"الصيادون"... أدولف هتلر في طريقه إلى المحكمة

10 فبراير 2023
ينتقد المسلسل صعود اليمين المتطرف حالياً (أمازون برايم)
+ الخط -

بثت شبكة أمازون برايم الموسم الثاني من مسلسل "الصيادون" (Hunters) الذي يلعب بطولته آل باتشينو. وبعد أن تُركنا معلقين نهاية الموسم الأول، في انتظار الوصول إلى أدولف هتلر، تمكنت مجموعة الصيادين المحترفين من الوصل إلى زعيم الرايخ الثالث ومواجهته.

يراهن المسلسل على نظرية المؤامرة القائلة إن أدولف هتلر لم ينتحر في ملجأ تحت الأرض ليلة سقوط برلين، بل هرب عبر نفق إلى الأرجنتين، ليتابع حياته هناك. وبعد جهود مضنية، يصل إليه الصيادون، وعوضاً عن قتله، يقدمونه للمحاكمة.

اللافت في المسلسل هو الحلقة الأخيرة التي يوضع فيها هتلر أمام محكمة العدل الدولية، ويطرح هنا سؤال العدالة: هل يجب أن ينال تمثيلاً تقليدياً؟ أم يجب أن تكون محاكمته صوريّة بهدف قتله مباشرة؟
يستعيد المسلسل، هنا، أحداث محاكمة جون ديميانيوك، الملقب بـ"إيفان الرهيب"، في إسرائيل، حيث دافع محام يهودي عن أميركي مشكوك بانتمائه إلى النازيين، في محاولة لترسيخ مفهوم "العدالة"، أي يجب أن يحاكم المجرم كفرد يمتلك حق الدفاع عن نفسه، مهما كان الجرم الذي ارتكبه. وهذا ما حصل مع هتلر الذي نال هذا الحق. لكن، كيف يمكن الدفاع عن شخص وضعت القوانين خصيصاً من أجله بعد ارتكابه ما ارتكبه؟

ينتقد المسلسل صعود اليمين المتطرف حالياً الذي نرى أفراده من نازيين جدد مجتمعين حول المحكمة في ميونخ، يطالبون بتحرير "الفوهرر"، الذي يقدم نفسه ضمن هلوساته، ليس فقط كقائد لألمانيا، بل كقائد لحركة عالميّة، لا بد أن تواجه كل يوم حسب محامي الادعاء. وهنا إشارات إلى ما يشهده العالم حالياً: هل نحافظ على حق حرية التعبير نضمنه حتى للمروجين لخطاب الكراهية، أم نحرمهم من الكلام والتعبير عن آرائهم؟ يجيب المسلسل بوضوح؛ نتركهم يتكلمون كي لا نصبح مثلهم نكمم الأفواه وننفي من الساحة العامة من نختلف معه.

يظهر هتلر في المسلسل بوصفه الشرّ الأعظم، في انتقاد لمفهوم المركزية الأوروبيّة التي ترى أن النازية هي أقصى الشرور، في حين أن ما ارتكبته الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وروسيا من جرائم يتم تجاهله، في تشكيك بمعنى العدالة نفسه. وهنا ما يثير الاهتمام، من يمتلك حق محاكمة الآخرين؟ ما من إجابة طبعاً، فهتلر لا نقاش حوله.

سينما ودراما
التحديثات الحية

على الرغم من تقديم هتلر للمحاكمة والانصياع للشكل التقليدي للعدالة، فإن مفهوم الصيادين يبقى قائماً، وكأن هناك فئة من الناس لا بد من أن تواجه العدالة على يد أفراد وليس مؤسسات، والنازيون حصراً هم هذه الفئة، أولئك الذين يرى المسلسل أن كثيرين منهم لم ينالوا عقابهم المُستحق. وهذا المريب في الموضوع. عدالة الأفراد مهما كانت محقة تناقض مفهوم العدالة التقليدية، تلك التي يخضع فيها الفرد للمحاكمة العادلة. وهذا ما يُطرح في المسلسل، إذ يتساءل الصيادون: ما الاختلاف بين مجرم ومطالب بالعدالة، إن كان كلاهما يحاول أن يكون القاضي والجلاد في ذات الوقت؟

يشير المسلسل، أيضاً، إلى أشكال السايبكوباتيّة، خصوصاً تلك الفئة التي لا تتوانى عن القتل بكل برودة أعصاب. تتمثل هذه الفئة بالرجال البيض. في المقابل، تظهر العدالة على يد كل طيف الهويات المتعددة، سواء العرقية أو الجندريّة، وكأننا في جبهة صراع بين "الرجل الأبيض السايبكوباتي" و"الآخر" بكل تنويعاته، بل يشير المسلسل أيضاً إلى أن النازي/الذئب الذي يلعب دوره آل باتشينو قادر على التنكر وتلبُسِ شخصية ضحيته، والتخفي في أكثر الأماكن التي يُكره فيها، في بانتظار اللحظة التي سيكشر فيها عن أنيابه.

لا ينتهي المسلسل بمحاكمة هتلر، إذ يبدو أن هناك تمهيدات لموسم جديد، فالنازيون ما زالوا بيننا، ولا بد من اصطيادهم، كونهم شرّاً دفيناً أعمى لا يمكن الخلاص منه. وهنا تكمن المفارقة: كيف يمكن أن نحيا أو أن نصل إلى سلام، ونحن لا نعلم من يمكن أن يتحول فجأة إلى قاتل أعمى؟

المساهمون