"السبع موجات": بحر غزة في صورته الأخيرة

21 يوليو 2024
من فيلم "السبع موجات" (من المخرجة)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **توثيق حياة الفلسطينيين في غزة**: يعرض وثائقي "السبع موجات" للمخرجة أسماء بسيسو حياة الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، مركزاً على البحر كملاذ وحيد لهم.

- **قصص شخصية مؤثرة**: يركز الفيلم على حياة المنقذ البحري محمد بكر والسباحة بيسان زغرة، ويعرض تفاصيل حياتهم اليومية ومعاناتهم مع الفساد وسوء الإدارة.

- **رسالة أمل وتحدي**: يعكس الفيلم الأمل في قدرة غزة على تجاوز محنتها، ويظهر البحر كمصدر رزق وأمل لسكان غزة.

ينقل وثائقي "السبع موجات"، للمخرجة الفلسطينية - الأردنية أسماء بسيسو، مشاهد وتفاصيل كثيرة عن حياة الفلسطينيين في قطاع غزة، بتوثيق دقيق وحميمي لشعب يعيش في حصار منذ 17 عاماً، وملاذه الوحيد هو البحر.
خلال الفيلم، نشاهد غزة بشكل مختلف، في ما لعلّه آخر توثيق مصوّر للقطاع قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبدء حرب الإبادة الإسرائيلية، المتواصلة للشهر العاشر.
نتابع في الوثائقي، قصة شخصيتين: المنقذ البحري محمد بكر وبيسان زغرة، اللذين يجمعهما حب البحر، فيشاركان تفاصيل حياتهما مع بسيسو التي غدت من خلال الكاميرا فرداً من العائلة وشخصاً مقرباً منهما. من خلال قصة بكر وزغرة، تظهر العلاقة بين الغزيين والبحر، فهو أولاً مصدر للعيش من خلال صيد السمك، كما أنه مساحة للتنفيس والتنزه، وجدار حماية ومصدر للأمل.

البحر أولاً وأخيراً

يمضي محمد بكر وقتاً طويلاً في كوخه المطل على البحر، ويروي للكاميرا كيف عجز عن إيجاد عمل، هو القادم من عائلة صيادين، فيعمل تارة صياداً، وتارة أخرى منقذاً بحرياً، شاكياً من سوء الإدارة والفساد في السلطة، فحاله من حال عشرات الشباب الغزيين الذين يعملون في الإنقاذ البحري، ولا يتقاضون رواتبهم إلا مرة كل ثلاثة أشهر.
الشخصية الثانية في "السبع موجات" هي السبّاحة بيسان زغرة (17 عاماً) التي تستعد لامتحانات الثانوي، لكن أحلامها تتجاوز الأكيديميا وبحر غزة، فتطمح إلى العالمية ورفع علم فلسطين في المحافل الرياضية العالمية.
تدخل بسيسو في تفاصيل حياة زغرة وعائلتها، في المدرسة مع صديقتها، في غرفتها، أثناء تحضيرها للطعام والحلويات الشهية، وحتى أثناء تدريباتها التي يشرف عليها والدها. تلغي زغرة الصورة النمطية للفتيات الغزيات، بما أن حجابها لم يمنعها من السباحة. في خط موازٍ نتابع العلاقة المميزة بين بيسان ووالدها، فهو مدربها وصديقها، علّمها ركوب الدراجة الهوائية رغم كل التقاليد الاجتماعية، ويرافقها وهي تتدرب على التجديف، ويوجه لها النصائح لتحقيق الثبات والتوازن، كما يحتفل بنجاحها في كل مرة تحقق فيها بطولة وتفوز، يمنحها الأمل والقوة لتتابع أحلامها في قطاع محاصر يقيدها، هي التي تريد التحليق خارج القطاع لترى ما خلف ذلك البحر.
تنقل بسيسو في "السبع موجات" تفاصيل دقيقة للقطاع المحاصر، فنرى من خلال عدستها قطاع غزة، بصورة مختلفة عن تلك التي نتابعها في نشرات الأخبار منذ بدء حرب الإبادة، ولعلها المشاهد الوحيدة الحديثة التي سبقت الحرب، إذ انتهى التصوير تماماً قبل شهر من بدء العدوان.

