استمع إلى الملخص
- **آلية الابتزاز الجنسي**: تبدأ بمحادثات بريئة تتحول إلى مغازلة، يستخدم المجرمون حسابات مزيفة وصوراً مسروقة، ثم يطلبون صوراً حميمة ويهددون بنشرها إذا لم تُلبى مطالبهم المالية.
- **مواجهة الابتزاز الجنسي**: تنصح وكالة مكافحة الجريمة بعدم دفع المال، إنهاء الاتصال بالجاني، الاحتفاظ بالأدلة، وإبلاغ الشرطة، مع تشجيع العائلات على مناقشة السلامة عبر الإنترنت.
في وقتٍ ترتفع فيه حالات الابتزاز الجنسي للمراهقين عبر الإنترنت حول العالم، كشفت صحيفة ذا غارديان البريطانية، الخميس، أنّ بعض مرتكبي هذه الجرائم ينشرون كتيبات وفيديوهات مفصلة عبر المنصات الاجتماعية حول عملياتهم، مع تقديم دروس متخصصة مقابل بدل مالي. والابتزاز الجنسي هو شكلٌ من أشكال الاحتيال المالي عبر الإنترنت، حيث يُخدع المراهقون لإرسال صور حميمة لأنفسهم إلى المحتالين الذين يهدّدون بنشرها للجمهور أو مشاركتها مع عائلة الضحية وأصدقائه في حال لم يلب مطالبهم المالي.
وأشارت "ذا غارديان" إلى وجود منشورات وكتب وفيديوهات تعلّم الابتزاز الجنسي على منصات مثل "تيك توك" و"يوتيوب" و"تليغرام"، وهو ما أكّده المدير في وكالة مكافحة الجريمة البريطانية آدم بريستلي، الذي قال: "وجدنا على يوتيوب برنامجاً يعلم خطوة بخطوة كيفية ارتكاب جرائم الابتزاز من البداية إلى النهاية، بدءاً من إنشاء حسابات وهمية عبر المنصات، وكيفية استهداف الضحايا والحصول على أرقام هواتفهم للمراسلة، وصولاً إلى كيفية تحقيق الربح من الجريمة".
أضاف بريستلي: "ينصح معدو البرنامج باستهداف المدارس الثانوية، كما يقدمون تعليمات حول كيفية تهديد الضحايا واللغة التي يجب استخدامها"، كما لفت إلى وجود نماذج أخرى متاحة للبيع عبر الإنترنت، ومنها كتاب بعنوان "دليل الابتزاز الشامل" بسعر لا يتجاوز سبعة دولارات أميركية.
بدورها، اطلعت "ذا غارديان" على دليل مكتوب لتعليم الابتزاز الجنسي عبر الإنترنت، مؤلف من 80 صفحة، نشر على مجموعة في "تليغرام" في فبراير/ شباط الماضي. كتب الدليل، الذي أزاله المشرفون على تطبيق المراسلة بعد تنبيههم، من قبل شخص مجهول ادعى أنّه ارتكب هذه الجرائم مدة سبع سنوات، نجح خلالها في ابتزاز خمسة آلاف ضحية، حسب زعمه.
وقدّم الكاتب نصائح حول إنشاء حسابات وهمية، والتمييز بين الأهداف قصيرة الأجل وطويلة الأجل، وكيفية بدء التواصل مع الضحايا، ثم التلاعب بهم وإرغامهم على إرسال صور أو مقاطع حميمة. وزعم أنّ الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا تأتي في صدارة الدول التي تنجح فيها عمليات الابتزاز. كما شرح أن عمليات الابتزاز الجنسي انتقلت من منصات صارت أكثر تشدداً في الرقابة على هذا النوع من الاحتيال إلى منصات مختلفة.
وكشف خبراء الأمن عن أدلة على وجود ما لا يقل عن 276 معاملة مالية مع الكاتب، ويعني ذلك أن هناك أفراداً يشترون هذه الخدمات، وهو ما يشير إلى مدى احترافية هذه الجريمة، ويؤكد إمكانية تحقيق أرباح منها.
