أشباه البشر: هل كانوا يأكل بعضهم بعضاً؟

10 يوليو 2023
لم يتوصل العلماء إلى الدافع وراء هذا السلوك (Getty)
+ الخط -

قبل أكثر من مليون وأربعمائة ألف سنة، في إحدى غابات كينيا في شرق أفريقيا، كان أحدهم يستعد لتناول وجبة لحم بدت تقليدية في ذلك الزمان، وإن كانت غير تقليدية الآن. وأحدهم هو فرد من أحد أنواع أشباه البشر، وذبيحته أيضاً من نوعه نفسه، أو من نوع آخر شبيه بالبشر، بحسب نتائج دراسة جديدة.

النماذج ثلاثية الأبعاد

في الدراسة التي نشرت يوم 26 يونيو/حزيران الماضي في مجلة Scientific Reports، أفاد باحثون بأنّهم عثروا على أقدم دليل على أنّ أقرب الأسلاف التطوريين للإنسان العاقل كانوا من آكلي لحوم البشر، أو أشباه البشر على وجه الدقة. وصف الباحثون تسع علامات قطع على عظم قصبة ساق يسرى لفرد يبلغ من العمر 1.45 مليون عام، من أحد أقارب الإنسان العاقل الموجود في شمال كينيا.

أشارت تحليلات النماذج ثلاثية الأبعاد لهذه العلامات، إلى أنها تشبه الضرر الناتج من التشريح باستخدام الأدوات الحجرية، وليست نتيجة التعرض للعض أو الدهس من الحيوانات المفترسة الكبيرة.

قد يكون هذا الاكتشاف أقدم دليل على أن أقارب البشر القدامى كانوا يذبحون، ويفترض أنهم يأكل بعضهم بعضاً. وللتحقق من هذا الافتراض، رصد الباحثون عدة علامات مميزة، كان القطع موجهاً في الاتجاه نفسه، وثمة جروح متكررة في المكان الذي تلتصق فيه عضلة الربلة (السمانة) في العظام، ممّا يكشف عن منهجية استخدام أداة حجرية حادة لإزالة اللحوم (أو ما يُسمّى التشفية). أظهرت علامتا عض قطة كبيرة أيضاً تقضم العظم في مرحلة ما، وهي المرحلة التي يجري فيها التخلص من العظام.

ونظراً إلى أن عظم الساق هو الجزء الوحيد الذي عثر عليه الباحثون، فإنهم لم يستطيعوا تحديد أي نوع من أشباه البشر كانوا يُقدمون على مثل هذا النوع من الممارسات. كذلك لم يعرفوا ما إذا كان الضحية من النوع نفسه، أو قريباً آخر. إذا كان الاثنان من النوع نفسه، فقد يمثل الاكتشاف أقرب مثال معروف لأكل لحوم البشر.

وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة، بريانا بوبينر، عالمة الأنثروبولوجيا القديمة من المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي التابع لمؤسسة سميثسونيان، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إنّ المؤكد من خلال الأدلة التي عثر عليها، أن بعض أشباه البشر الذين يستخدمون الأدوات الحجرية، هم من قطّعوا اللحم من تلك العظام، وأن التفسير الأكثر منطقية، أنهم فعلوا ذلك لأكل الضحية.

عظام أقارب البشر

وأشارت بوبينر، إلى أن العديد من الحفريات كان قد عُثر عليها في عام 1970 في منطقة بحيرة توركانا في كينيا، وهي التي فُحصَت في الدراسة الحالية. كان الهدف من الدراسة هو البحث في عظام أقارب البشر القدامى عن علامات العض، بهدف معرفة المزيد عن سلوك الحيوانات القديمة التي كانت تتغذى عليها، ولم يتوقع الباحثون قَطّ العثور على نوع بشري آخر بين عظام تلك الحيوانات.

أخضع الباحثون العظام لتحليل دقيق باستخدام المواد نفسها التي يستخدمها أطباء الأسنان لتكوين انطباعات عن الأسنان. وأجرى فريق العلماء عمليات مسح ثلاثية الأبعاد لقوالب عظام القصبة، وقارنوها بقاعدة البيانات الخاصة بهم، وتبين لهم بعد الفحص أن 9 من أصل 11 علامة قطع لوحظت على العظام، كانت بواسطة أدوات حجرية حادة، في حين أن اثنتين أُخريين تعودان على الأرجح إلى مجموعة متنوعة من الحيوانات المفترسة الكبيرة.

لم يتوصل العلماء إلى الدافع وراء هذا السلوك، كذلك لم يتمكنوا من تحديد أي أنواع من أشباه البشر التي كانت تقوم بتلك الممارسة أو التي تشير إليها العظام، رغم أن بعض الاقتراحات تشير إلى إنسان بويزي الموازي، أو الإنسان منتصب القامة.

دلالات
المساهمون