غزة بعيداً عن الأخبار

في حديثها مع "العربي الجديد" تقول بسيسو: "أردت أن أنقل صورة واقعية عن الحياة اليومية في غزة، بعيداً عن التقارير الإخبارية والصور النمطية. الناس في غزة يعيشون حياتهم اليومية ويستمتعون بالفرح، على الرغم من الحصار والتحديات. هم قادرون على التكيف ويمتلكون حياة مليئة بالتفاصيل الجميلة والذكريات، لذا حرصت على أن أروي قصصهم، ولو كنت أصور فيلماً وثائقياً، لكنني اخترت أن يرووا حياتهم بأنفسهم من خلال تفاصيلهم اليومية".
وللبحر مكانة خاصة عند بسيسو: "صوّرت هذا الفيلم لأنني أحب البحر، خاصة بحر غزة، فهو جزء لا يتجزأ من حياة سكانها، فهو أول بحر شاهدته في حياتي وأنا صغيرة، ومن هنا بدأت علاقتي العميقة مع هذا المكان. ولولا البحر لاختلفت حياة الغزيين بشكل كبير. وكان والدي يرغب بشدة في إنتاج فيلم عن بحر غزة، وهذا أحد الأسباب التي دفعتني إلى تحقيق هذا الحلم. ولحسن الحظ، تمكن من مشاهدة الفيلم قبل وفاته".
اختارت بسيسو أن تعرض فيلمها في الأردن، بعيدا عن صخب المهرجانات التي تحمل معايير مزدوجة على حد قولها. موضحة: "أنه بعد موقف الدورة السادسة والثلاثين من مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية (إدفا)، الذي رفض اعتذاراً بعدما صعد ثلاثة ناشطين على خشبة المسرح خلال حفل الافتتاح حاملين لافتة كُتب عليها: "من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة"، ورفضه هذا الشعار، وتشجيع مهرجان برلين السينمائي على التطبيع وعرض أفلاما عن التعايش في وقت لا أمل فيه للسلام، مقابل تأثري بموقف محكمة العدل الدولية التي أنصفت فلسطين، لمست ازدواجية العالم الغربي تجاه العدالة وشعاراتها، قررت أنه من الأفضل أن أعرض الفيلم في دولة عربية وبدأت بالأردن، حيث وُلدت وترعرعت، وسأعمل على عرضه في كل مدن فلسطين في أقرب فرصة، وأرسله للمهرجانات والجهات التي تتبنى موقفًا واضحًا تجاه فلسطين وما يحدث في غزة".

قدرات "السبع موجات"

بحسب بسيسو، اختارت عنوان "السبع موجات" لأن هناك اعتقاداً سائداً لدى سكان غزة أن البحر قادر على شفاء من يغطس بين أمواجه سبع مرات، من الحسد والمرض، وهي أسطورة لا يزال غزيون كثر يؤمنون بها، "أشعر أن غزة قادرة على الشفاء، وقادرة أيضاً على تجاوز كل ما مرت وتمر به".

سينما ودراما
التحديثات الحية

وتضيف بسيسو أن البحر مساحة آمنة، يمدها بالطاقة الإيجابية، وهو ما نراه في كل مشاهد الفيلم التي التقطت بالقرب منه وبين أمواجه، فنرى لقطاتي تظهر أهل غزة يمرحون بين أمواجه نهاراً، وقوارب الصيادين تشق الأمواج لصيد السمك، كما نشاهد جلوس العائلات ليلاً على الشاطئ لتناول وجبة شهية من السمك والضحكات والأمان يحيط بأفرادها، كما يحيط البحر بغزة ويمنحها متنفساً وأملاً وحلماً سيتحقق بالحرية.

المساهمون