من جهته، أكّد متحدث باسم "يوتيوب" أنّ المنصة تأخذ قضية الابتزاز الجنسي "بجدية كبيرة"، لافتاً إلى وجود "سياسات صارمة لحماية مستخدمينا من عمليات الاحتيال والسلوكيات الضارة الأخرى". فيما قالت "تيك توك" إنّها اكتشفت بشكل استباقي محتوى من هذا النوع وأزالته. أما المتحدث باسم "تليغرام" فشدّد على أنّ "الابتزاز الجنسي محظور صراحةً على المنصة"، مشيراً إلى أنّ "المشرفين يقومون بمراقبة الأجزاء العامة من المنصة بشكل استباقي".
وحذّرت "ذا غارديان" من أن عمليات الابتزاز الجنسي من قبل مجرمين يوجدون عادةً في جنوب غرب أفريقيا أو جنوب شرق آسيا أدّت إلى حالات انتحار موثّقة بين المراهقين في بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا خلال السنوات الأخيرة. كما نشرت الصحيفة البريطانية دليلاً على آلية الابتزاز الجنسي عبر الإنترنت وكيفية مواجهته.
كيف تحدث عملية الابتزاز الجنسي عبر الإنترنت؟
تحدث معظم عمليات الابتزاز الجنسي في العادة عبر منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة. ووفقًا لمؤسسة مراقبة الإنترنت البريطانية، فإن الفتيان المراهقين أكثر عرضةً للوقوع في هذا النوع من الاحتيالات المالية، علماً أن نسبة الفتيات المراهقات شهدت ارتفاعاً كبيراً بدورها.
تبدأ العملية بمحادثة تبدو بريئة تتحول بسرعة إلى مغازلة، وغالباً ما يستخدم المجرمون حسابات مزيفة وصوراً مسروقةً لاكتساب ثقة الضحية. في كثير من الأحيان، تستخدم منصات مثل "إنستغرام" و"سناب تشات" و"ديسكورد" و"ويز" لـ"اصطياد" الضحايا، قبل إقناعهم بنقل المحادثة إلى تطبيقات المراسلة الخاصة.
بمجرد نجاح المجرم في كسب ثقة ضحيته، يطلب منه إرسال صور شخصية أو مقاطع فيديو حميمة. بعد تلقي هذه الصور، تتغير نبرة المهاجم بشكل سريع ويبدأ في المطالبة بالمال، مهدّداً بمشاركة المحتوى الحميم عبر الإنترنت أو مع معارف الضحية وأقربائه، في حال عدم الاستجابة له.
وأشارت "ذا غارديان" إلى أن المبتزين يدركون أن ضحاياهم المراهقين قد لا يتمكنون من الوصول إلى مبالغ كبيرة من المال، ما يدفعهم إلى طلب مبالغ صغيرة، تكون أحياناً على شكل بطاقات هدايا من "أمازون" أو "باي بال".
كيف تواجه الابتزاز الجنسي؟
أحد التحديات التي تعرقل مواجهة عمليات الابتزاز الجنسي هو عدم إدراك من يتعرض لها لحقيقة أنّهم ضحايا. كما يلعب عامل الإحراج دوراً كبيراً، إذ قد لا يريد الشباب أن يعرف آباؤهم أو أقرانهم أنهم تعرضوا للخداع. وفي حال وقع مراهق ضحية لعملية احتيال ابتزاز جنسي، يجب عدم دفع المال للجاني، خاصةً أنّ ذلك لا يضمن انتهاء عملية الابتزاز.
وبحسب وكالة مكافحة الجريمة البريطانية، من الضروري أن ينهي الضحية أي اتصال مع المجرم، إضافةً إلى حظره عن مختلف المنصات، والاحتفاظ بالأدلة مثل الرسائل والصور وأرقام الهواتف وتفاصيل الحساب المصرفي. كذلك، تشجّع الوكالة على إبلاغ الشرطة لتجنب تكرار هذا النوع من الجرائم في المستقبل.
وبإمكان العائلات دعم الأطفال والمراهقين من خلال خلق بيئة يشعرون فيها بالراحة لمناقشة الأمور الصعبة أو المحرجة، كما أن إجراء محادثات منتظمة حول السلامة عبر الإنترنت ومخاطر مشاركة المحتوى الحميمي ضرورية. فيما نصحت الدكتورة ليندا بلير أهالي الضحايا بعدم المبالغة في رد الفعل، شرحت: "الابتزاز الجنسي أمر فظيع، ولكن الأمر نفسه ينطبق على أي فعل آخر يُعرّض طفلك للاستغلال. إذا تعاملت مع الموضوع بهدوء، فسيكون الطفل قادراً على مواجهته بشكل هادئ أيضاً".