل إليه".

المساهمون