خمس تغريدات نشرها الرجل الأكثر ثراء في العالم، إيلون ماسك، منذ استكماله فجر الجمعة عملية الاستحواذ على شركة تويتر مقابل 44 مليار دولار أميركي: "المغرد قد تحرّر"، و"فلتبدأ الأوقات الطيبة"، و"تويتر ستشكل مجلس إشراف على المحتوى لديه وجهات نظر متنوعة بشكل كبير. لن تتخذ قرارات مهمة بشأن المحتوى أو إعادة الحسابات قبل اجتماع المجلس"، و"الكوميديا مشروعة الآن على تويتر"، و"لأكون واضحاً: لم نجر إلى الآن أي تعديلات على سياسات الإشراف على المحتوى".
كان ماسك قد تقدم بعرض من دون طلب من الشركة لشراء "تويتر"، ووقّع اتفاقاً بهذا الشأن في إبريل/ نيسان، لكنه عدل عن رأيه بعد ذلك، ما دفع "تويتر" إلى رفع دعوى قضائية ضده. وأفادت تقارير بأن ماسك كان يجمع التمويل اللازم للصفقة، منذ أن جمّد قاضٍ القضية مؤقتاً في 6 أكتوبر/ تشرين الأول. وقال ماسك، في يوليو/ تموز، إنه تراجع عن الصفقة لأنه تعرض للتضليل من قبل "تويتر" بشأن عدد الحسابات الوهمية على المنصة، وهي مزاعم رفضتها الشركة. تعيّن على ماسك إنهاء الصفقة بحلول الجمعة، وإلا فإنه كان سيواجه المحكمة، لتخلفه عن تنفيذ الاتفاق المبدئي الذي وقّعه مع "تويتر".
ولم تهدأ ردود الفعل، في أنحاء العالم كافة، إزاء هذه الصفقة الضخمة التي تنبأت منصات إعلامية متخصصة بأنها سترك أثراً على كل الصفقات التي ستبرم في هذا القطاع مستقبلاً. سياسيون وصحافيون وحقوقيون يعربون عن مخاوفهم من أن يحول ماسك، الذي يصف نفسه بأنه داعم لحرية التعبير المطلقة، المنصة إلى مساحة خطيرة لنشر خطاب الكراهية والمحتوى التحريضي. في المقابل، تحتفي شخصيات يمينية بهذا الاستحواذ، ورصد باحثون فعلاً، خلال اليومين الماضيين، موجة من المنشورات العنصرية والمعادية للسامية، وارتفاعاً في عدد متابعي الحسابات اليمينية المتطرفة. على سبيل المثال، قال المعلّق السياسي اليميني، بن شابيرو، إنه جذب 40 ألف متابع جديد على "تويتر" الجمعة، بينما أعلن الممثل الليبرالي مارك هاميل عن فقدانه نحو 6 آلاف متابع خلال الأيام الثلاثة الماضية.
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهو محظور عن "تويتر" منذ هجوم أنصار له على مبنى الكابيتول في يناير/ كانون الثاني 2021، رحّب باستحواذ ماسك على "تويتر" التي "لن يديرها بعد الآن مجانين يساريون راديكاليون يكرهون بلدنا". قبل حظر حسابه، كان ترامب يتوجه عبر "تويتر" مباشرةً إلى متابعيه الذين كان يبلغ عددهم 88 مليوناً، وكان يثير بشكل منتظم جدالات حامية. وكان ماسك لمح، في مايو/ أيار الماضي، إلى عودة ترامب إلى "تويتر"، وهذا الأمر يثير مخاوف كثيرين، وتحديداً أن الانتخابات النصفية تعقد في البلاد بعد أقل من أسبوعين. واستباقاً لهذه العودة المحتملة، كتبت الصحافية في "واشنطن بوست"، ميغان مكاردل، نصائح ليتبعها الصحافيون في التعامل معه. وبعدما استعادت هوس الصحافة ومواكبتها لتغريداته لحظة بلحظة سابقاً، قالت: "حان الوقت لإرساء تقليد صحافي جديد سيكون من الصعب عليه (ترامب) استغلاله. بدلاً من أن نسارع لإدانة كل تصريحاته، يجب أن نتعامل مع حساب ترامب على تويتر بالطريقة التي نتعامل بها مع بعض الحسابات العشوائية التي تجذب خمسة متابعين، أي كما لو أننا لا نلاحظه". وأضافت: "نعم، أفهم أن انتهاكاته لها قوة حقيقية، على عكس أي مستخدم عشوائي. لكن كل عمليات التدقيق في الحقائق التي أجريناها لم تترك انطباعاً كبيراً لدى معجبيه (...) ما فعلناه في نهاية المطاف هو التأكيد على أن ترامب كان الشيء الأهم في العالم بأسره، وتوجيه أنظار عشرات الملايين الإضافيين نحو سوء سلوكه".
في أوروبا، غرّد مفوض السوق الداخلية في الاتحاد تييري بريتون: "في أوروبا، سيحلق الطائر وفقاً لقواعدنا"، رداً على تغريدة ماسك التي أعلن فيها تحرير الطائر الأزرق (شعار تويتر). وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية، الجمعة، إن الحكومة ستدرس ما إذا كانت تريد الاحتفاظ بحضورها على منصة تويتر بعدما اشتراها ماسك. وأضاف: "سنراقب التغييرات المحتملة في المنصة على مدار الأسابيع والأشهر المقبلة، ثم سنخلص إلى استنتاجاتنا الخاصة"، مشيراً إلى أن تعليقاته ليست تهديداً.
مجلة وايرد المتخصصة في الشؤون التقنية تنبأت أن تخيّم الفوضى على "تويتر" تحت إدارة ماسك، علماً أنه يملك أيضاً شركتي تِسلا وسبيس إكس. مجلة نيو يوركر نشرت تحذيراً مباشراً من هذه الصفقة، وتحديداً إزاء الأنباء بأن ماسك ينوي تسريح 75 في المائة من إجمالي موظفي "تويتر"، ما يعني نقصاً في عدد المشرفين على المحتوى الذي ينشر على المنصة. الصحافي جون شوورتز كتب في موقع ذي إنترسبت أن ماسك صنع كابوسه بيديه. في صحيفة ذا غارديان البريطانية قال هاميلتون نولان إن "تويتر" بإشراف ماسك ستكون "كارثة"، وأضاف: "على الأرجح أن ماسك اشترى تويتر للسبب نفسه الذي دفع أصحاب المليارات على مرّ التاريخ إلى الاستثمار في الصحافة: محاولة السيطرة على المحادثات العامّة".