احتضن البرلمان المغربي في العاصمة الرباط لقاءً دراسياً، اليوم الأربعاء، بمناسبة مرور 10 سنوات على الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع.
وتناول اللقاء أوضاع الصحافة المغربية في الوقت الراهن، سواء من الناحية المالية أو المهنية.
ومرت عشر سنوات على الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، وهو لقاء دعت إليه فرق برلمانية بهدف تمكين مختلف مكونات المجتمع وأصحاب القرار والفاعلين في الحياة العامة من التباحث والتشاور مع أصحاب القرار والمهنيين.
وخلال مشاركته، ذكّر رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، نور الدين مفتاح، بأنه خلال سنتين ونصف فقدت الصحافة المغربية 70 في المائة من انتشارها وتأثيرها ومواردها.
واعتبر مفتاح أن قطاع الصحافة المغربية يعاني من "أزمة هيكلية"، إذ مع دخول المواقع الصحافية الإلكترونية، "يمكن أن نقول إن قاعدة الزوار توسعت"، ولكن ذلك لا يشمل "القراءة النافعة التي تجعل المواطن المتابع معنياً بما يجري في الشأن العام". وأشار إلى أنه "هيكلياً هي قراءة ضعيفة جداً مقارنة بالدول التي تشبهنا".
وذكّر رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بأن الحوار الوطني للإعلام أنتج 300 توصية حينها، "ولو تمت قراءتها لوجدناها آنية"، بحسبه.
ودعا مفتاح الناشرين إلى "توحيد الكلمة"، منتقداً الانقسام الحاصل بين ناشري الصحف، والذي يشكل عائقاً أمام تطوير القطاع، ودعا إلى حوار بين مديري المؤسسات الإعلامية وموظفيها بمفهوم الشركاء، وليس بمفهوم الصدام داخل المؤسسة الصحافية.
وأضاف: "أدعو زملائي وأمد إليهم اليد من أجل توحيد الكلمة"، و"فيما يتعلق بالخلافات حول عدد من المواضيع فيمكن أن تحل بالحوار وليس بالصدام".
من جانب البرلمانيين، نبّه رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، عبد الرحيم شهيد، إلى ضرورة "عدم قتل" المؤسسات الصحافية الصغيرة والمتوسطة، رافضاً فكرة البقاء للأقوى.
وأوضح شهيد أنه "إذا لم نستطع حماية التعددية في قطاع الصحافة، فإنه سيكون من الصعب علينا الحديث عن الخيارات الديمقراطية والتعددية". وأكد أن "بلادنا تحتاج التعددية في قطاع الصحافة، ولا يمكن حمايتها داخل المؤسسة الصحافية إلا بحماية الصحافيين، لأن بلادنا لا تتوفر على صحافة بتغطيتها الصحية وتقاعدها".
ودعا إلى "إقرار منظومة إعلامية قادرة على مواكبة التحولات والتفاعل الإيجابي مع الديناميات المجتمعية"، وإلى "منظومة متجددة تتأسس على التنظيم العقلاني لمهنة الصحافة وتشجيع الاستثمارات وتحفيز المؤسسات الإعلامية المتوسطة والصغيرة، بما يحقق العدالة والإنصاف بين مختلف أصناف المقاولات كيفما كان حجمه".
ومن الجانب الحكومي، قال وزير الاتصال المغربي، مهدي بنسعيد، إن المطلوب هو "تقييم للمرحلة السابقة، والوقوف على إيجابياتها وسلبياتها، لاسيما بعد اعتماد بلادنا لمدونة الصحافة والنشر، والتي أصبح من الضروري مراجعتها بشكل شامل، إذا أردنا إعلاماً مغربياً قوياً، داخل الوطن وخارجه".
ووعد وزير الاتصال بـ"مراجعة للنموذج الاقتصادي للمؤسسة الإعلامية، عبر تشجيع الاستثمار، ودعم الموارد البشرية، وتقديم فلسفة جديدة للدعم العمومي للمقاولات الصحافية، والذي نعتبره استثماراً". وتابع أن "الرفع من الدعم العمومي، من 65 مليون درهم سنوياً إلى أزيد من 200 مليون درهم سنوياً" سيواكب "بتوزيعه بمعايير جديدة، ودفتر تحملات واضح، ومنطق يقطع مع بعض الممارسات السابقة".
وأكّد على أنه "إذا أردنا إعلاماً قوياً وموضوعياً، يمنح الخبر اليقين ويقدم التحليل الرزين، علينا أولاً النهوض بالوضعية الاجتماعية والمادية للعاملين في القطاع، عبر تحيين الاتفاقية الجماعية، والرفع من الدخل الأدنى للصحافيات والصحافيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية، وضمان حقوقهم الاجتماعية".