ناشطون يطالبون بوقف الفيلم الأردني"أميرة" بدعوى "إساءته" إلى أسرى فلسطين

08 ديسمبر 2021
فيلم "أميرة" يمثل الأردن في المنافسات على جائزة "أوسكار" 2022 (يوتيوب)
+ الخط -

دانت الحركة الفلسطينية الأسيرة في سجون الاحتلال، اليوم الأربعاء، ما قالت إنها إساءة قدمها فيلم "أميرة"، الذي يمثل الأردن في المنافسات على جائزة "أوسكار" 2022، لقضية الأسرى، داعية إلى سحب الفيلم ومعاقبة "جميع من شارك في هذه الجريمة مِن منتجين ومخرجين وممثلين ومسوقين".

وتوالت ردود الفعل بعد يوم واحد من عرض الفيلم في افتتاح الدورة الثانية عشرة من مهرجان "كرامة لأفلام حقوق الإنسان" في العاصمة الأردنية عمّان، الأحد الماضي، بالتزامن مع وسم "#اسحبوا_فيلم_أميرة"، الذي لقي تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اتهمه ناشطون بأنه يعكس صورة مغايرة للواقع، ويسيء مباشرةً إلى الأسرى في قضية "النطف المحررة".

وقالت الحركة الأسيرة في بيان لها: "في الوقت الذي نخوض فيه حرباً على جميع الأصعدة مع مصلحة سجون العدو الصهيوني، الذي لا يتوانى عن استخدام كافة الوسائل المادية والمعنوية لتشويهنا، وتحديداً بعد معركة تحرر ستة من أبطالنا وإعادة أسرهم، يصدمنا نفرٌ من ناطقي اللغة العربية في معاونة آسرنا -بقصدٍ وغير قصد- في معركته الشرسة ضد أنفاسنا التي تتحرر رغماً عن أنفه عبر (النُّطف المحرَّرَة)".

 وأضافت أن الفيلم "مسَّ صانعوه والمروجون له بنضالات الأسرى وعوائلهم، حيث اختلقوا كذبةً لتسويق حبكتهم حتى يأكلوا الخبز الحرام ويحصلوا على الشُّهرة المشبوهة".

وتدور أحداث الفيلم حول فتاة تدعى "أميرة" (الممثلة الأردنية الشابة تارا عبود)، وهي مراهقة فلسطينية ولدت بعملية تلقيح مجهري، بعد تهريب نطفة والدها "نوار" (الممثل الفلسطيني علي سليمان)، السجين في السجون الإسرائيلية.

وعلى الرغم من اقتصار علاقتهما على زيارات السجن، يظل "نوار" بطل "أميرة"، ويعوضها حب من حولها عن غيابه، لكن عندما تفشل محاولات إنجاب طفل آخر، يُكشف أن "نوار" عقيم، فتنقلب حياة "أميرة" رأساً على عقب، إذ ترفض والدتها (صبا مبارك)، الكشف عن والدها الحقيقي بداية، قبل أن يظهر أن النطفة المهربة تعود إلى ضابط إسرائيلي، فتطلب من "أميرة" الهرب خارج فلسطين للمحافظة على حياتها.

الحركة الأسيرة: الرواية كاذبة ومسيئة للأسرى ولأعظم ظاهرة في التاريخ الحديث (النطف المحررة).

وتابعت الحركة الأسيرة في بيانها: "تم التواصل مع منتج الفيلم الرئيسي عام 2019 من قبل الحركة الأسيرة عبر قنوات عدة، وأهمها إحدى زوجات الأسرى، والتي كانت تحمل في أحشائها (نطفة محررة)، معترضةً على الحبكة المسيئة، وعارضةً خدمات الحركة الأسيرة الكاملة للمساعدة في توفير الرواية الصحيحة والتي تتنافى مع ما ذهبت إليه قاعدة الفيلم الأصلية".

وأردفت الحركة الأسيرة: "قد ظننَّا في حينها بأنهم قد قدموا الحقيقة على الربح الحرام، بعد أن أوضحنا لهم استحالة ثقتنا بالسجان في الأمور البسيطة، فكيف بأقدس شيءٍ لدينا (أبناؤنا الذين من أصلابنا؟!)، لنفاجأ بعرض الرواية الكاذبة والخاطئة والمسيئة للأسرى ولأعظم ظاهرة في التاريخ الحديث (النطف المحررة)".

وفي بيان لها، دانت وزارة الثقافة الفلسطينية، اليوم الأربعاء، إنتاجَ فيلم "أميرة"، الذي "يعتدي ويسيء بكل وضوح لكرامة الأسرى وبطولاتهم وتاريخهم الكفاحي العظيم، حيث يتناول عملية تهريب النّطف من سجون الاحتلال".

الثقافة تدين إنتاج وعرض فيلم "أميرة" أدانت وزارة الثقافة الفلسطينية في بيان لها اليوم الأربعاء، إنتاجَ ما يسمى بفيلم "...

Posted by ‎وزارة الثقافة الفلسطينية The Palestinian Ministry of Culture‎ on Wednesday, 8 December 2021

وقال وزير الثقافة عاطف أبو سيف إن "الفيلم يمس بشكل واضح قضية هامة من قضايا شعبنا، ويضرب روايتنا الوطنية والنضالية، وقد تم قبل أكثر من ثلاثة أسابيع عقد اجتماع حضرته مكونات الحركة الوطنية والأسيرة من أجل تداول الخطوات الواجب اتخاذها من أجل التصدي للتداعيات السلبية لمثل هذا الفيلم".

