"أوبنهايمر" و"باربي" مُتخفيّان في روسيا

07 أكتوبر 2023
أعلنت الاستوديوهات الأميركية خروجها من السوق الروسية (مارك ماكيلا/Getty)
+ الخط -

قد يقرأ المشاهد الروسي أن صالة سينما تعرض فيلماً قصيراً، لكن في الحقيقة هذا ليس سوى سِتار لعرض "باربي" في الصالة، بطريقة تتخطى القيود المفروضة على روسيا بعد غزو أوكرانيا. ولمشاهدة "أوبنهايمر"، الفيلم الأميركي الناجح الآخر، سيكون على المشاهد البحث عن "دوباك"، وهو فيلم كرتون بعيد كل البعد عن قصة القنبلة الذرية.

وكشفت صحيفة لوموند الفرنسية أن صالات السينما تعلن أنها ستعرض عملاً باسم آخر، ثم تقدّم معه عرضاً "مجانياً" لـ"باربي" و"أوبنهايمر". ولفتت إلى أن الاستمتاع بالفيلم "لا يحتاج إلا إلى القليل من الجمباز الفكري، إذ يجب أن يعرف المشاهد اسم العمل الذي يخفي الفيلم الحقيقي".

وتتمتع روسيا بتاريخ طويل من قرصنة الأفلام. في تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عرض سوق غوربوشكا في موسكو أقراص دي في دي تجمع ما يصل إلى عشرة أفلام شعبية على نفس القرص، ثم تولّت منصات الإنترنت هذه المهمة، وها هي ذي دور السينما نفسها الآن تعمد إلى قرصنة الأفلام العالمية، منذ الحرب الروسية على أوكرانيا.

وبعد الغزو الروسي، أعلنت الاستوديوهات الأميركية خروجها من السوق الروسية. في البداية كانت دور السينما على شفير الكارثة: جمهور متعطش ولا شيء يمكن عرضه له. وواجه 41% على الأقل من دور السينما الروسية، البالغ عددها 5700 صالة، الإغلاق على الأقل مؤقتاً، وبعضها من دون أمل في التعافي مجدداً. وظهر حل القرصنة. كانت البدايات فوضوية، مع أساليب مختلفة، أكثر أو أقل دقة، مثل توزيع النسخ المقرصنة الموجودة على الإنترنت، وتغيير بسيط في اسم الفيلم، والشراء من البلدان المجاورة التي تبث نسخاً ناطقة بالروسية.  لكن فيلم Avatar: The Way of Water أدى إلى ولادة حيلة الفيلم القصير للترويج للفيلم الأميركي، التي طُبّقت على "باربي" و"أوبنهايمر".

نجوم وفن
التحديثات الحية

وأكدت "لوموند" أن هذه الحيلة لا تخدع أحداً، لكن الموزعين على الأقل يحاولون التظاهر بعدم خرق القوانين التي تحظر القرصنة. في الواقع، السلطات أيضاً تغض الطرف، بل إن مشروع قانون طُرح على مجلس الدوما في أغسطس/ آب، يهدف إلى إنشاء "آلية ترخيص إلزامية" للأفلام "القادمة من دول غير صديقة"، لإضفاء الشرعية على القرصنة. لكن المشروع ظل على حاله وما زالت الحكومة ترفض المغامرة به.

وعلى الرغم من موافقتها على القرصنة، وحرصها على عدم حرمان الجمهور من الترفيه، فإن السلطات الروسية لا تزال حذرة تجاه الإنتاجات الغربية. وبحسب بعض المعايير الروسية، لا تحقق "باربي" ولا "أوبنهايمر" ما يسمى بـ"هدف الحفاظ على القيم التقليدية والروحية الروسية وتعزيزها". وهاجمت الأصوات الأكثر محافظة في البلاد الفيلمين، ودعت إلى حظرهما بشكل كامل، في بلد تُعتَبر فيه "النسوية" إهانة و"الدعاية المثلية" جريمة يعاقب عليها بالسجن.

ومع ذلك، عُرِض الفيلمان في 249 مدينة روسية، بينما غطّى بعض دور السينما قبلة عابرة للدمية كين على الخد من قبل رجلين. وهو ما من المرجح أن يكون رقابة ذاتية من أصحاب الصالات لتجنّب الوقوع في مخالفة قانون "الدعاية للعلاقات الجنسية غير التقليدية".

وبينما تعيش السينما الغربية النجاح، ولو بشكل غير قانوني، في روسيا، تعيش السينما الروسية نفسها الخراب. غادر جميع المخرجين المشهورين تقريباً روسيا في 2022، وهم أولئك الذين أحدثت أفلامهم ضجة وعُرضت في الخارج. وقد مُنعت أحدث إنتاجاتهم من البث، إما لأنها لا تتوافق مع الشرائع الجديدة في الوقت الحالي، أو لأن مؤلفيها أو بعض ممثليها يعاقَبون على عدائهم للحرب. وبالتالي جرى تجاهل ما لا يقل عن ثمانية أفلام صدرت عام 2022، بما في ذلك إنتاجات كيريل سيريبرينيكوف وألكسندر سوكوروف. في المقابل جرى توجيه المبالغ الهائلة المخططة لدعم الإنتاجات الوطنية (30 مليار روبل/أكثر من 300 مليون دولار) نحو المخرجين الذين يعتَبرون أكثر ولاءً.

المساهمون