اكتفاء ذاتي في الجزائر بالإنتاجات التلفزيونية المحلية في رمضان

05 ابريل 2023
أثار مسلسل "الدامة" جدلاً كبيراً (فيسبوك)
+ الخط -

حقّق الإنتاج التلفزيوني المخصّص للعرض في شهر رمضان في الجزائر هذا العام اكتفاءً ذاتياً بالإنتاجات المحلية، التي غطت حاجة كلّ القنوات، والتي تنوّعت من برامج الكاميرا الخفية إلى البرامج الدينية، وصولاً إلى المسلسلات الدرامية.

وتبثّ القنوات التلفزيونية المحلية في الجزائر خلال شهر رمضان كمّاً كبيرا من الإنتاجات التلفزيونية مختلفة الأنواع والمضامين، من برامج الطبخ والبرامج الدينية، إلى برامج الضحك والكاميرا الخفية، لكنّ الحضور الأبرز هذا العام كان للدراما المحلية التي غطت حاجيات القنوات المحلية من دون الحاجة إلى استيراد إنتاجات فنية من دولٍ أخرى، مثلما جرت العادة في العقود الماضية.

ونجح صناع الدراما في الجزائر في توفير عدد مقبول من المسلسلات التي تبثّ في الوقت الحالي، من بينها تلك التي أثارت كثيراً من الجدل واللغط حول مضمونها، على غرار مسلسل "الدامة" الذي أخرجه يحيى مزاحم، ويتناول الواقع المعيشي في حي شعبي معروف في العاصمة هو باب الواد، ووجهت إليه الانتقادات بسبب تركيزه على المخدرات والآفات الاجتماعية، إضافة إلى مسلسل "حداش حداش"، الذي يشارك فيه وزير الصناعة السينمائية السابق يوسف سحيري، والذي يتطرق أيضاً إلى العلاقات الاجتماعية وتناقضاتها.

ويبثّ في السياق مسلسل درامي عميق يحمل عنوان "عين الجنة"، والذي يعدّ مسلسلاً ناجحاً، خاصةً بسبب معالجته لواقع الحياة الاجتماعية والسياسية والانتخابات في مدن الداخل والعمق الجزائري. ويبثّ مسلسل في قالب فكاهي آخر بعنوان "دار لفشوش" عن يوميات عائلة أرستقراطية.

وفيما استمرت برامج السكتشات الفكاهية على أغلب القنوات التلفزيونية في الجزائر، على غرار "دقيوس ومقيوس" و"اللاز" و"أخو البنات"، فقد لوحظ تراجع أعداد برامج الكاميرا الخفية إلى 3 فقط.

وبغض النظر عن نقاش المحتوى والمضمون، فإنّ بعض المتابعين يعتبرون أن وفرة الإنتاجات التلفزيونية المحلية الموجهة للبث في شهر رمضان تعدّ عاملاً إيجابياً، معتبرة أنّ هذه الوفرة ستؤدي إلى التنافسية، والتي ستفرض على المنتجين في المرحلة المقبلة تقديم إنتاجات أفضل، بالإضافة إلى أنّ ذلك سيتيح توفير فرص عمل أكبر لممثلين وتقنيين من كلّ مناطق الجزائر، وكذلك التنوّع في القضايا التي تتمّ معالجتها.

وقال المنتج والمخرج محمد والي، والذي حاز مؤخراً على جائزة في مهرجان الإسماعيلية للأفلام الوثائقية: "لأول مرة في الموسم الرمضاني نشاهد عودة الإنتاج الدرامي بشكل أكبر من السابق، وهذه سابقة شهدتها القنوات التلفزيونية العامة والخاصة".

وأشار والي إلى أنّ أهم ما اتسم به الموسم الدرامي هو الانقسام حول مسلسل "الدامة" والجدل الذي صاحبه، معتبراً أنّ "ما يحدث من حركة ونقاش سيفتح شهية المنتجين لطرق مواضيع جديدة، خاصة أنّ الواقع الجزائري بمختلف مواضيعه لم تستثمره الدراما لليوم".

ورأى أنّ الإقبال على الإنتاج المحلي هذا العام "قد يشجّع المنتجين ويحفز العملية الإنتاجية خلال السنوات المقبلة".

أمّا الخبير في الإعلام والاتصال الجماهيري أحمد غلاق فأكّد، في حديث مع "العربي الجديد"، ضرورة أن تأخذ مضامين هذه الأعمال "حقّها من النقاش أيضاً". وقال: "صحيح أن كمية الإنتاجات التلفزيونية هذه المرة كانت وافية وغزيرة، وهذا يؤشر على زيادة في مؤسسات الإنتاج الفني وتنوعها، لكن لا ينبغي الفصل بين الإنتاج الكمي وبين نقاشات المضمون والقضايا التي تعالجها، لأن المضمون مهم".

وأضاف غلاق: "أتوقع أنه كلما زادت الإنتاجات والمنتجون ازداد التنافس الذي سيسمح ببروز الأفضل والأكثر إقناعاً للمشاهد، لكن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أيضا مسألة النزاهة في بث الإنتاجات الفنية مستقبلاً، والتي قد لا تتحكم فيها التنافسية والجدية والمضمون وحدها، بقدر ما تتدخل فيها عوامل أخرى غير نزيهة".

من جهته، اعتبر الكاتب والناقد عبد العالي زواغي أنّ تحقيق الاكتفاء من الإنتاج التلفزيوني الرمضاني في الجزائر "إنجاز"، لكونها "أعمالا تطرق موضوعات من صميم المجتمع الجزائري وثقافته، على عكس السابق حين كان المشاهد الجزائري أسيرا لمسلسلات تعرض محتوى وموضوعات بعيدة عمّا يعيشه، وتحيله على ثقافات وقيم غريبة عنه".

وأضاف زواغي أنّ "هذه الوفرة في الإنتاج فكّت العقدة الأساسية في الصناعة السينمائية التي عانت لسنوات من شح مخرجاتها وضعف إخراجها وقوالبها الفنية الباهتة". لكنّه نبه إلى أنّها "تحتاج إلى التحسين والتقييم المستمر لتتطور أكثر، لاسيما من حيث طريقة معالجة الموضوعات المتناولة ومراعاة الخصوصيات التي تميز العائلة الجزائرية، وإدخال التقنيات الحديثة التي تساعد على إعطاء مشاهد عالية القيمة الفنية".

المساهمون