وأضاف أن وزارته "خاطبت في حينها وزارة الثقافة الأردنية بالشأن، وبعد ذلك تم التواصل مع الهيئة الملكية للأفلام وتوضيح ما يشكله الفيلم من إساءة ومساس بقضية مقدسة".

بدورها، قالت مديرة مهرجان كرامة، سوسن دروزة، لـ"العربي الجديد"، إنه ستُعقَد جلسة نقاشية حول الفيلم وما أثاره من جدل في وقت لاحق (اليوم الأربعاء)، كاشفة عن أن المهرجان قد يصدر بياناً صحافياً يعبّر عن موقفه من الفيلم وتداعياته.

ووصفت الإعلامية أحكام الدجاني، متحدثة لـ"العربي الجديد"، الفيلم بـ"المشبوه"، مؤكدة أن التبرير الذي وضعه المخرج محمد دياب على شارة نهاية الفيلم بأنه تم التأكد من نطف الأسرى الفلسطينين وسلامة نسبهم خلال السنوات العشر الأخيرة، لا يعفي الفيلم من الإساءة إلى الأسرى وعائلاتهم، رافضة تصريح المخرج بأن كل فيلم يعتمد على الخيال الأدبي في جزء منه لخلق الإثارة والتشويق.

وكانت الفنانة صبا مبارك قد صرحت في وقت سابق لـ"العربي الجديد" حول الفيلم، قائلة "يحمل الفيلم قضية إنسانية يعاني منها الأسرى الفلسطينيون وعائلاتهم، ضمن سياق درامي إنساني. نحن نحاول تسليط الضوء على ما يعانيه الفلسطينيون ونقله إلى العالم". وكانت مبارك قد غردت، في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، قائلة إنّ مشاركتها في الفيلم "من أكثر اللحظات الي رح أتذكرها، صح مبينة مسترخية بس كنت خايفة ومتحمسة وقلبي بيدق بسرعة كثير، ردود الفعل على الفيلم كانت خيالية".

وزير الثقافة الفلسطيني: الفيلم يمس بشكل واضح قضية هامة من قضايا شعبنا ويضرب روايتنا الوطنية والنضالية

وأكد الإعلامي الأردني علاء برقان، في صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أن الفيلم يمثّل "إساءة وتشويهاً للأسرى في سجون الاحتلال ونضالهم المستمر داخل السجون، وهو يخدم رواية الاحتلال".

وتساءل برقان عن دور هيئة الإعلام باعتبارها المؤسسة الرسمية المعنية بالرقابة على المحتوى الإعلامي الأردني قبل بثّه، مطالباً في هذا السياق بوقف بث الفيلم فوراً وسحبه من المنصات كافة، وتحويل المنتج إلى لجنة تحقيق لمعرفة دوافعه.

وقالت الناشطة في مجال الدفاع عن الأسرى شيرين نافع إن "أسوأ ما يمكن تقديمه للقضية الفلسطينية أن تناقشها بطريقة مشوهة ليست واقعية، وهذا ما حدث في فيلم أميرة". وأضافت "فيلم أميرة الذي بُثّ في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في عمان، اختاره الأردن ليمثله في الأوسكار، رغم ما يشكله من إساءة كبيرة لقضية الأسرى ولسفراء الحرية"، مطالبة في هذا السياق طاقم العمل بالاعتذار عن هذا التشويه.

الفيلم الذي رشحه الأردن لتمثيله في الدورة الـ94 لجوائز "أوسكار" للتنافس عن فئة الأفلام الطويلة الدولية لسنة 2022، هو من إنتاج أردني، فلسطيني، مصري، مشترك، من إخراج المصري محمد دياب، وأشرف على إنتاجه محمد حفظي، رئيس "مهرجان القاهرة السينمائي"، بمشاركة منى عبد الوهاب ومعز مسعود ويوسف الطاهر ورولا ناصر.

ومن المقرر أن تعلن "أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة" في 21 ديسمبر/ كانون الأول الحالي عن القائمة النهائية للأفلام المؤهلة إلى النهائيات لحفل جوائز الـ"أوسكار" لعام 2022، فيما ستُعلَن الأفلام المرشحة في 8 فبراير/شباط المقبل، وسيقام حفل توزيع جوائز "أوسكار" الـ94 في 27 مارس/آذار 2022.

ويضم فريق الفيلم النجمة الأردنية صبا مبارك والممثلة الأردنية الصاعدة تارا عبود التي لعبت شخصية "أميرة"، والممثل الأردني صهيب نشوان، والممثلين الفلسطينيين علي سليمان وزياد بكري ووليد زعيتر وقيس ناشف. وكان الفيلم قد نال ثلاث جوائز أخيراً من "مهرجان فينيسيا السينمائي"، وهي جائزة "لانتيرنا ماجيكا" التي تمنحها "جمعية تشينيتشيركولي الوطنية الاجتماعية الثقافية للشباب" (CGS)، و"جائزة إنريكو فولتشينيوني" التي يمنحها "المجلس الدولي للسينما والتلفزيون والإعلام السمعي البصري" بالتعاون مع منظمة "يونسكو"، وجائزة "إنترفيلم" لتعزيز الحوار بين الأديان.

كذلك حصل على تنويه خاص من لجنة تحكيم "مهرجان أيام قرطاج السينمائية"، حيث شارك في المسابقة الرسمية، وسينافس هذه الأيام على جائزة قسم اختيارات عالمية في "مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي" في دورته الأولى المقامة في جدة، في المملكة العربية السعودية.

المساهمون