أندريس سيرانو... كلّ شيء عن دونالد ترامب

20 اغسطس 2024
ما الذي يمكن أن يجمعه فنان بصري مثل أندريس سيرانو عن دونالد ترامب؟ (جويل ساغيت/ فرانس برس)
+ الخط -

من هو دونالد ترامب الذي ينافس على منصب الرئيس في الانتخابات الأميركية؟ قد يبدو السؤال غريباً، فالرجل سبق أن تولى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية ويعرفه العالم جيداً. ومن لا يعرف دونالد ترامب؟ الرئيس الأكثر استقطاباً في تاريخ الولايات المتحدة؟
الفنان والمصور الأميركي أندريس سيرانو (Andres Serrano) لا يرى أن طرح مثل هذا السؤال غريباً، فرغم شهرة ترامب، إلا أننا نكاد نجهل حقيقته، هو حتى قد لا يعرف نفسه. هكذا يقول الفنان الذي أمضى أعواماً في جمع كل ما يتعلق بترامب وحياته، منذ صعود نجمه في الثمانينيات حتى توليه رئاسة الولايات المتحدة الأميركية. جمع أندريس سيرانو كل ذلك في كتابه "اللعبة: كل شيء عن ترامب" (2020)، وحظي باهتمام لافت حتى من ترامب نفسه. نشر الرئيس الأميركي السابق قبل أيام صورة له وهو يحمل نسخة من الكتاب محتفياً ومتفاخراً بضمها إلى مكتبته. ربما اعتبر مضمون الكتاب نوعاً من المدح في شخصه.
ما الذي يمكن أن يجمعه فنان بصري مثل أندريس سيرانو عن دونالد ترامب إذاً؟ منذ أن قرر تتبع سيرته قبل ستة أعوام، جمع الفنان كل شيء له علاقة بترامب. راوحت المقتنيات التي جمعها سيرانو بين المتعلقات الشخصية والأوراق الرسمية وغير الرسمية والألعاب والرسوم الهزلية التي حصل على أغلبها عن طريق المزادات، أو من على موقع إي باي (eBay). بعض هذه العناصر تبدو تافهة، كعبوات مثبت الشعر أو أوراق اللعب، لكنها قد تضيء جانباً من هذه الشخصية المتناقضة لترامب كما يقول الفنان. من المهم أن نذكر أيضاً أن سيرانو قد أنفق ما يزيد عن 200 ألف دولار في رحلة بحثه هذه كما يقول. يضم كتاب سيرانو صوراً لكل هذه الأشياء الغريبة التي جمعها في سبيله لرسم صورة قريبة لشخصية ترامب.
الكتاب نفسه يُمثل مرجعاً لمعرضين متزامنين عن ترامب؛ الأول في هولندا والآخر في فرنسا، وكلاهما تحت إشراف مؤلف الكتاب. المعرض المُقام في هولندا تستضيفه مؤسسة غرونينغن (Groningen) للفنون حتى الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، تحت عنوان "أميركا وترامب"، ويضم ثلاثة مشاريع فنية قدمها سيرانو خلال مسيرته المهنية. في هذه المشاريع الثلاثة، سعى الفنان إلى استكشاف صورة المجتمع الأميركي محاولاً فهم الكيفية التي أوصلت رجلاً مثل دونالد ترامب إلى أعلى منصب في الولايات المتحدة.
أول هذه المشاريع الفنية هو "أميركا"، وهو عبارة عن سلسلة من الصور الفوتوغرافية لأشخاص أميركيين من مستويات اجتماعية مختلفة، من رجال الإطفاء ومدمني المخدرات والمُشردين إلى نجوم المجتمع الأميركي، مثل ترامب نفسه. هذه المجموعة من الصور التي عرضها الفنان لأول مرة في عام 2004، تمثل وجه أميركا كما يقول سيرانو، فكل شخصية من هذه الشخصيات التي انتقاها تعبر عن جانب مختلف في المجتمع الأميركي المليء بالتناقضات.
المشروع الثاني عبارة عن شريط فيديو قصير أنتجه الفنان في عام 2022 تحت عنوان "تمرد"، وهو أول تجربة للفنان في توظيف الفيديو في أعماله. ويأتي العمل استجابة لأحداث السادس من يناير/ كانون الثاني 2021، عندما تحولت الاحتجاجات ضد نتائج انتخابات نوفمبر 2020 إلى هجوم على مبنى الكابيتول بالولايات المتحدة.
أما المشروع الأخير "اللعبة: كل شيء عن ترامب" فيحتل الحيز الأكبر من مساحة العرض، وهو عبارة عن تركيب من العناصر التي جمعها الفنان وتُغطي مساحة طابقين من المبنى. يُعبّر التركيب عن العالم الذي بناه دونالد ترامب حول نفسه منذ الثمانينيات من القرن الماضي. يضم التركيب نحو ألف قطعة، من الهدايا التذكارية والأوراق والعناصر التي تحمل أسماء الفنادق والكازينوهات التي يملكها، إلى الأدوات الرياضية وأغلفة المجلات والصور الفوتوغرافية. بين المعروضات قبعة حمراء نُقش عليها الشعار الذي استخدمه ترامب في حملته الانتخابية "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى".

تضمن التركيب الذي يشبه متجر الخردة عشرات الصور المنشورة لترامب في الصحف الأميركية على مدى الثلاثين عاماً الماضية، ونماذج لعلاماته التجارية، وحتى إخطارات الحجز التي أصدرها على الآخرين. تكشف كل هذه العناصر عن جوانب مختلفة ومتناقضة، كأنها تخص مجموعة من الأشخاص وليس شخصاً واحداً. تكشف المعروضات عن العديد من الأوجه للرئيس الأميركي الخامس والأربعين، من تدينه الشكلي وفضائحه الجنسية ونجوميته المصنوعة، وحتى جنونه بالشهرة واضطرابه وتهوره وقسوته وشعوره بالعظمة وفظاظته. يقول سيرانو إنه أراد أن يرسم صورة لدونالد ترامب باستخدام فرشاته الخاصة وتصوره عن نفسه بأنه نموذج للرجل الأميركي.

سبق وأقيم المعرض نفسه في الولايات المتحدة عام 2022، لكنه قوبل حينها باستهجان مناصري ترامب ومنافسيه. اتهم منافسو ترامب الفنان بتمجيده وتحويله إلى أسطورة، ووصفوا المعرض بأنه نوع من الترويج غير المُباشر لترامب. في المقابل، لم تُعجب أنصار ترامب الإشاراتُ التي تضمنها المعرض وفضائحه الأخلاقية واتهموا الفنان بالتحيز ضده.
أما المعرض الآخر في باريس، فيستضيفه متحف مايول (Maillol) ويُقام تحت عنوان "أندريس سيرانو: صور أميركا". معرض باريس نُسخة مصغرة عن معرض هولندا، وكلاهما يدوران حول وجه أميركا المفرط في غرابته وعبثيته، هذه العبثية والغرابة التي يمثلها عن جدارة دونالد ترامب.

المساهمون