البرلمان الجزائري يبدأ مناقشة قانون جديد لتنظيم قطاع السينما... تشجيع المبادرة الحرة في ظل الرقابة الرسمية
بدأ البرلمان الجزائري، الثلاثاء، مناقشة قانون جديد للصناعة السينمائية، يتضمن حزمة مواد مشجعة على إنعاش النشاط والإنتاج السينمائي في الجزائر، وتحرير المبادرة المستقلة للاستثمار في القطاع، لكنه يضع في نفس الوقت تدابير محددة بشأن إنتاج الأفلام التي تتناول القضايا والرموز السياسية والتاريخية، ويمنح للدولة حق التدخل والرقابة بشأن المضمون السينمائي.
وعرضت وزيرة الثقافة الجزائرية، صورية مولوجي، نص القانون، الثلاثاء، أمام نواب البرلمان، والذي يستهدف بحسب ديباجته: تعزيز الصناعة والنشاطات المتعلقة بالصناعة السينماتوغرافية، وتحديد مجال تدخلات الدولة والرقابة.
ويمنح القانون الجديد الحكومة والهيئات الرسمية مجالات تدخل، خاصةً عندما يتعلق الأمر بإنتاج وتوزيع واستغلال "الأفلام الثورية (المتعلقة بالثورة الجزائرية) والأفلام التي تتناول المواضيع الدينية والأحداث السياسية والشخصيات الوطنية ورموز الدولة"، والتي "تستدعي أخذ رأي استشاري من الهيئات المعنية". كذلك، يفرض على المنتجين السينمائيين الحصول المسبق على ترخيص من الوزير المكلف بالمجاهدين (قدماء المحاربين)، فيما يخص إنتاج أفلام حول الحركة الوطنية في زمن الاستعمار الفرنسي وثورة أول نوفمبر 1954.
وبعد أكثر من خمس سنوات على إنتاجه ما زال الفيلم، الذي أخرجه بشير درايس بدعم حكومي، عن البطل الثوري الجزائري العربي بن مهيدي معلقاً، ولم يمنح ترخيصاً بالعرض، على الرغم من أنه كان من المقرر أن يعرض لأوّل مرة في مارس/ آذار 2023، بسبب بعض اللقطات التي طلبت السلطات المعنية ولجنة الرقابة إزالتها بعد أن رأت انّها "تتضمن إثارة لوقائع تاريخية غير دقيقة".
ويشدد النص القانوني الجديد على أن "ممارسة نشاطات إنتاج وتوزيع واستغلال الأفلام تتم في ظل احترام الدستور وقوانين الجمهورية وكرامة الأشخاص والمصالح العليا للأمة والقيم والثوابت الوطنية، والدين الإسلامي والوحدة والوطنية والترابية".
كذلك، يوفر القانون حماية قانونية لحقوق الملكية من خلال إلزام المستغلين للإنتاجات السينمائية بالحصول من صاحب الحق على الترخيص باستغلال مصنفاته السينمائية في قاعات العرض السينمائي أو عبر المنصات الإلكترونية أو من خلال الدعائم التسجيلية.
ويتوخى القانون الجديد للسينما إحداث قطيعة مع أشكال تنظيم وتسيير قطاع السينما، مع إعادة صياغة الحكومة لمنح الدعم العمومي للصناعة السينماتوغرافية، حيث يمنح للمنتجين السينمائيين، إمكانية الحصول على الدعم المالي من الدولة، بعنوان الدعم العمومي للصناعة السينماتوغرافية، على أن يتم إنجاز مشروع الفيلم خلال 24 شهراً.
كما يشجع القانون الجديد تحرير المبادرة المستقلة للاستثمارات في المجال السينمائي، عبر استفادة المستثمرين في هذا المجال بحزمة مزايا تحفيزية كالاستفادة من الأملاك الخاصة للدولة، كما ينظم نشاط القاعات الخاصة بالعرض السينمائي، ومركبات قاعات السينما وفقاً لمقاييس تقنية تضمن سلامة الجمهور.
وينظم النص كيفيات الحصول على تأشيرات البث والعرض الأفلام السينمائية، عبر لجنة يترأسها وزير الثقافة لجنة مشاهدة الأفلام السينمائية، والمخول لها أن "تبدي رأيها بخصوص منح تأشيرة الاستغلال السينمائي بالنسبة لكل فيلم مهما كانت الطرق والدعائم المستعملة لعرضه أو بثه العمومي أو بغرض الاستعمال الخاص للجمهور"، على أن تبرر اللجنة أي قرار بالمنع.
وتعاني الجزائر منذ سنوات من مشكلة القاعات السينمائية، خاصةً بعدما فشلت الحكومة في إعادة بعث القاعات السينمائية القديمة التي تم ترميم عدد قليل منها، بينما انهارت بعضها الآخر، واستعمل عدد منها لأنشطة مختلفة.
ويحظر القانون الجزائري ممارسة النشاطات المتعلقة بالصناعة السينماتوغرافية من طرف أجانب، ويلزم أن يكون المعنيين من الأشخاص الحاملين لجنسية جزائرية و أو أشخاص معنويين خاضعين للقانون الجزائري وفقاً للتشريع والتنظيم المعمول بهما.
وقال مقرر لجنة الثقافة والاتصال والسياحة، مسعودي عمر، خلال عرض القانون الجديد، إنّه يتضمن حزمة مواد من شأنها "تشجيع السينمائيين على الخوض وإنتاج المشاريع السينمائية بدعم من الدولة، و"التحفيز على التكوين في مجال المهن السينمائية"، و"تكريس الحماية القانونية لحق الملكية الفكرية للسينمائيين".