"الفيلم المحلّي": حسّ وطني أمْ واجب مهني؟

05 يوليو 2024
Mord لآدم مارتينَك: حشدٌ تشيكي في صالة صغيرة (الملف الصحافي)
+ الخط -

 

ظاهرةٌ تَنتبه قلّةٌ إليها في مهرجانات سينمائية، عربية وأجنبية: زملاء مهنة وزميلاتها يحتشدون في صالةٍ، تعرض فيلماً "محلّياً". أي أنّ هؤلاء، المنتمين إلى بلدٍ واحد، يختارون فيلماً من البلد نفسه لمشاهدته في مهرجانٍ، يعرض عشرات الأفلام المنتقاة من دول كثيرة. فالمصري يُشاهد فيلماً مصرياً معروضاً في مسابقة أو برنامج، في مهرجان مصري (هذه طامة كبرى) أو عربي أو دولي؛ ومخرج لبناني "يتمنّى" على ناقد وصحافي ـ صحافية لبنانيين مشاهدة فيلمه في المهرجان، لأنّ الصالة كبيرة، وفيها أجهزة صوت وصورة تنفع لمُشاهدة سليمة. المنتمون والمنتميات إلى دول أخرى يفعلون هذا أيضاً.

في الدورة الـ58 (28 يونيو/ حزيران ـ 6 يوليو/ تموز 2024) لـ"مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي"، يحصل الأمر نفسه. عروضٌ صحافية لأفلامٍ تشيكية تستقطب صحافيّي البلد وصحافيّاته، وربما هناك نقّاد أيضاً. هذا غريبٌ، إذْ يُفترض بالنقّاد والصحافيين والصحافيات السينمائيين الاستفادة القصوى من حضورهم مهرجاناً عربياً ودولياً، بمشاهدة غير المتاح عرضه غالباً في بلدانهم، فإمكانية مُشاهدة فيلمٍ "محلّي" في بلدانهم كبيرة، في عرض صحافي، وهذا حقٌّ مهني، أو تجاري ـ جماهيري.

شخصياً، لا أشاهد فيلماً لبنانياً في مهرجان دولي، فحقّي المهني أولاً أنْ أشاهده في عروض محلية، قبل مهرجان ما أو بعده. أحياناً، لا أشاهد فيلماً عربياً، مع أنّ حشريةَ المهنة أساساً تحثّ على ذلك، فالأفلام العربية غير التجارية يندر عرضها في بيروت، وإمكانية مشاهدتها لاحقاً تتطلّب جهداً وانتظاراً. قول هذا غير معصومٍ عن نقاش، فلا شيء محسوماً كلّياً. لكنّ السؤال يُطرح، فالمهرجان، الدولي غالباً، حيّز للاطّلاع، قدر المستطاع، على كلّ جديدٍ وافدٍ من دول، يستحيل توزيع أفلامها في بلدانٍ عربية. والفيلم اللبناني مثلاً سيُعرض في "بلده"، في مهرجان أو عرضٍ خاص أو نشاطٍ ثقافي ـ فني، أو تجارياً، وهذا يحصل قليلاً، إنْ يكن الفيلم غير تجاري ـ استهلاكي.

ثمّ إنّ الصالات المخصّصة بالعروض الصحافية في "كارلوفي فاري" صغيرة، باستثناء "قاعة المؤتمرات". هذا يحول أحياناً دون تمكّن غير التشيكي من مُشاهدة فيلمٍ تشيكي، لا شكّ في أنّه سيُعرض محلياً، لاحقاً.

أيكون هذا شعورٌ بوطنيّةٍ (لن أصفها بالمزيّفة، بل بالساذجة)، أمْ مجرّد وهمٍ بممارسة مهنة؟

المساهمون