دقائق فقط فصلت منشورين للصحافية شذى حماد على منصة التواصل الاجتماعي "تويتر"، حول قضية حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، إلى أن وصلتها رسالة تنبهها إلى مخالفتها قواعد النشر وحظرها من التغريد، ثم حُذف حسابها. أعيد تفعيل الحساب بعد نحو 4 ساعات من إغلاقه وتواصل صاحبته مع مركز "صدى سوشال".
حساب حماد واحد من نحو 70 حساباً على "تويتر" رصد مركز "صدى سوشال" انتهاكات بحقها خلال أقل من 24 ساعة، لناشطين وصحافيين غردوا عبر وسمي "#الشيخ_جراح" أو "#أنقذوا_الشيخ_جراح"، في ما يبدو استهدافاً لحملة التضامن مع الحي المقدسي المهدد بترحيل سكانه الفلسطينيين لصالح المستوطنين الإسرائيليين.
تمكن "صدى سوشال"، مساء اليوم الجمعة، من استعادة حسابات "تويتر" التي وثق إغلاقها.
أكدت شذى حماد، لـ"العربي الجديد"، أنها نشرت فيديو متداولاً عبر مجموعات صحافية، يظهر اعتداء المستوطنين على مائدة إفطار أهالي الشيخ جراح وما تبعه من مواجهات، وأنها نشرت على "تويتر" معلومات عن قضية الحي، مرفقة بوسم باسمه، لتصلها رسائل حظر النشر بعد دقائق. وترى أن ما حصل معها ومع العشرات غيرها "ليس إلا انحيازاً واضحاً من إدارات مواقع التواصل الاجتماعي" إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي. وتشير إلى أن هذا الاستهداف يأتي بعد اتساع التفاعل مع قضية حي الشيخ جراح محلياً ودولياً، وبأكثر من لغة.
الحسابات أعيد تفعيلها بعد تواصل مركز "صدى سوشال" مع إدارة موقع "تويتر". لكن المركز، كما يقول مديره إياد الرفاعي لـ"العربي الجديد"، لا يزال ينتظر الرد من "تويتر" حول أسباب تعليق الحسابات.
يعتقد الرفاعي أنّ إجراء "تويتر" يأتي بطلب من جهات إسرائيلية، لأنها عملية منظمة وعلى أكثر من منصة، مشيراً إلى تعليق حساب الناشطة منى الكرد، وهي من سكان حي الشيخ جراح، على منصة "إنستغرام"، التي تملكها شركة "فيسبوك"، قبل إعادة تفعيله يوم الأربعاء.
رصد المركز حذف محتوى حول الحي على "إنستغرام"، ووجه رسالة لإدارة المنصة، ولا يزال ينتظر الردّ. وكشف، مساء الجمعة، بأن "إنستغرام" أخفت وسم "#الأقصى" الذي نقل مستخدمون عبره الأحداث الميدانية واعتداء الاحتلال الإسرائيلي على القدس والمسجد الأقصى.
طالب المركز عبر رسائله بتوضيح الأسباب التي تدفع المنصات إلى إزالة المحتوى الخاص بحي الشيخ جراح، وتحديداً تلك التي تنقل وجهة النظر الفلسطينية. ووصف المركز إغلاق هذه الحسابات بأنه "عقاب للناشطين وتواطؤ بين إدارة (تويتر) وأجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي، لخفض التفاعل مع قضية الحي"، في بيان أصدره الخميس.
مركز "صدى سوشال" مبادرة شبابية فلسطينية تتعامل مع إدارات مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لإنصاف المحتوى الفلسطيني، وتوثق الانتهاكات التي يتعرض لها هذا المحتوى.
رفض أهالي الشيخ جراح، يوم أمس الخميس، مقترحاً من محكمة الاحتلال الإسرائيلي العليا في القدس يقضي بإبرام اتفاق تسوية بينهم وبين المستوطنين حول ملكية منازلهم. جاء قرار محكمة الاحتلال بعد قرارات عدة بشأن إخلاء عائلات حي الشيخ جراح، رفضت خلالها استئنافات قُدّمت لها. وعلى الرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على القضية، إلا أن محاكم الاحتلال لم تناقش ملكية الأرض، بل اكتفت بوثيقة تقدّمت بها الجمعيات الاستيطانية، وثبت عدم وجود أي أصل لها في الأرشيف العثماني، تدعي من خلالها تسجيل وملكية الأرض عام 1972، وبررت المحاكم حكمها لصالح الجمعيات الاستيطانية بحجة التقادم.
وكان حي الشيخ جراح قد شهد على مدى الأيام القليلة الماضية مواجهات واشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي التي بادرت إلى الاعتداء على الأهالي، في معركة يصرّ أهالي الحي على مواصلتها لمواجهة الهجمة الاستيطانية الشرسة ضدهم.
لم تشهد مواقع التواصل الاجتماعي حملة انتهاكات واستهداف كالحالية، فالمنصات اعتادت سابقاً على ملاحقة كلمات مفتاحية بعينها، كأسماء الشهداء وصورهم أو أسماء فصائل فلسطينية، لكن هذه المرة الأولى التي يتركز فيها الهجوم على قضية محددة، "ما يدل على أنها بطلب من جهات إسرائيلية لطمس الرواية الفلسطينية والتفرد بالإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي"، وفقاً للرفاعي.
في تقرير عن شهر إبريل/ نيسان الماضي، نشره "صدى سوشال" الأحد الماضي، وثّق 38 انتهاكاً للمحتوى الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي. وذكر أن أكثر الانتهاكات كانت على موقع "فيسبوك" وطاولت 30 حساباً، ثم "إنستغرام" (3 حسابات)، و"تويتر" (2)، ثم "تيك توك" و"يوتيوب" و"واتساب"، وطاولت حساباً واحداً في كل منها.
كما منعت "فيسبوك" الندوة الرقمية "حول الرواية والمقاومة والحقوق الأكاديمية"، التي أعاد تنظيمها "البرنامج الأكاديمي لدراسات الجالية العربية والمسلمة في المهجر" في "جامعة سان فرانسيسكو". واستطاع المركز استعادة صفحة الأسير والقيادي مروان البرغوثي، بعدما حذفتها "فيسبوك"، الشهر الماضي.
من جهة ثانية، كشفت شركة "فيسبوك"، في 21 إبريل/نيسان، أنها فككت شبكة مخترقين تستخدمها أجهزة استخبارات السلطة الفلسطينية في محاولة للتجسس على صحافيين وناشطين حقوقيين ومنتقدين للحكومة. وأضافت "فيسبوك" أن الشبكة التي تتخذ من الضفة الغربية مقرا لهاً استهدفت أفراداً في الأراضي الفلسطينية وسورية، وبدرجة أقل في تركيا والعراق ولبنان وليبيا.