الأعمال الشامية... استنساخ رديء يقتل روح الدراما

20 ديسمبر 2020
المخرج سيف الدين سبيعي "قناديل العشاق" 2017 مسلسل ينتمي للبيئة الشامية (آرشيف)
+ الخط -

تخمةٌ تصيب إنتاجات الدراما السورية بعد تحوّل معظم الأعمال إلى البيئة الشامية انطلاقاً من طلب القنوات العربية لهذه النوعية من الأعمال البعيدة عن مفردات الحرب، وغياب سقف الرقابة المرتفع الذي يسمح للنصوص الاجتماعية بالوجود على القنوات. لذلك، تتجه الدراما السورية تدريجياً إلى صيغة تشبه وقوع الدراما الأردنية سابقاً في نمط الدراما البدوية، حيث غابت الإنتاجات الاجتماعية التي تتحدث عن الشارع الأردني لصالح المسلسلات البدوية التي تحكي قصص الصحراء، ويقتصر مداها على خطوط معدودة. وظهرت في الأعوام الفائتة أنواع جديدة من الدراما الشامية استدعت سخرية البعض وسط غياب النقد اللاذع من الصحافيين السوريين، والمصوّب لبوصلة العمل الدرامي.

قدّم المخرج بسام الملا قبل أعوام مسلسلاً شامياً ممولاً من الإمارات حمَل اسم "حمام شامي"، ومُني العمل بفشل كبير، إذْ لم تنجح الصبغة الكوميدية المقدّمة في إكساب العمل جماهيرية، خاصةً بعد تصويره خارج الحارات الدمشقية الحقيقية، ليعود اليوم الحديث عن قصة كوميدية في مسلسل شامي يحمل اسم "الكندوش" ورغم زخم أسماء الفنانين المشاركين، لكن توجد مجازفة كبيرة في بناء العمل، بدءاً من المخرج سمير حسين الذي يدخل هذه البيئة لأول مرة، وليس انتهاءً بالشركة المنتجة في باكورة أعمالها وبإشراف الفنان أيمن رضا. وليس الكوميديا فحسب، بل تحضر قصص المافيا و"الأكشن" ضمن مسلسل يجرى التحضير له يحمل اسم "باب الفراديس"، وأعلن عنه الكاتب سمير هزيم بأنه سيمتد لـ 200 حلقة على الأقل، في حين قدّم هزيم العام الفائت مسلسل "بروكار"، وحاول من خلاله إدخال خطوط بوليسية على الحارة الشامية، فبدا العمل منهكاً تائهاً بين الوطنية الاستعراضية والإخراج المترّهل والأفكار المقحمة بفجاجة.

تجربتان شاميتان في الدراما لم تفلحا في رفع الجماهيرية رغم البذخ الإنتاجي. الأولى كانت بإشراف المنتج مفيد الرفاعي عبر مسلسل "بنت الشهبندر"، والذي صوّر كاملاً في لبنان بحضور نجوم من الصف الأول في سورية ولبنان، لكنّ النتيجة كانت عكسية، وبدا إخراج سيف سبيعي ضعيفاً للغاية، ولم ينجح هوزان عكو في نقل تفاصيل حقيقة للبيئة الشامية. ثم جاء مسلسل "حرملك" بجزأيه حيث صوّر في أبوظبي واستقطب نجوماً عرباً. وكحال سابقه، لم يتمكن المسلسل من إقناع الجمهور بواقعية الديكورات الجاهزة، فضلاً عن التسيس الواضح للحكاية وقولبتها لمهاجمة الإخوان المسلمين تحت شعار التطرف الديني. في حين يجرى التحضير لأعمال شامية عديدة خارج سورية، منها "عرس الحارة" للكاتب مروان قاووق المقرر تصويره في لبنان، ومسلسل "الدومري" للكاتب عثمان جحا على أن يصوّر في الإمارات، مع احتمالية تقديم جزء ثالث من مسلسل "حرملك".

سينما ودراما
التحديثات الحية

بعد الانتشار الكبير لمسلسل "باب الحارة" ارتأت شبكة MBC قبل عامين تقديم نسخة سعودية من العمل السوري الأشهر، وحملَ المسلسل الجديد اسم "حارة الشيخ"، وتمّ استقدام المخرج السوري المثنى صبح لتنفيذه في نمط مشابه للحارة الشامية ولكنّ بشخصيات سعودية، وباتكاءٍ على تاريخ الرياض في القرن الفائت. ورغم النيّة لاستمرار العمل لأجزاء متتالية، لكنّ الشبكة السعودية انتقت صبح لمتابعة إخراج مسلسل "سوق الحرير" بعد فشل الجزء الأول في كسب جماهيرية الشارعين السوري والعربي. في حين يستعد المخرج الليث حجو لتعريب قصة "سفر برلك" وإخراجها من نطاق أحياء دمشق إلى صبغة مصرية سعودية ببهارات سورية لبنانية عبر عمل ضخم بإشراف المخرج حاتم علي.

على المقلب الآخر لا يترك النظام السوري الفرصة تفوته دون تأطير أيدولوجيته الرّثة ضمن المسلسلات الشامية. فقد عمدَ إلى ذلك سابقاً ضمن أجزاء "باب الحارة" قبل أن يتبع ذلك بسلسلة من الأعمال الشامية المليئة برسائل سياسية موجهة ضد تركيا تارة وضد دول الخليج تارة أخرى. إذْ قدّمت مؤسسة الإنتاج التلفزيوني عملاً يحمل اسم "شوارع الشام العتيقة" بإشراف من وزارة الإعلام، وتستعد لعمل آخر يحمل اسم "المغدورة".

المساهمون