آثار الدهون والحليب واللحوم تكشف عن تقاليد الطهي في العصر الحجري

22 سبتمبر 2022
طُهي القمح مع منتجات الألبان لإنتاج عصيدة من الحليب (Getty)
+ الخط -

تشير بقايا فخار عُثر عليها في أرخبيل هبرديس في اسكتلندا إلى أن مجتمعات العصر الحجري الحديث، في تلك المنطقة، ربما كانت تستهلك القمح في الفترة بين 3600-3300 قبل الميلاد، وفقاً لدراسة نشرت يوم السادس من سبتمبر/أيلول الحالي، في دورية نيتشر كوميونيكيشنز. تلفت الدراسة إلى أن القمح، ربما، طهي مع منتجات الألبان لإنتاج عصيدة من الحليب.

ظهر استهلاك النباتات والحيوانات المستأنسة لأول مرة في بريطانيا وأيرلندا قرابة 4000 قبل الميلاد. تبين البقايا الأثرية من العصر الحجري الحديث، من جميع أنحاء بريطانيا وأيرلندا، أن الحبوب كانت تستهلك، ولكن ربما كانت هناك اختلافات إقليمية في أهميتها ضمن تقاليد الطهي المختلفة. وعلى الرغم من الأدلة الأثرية، فإن العثور على آثار معالجة الحبوب في فخار العصر الحجري الحديث كان أمراً صعباً. 

يدل طهي الإنسان للقمح على أنه استطاع فهم طبيعة بعض المواد الغذائية، وإعادة إنتاجها واستصلاحها في وقت مبكر (نسبياً) من عمر البشرية، على عكس الاعتقاد السائد بأن الإنسان في العصر الحجري كان في غاية البدائية والوحشية.

باستخدام التحليل الكيميائي للفخار القديم والمحفوظ جيداً، والموجود في المياه المحيطة في الجزر الاصطناعية الصغيرة المسماة جزيرة الكرنك في اسكتلندا، تمكن الفريق من التأكد من أن الحبوب طهيت في أوان وخلطت مع منتجات الألبان وأحياناً اللحوم، لعمل أشكال من العصيدة والحساء. واكتشفوا أيضاً أن الأشخاص الذين تعاملوا مع هذه الأفران استخدموا أواني أصغر لطهي الحبوب بالحليب، وأواني أكبر لأطباق اللحوم.

وعلى الرغم من عدم العثور على أدلة على وجود الشوفان في اسكتلندا حتى عام 600 ميلادي، واكتشاف أدلة عصيدة الشعير سابقاً قبل 2500 عام، فإن الاكتشاف الجديد في عدد من جزر هبرديس يتتبع بديلاً قائماً على القمح يعود إلى ما هو أبعد من ذلك بنحو 3000 عام.

فحص الكيميائيون الأوعية الخزفية، وحددوا آثار الدهون المرتبطة بشدة بالحبوب، ما يؤكد أن الاثنين تم طهيهما معاً كعصيدة أساسها الحليب. كان القمح الذي كشف عنه من أنواع غير محددة، ولكن قد يعود إلى النسيلة الحديثة التي تنتج الشوفان.

وفي تصريح خاص بـ"العربي الجديد"، قال المؤلف الرئيسي للدراسة، سايمون هامان، أستاذ الكيمياء في جامعة بريستول: "تمثل نتائجنا أول دليل مباشر على طهي الحبوب في أواني العصر الحجري الحديث من الألفية الرابعة قبل الميلاد". وأضاف: "من المثير للغاية أن نرى أن المؤشرات الحيوية للحبوب الموجودة في الأواني يمكن أن تعيش في الواقع في ظل ظروف مواتية في عينات من وقت إدخال الحبوب (والفخار) في بريطانيا. يمكن لطريقتنا القائمة على الدهون أن تكمل الطرق النباتية الأثرية للتحقيق في إدخال وانتشار زراعة الحبوب في الجزر البريطانية". 

وأوضح هامان أن الفريق استعان بكروماتوغرافيا الغاز (التفريق اللوني) وطيف الكتلة عالي الدقة، لتحليل المخلفات العضوية من هذه البقايا الفخارية. واكتشف العلماء المؤشرات الحيوية الجزيئية للحبوب التي تشير إلى القمح والأطعمة الأخرى التي طهيت في الأوعية.

أظهرت التحليلات أن القمح ربما كان أكثر حضوراً في النظم الغذائية للعصر الحجري الحديث، في هذه المنطقة، مما كان يعتقد سابقاً. وقد يكون للقمح دور أكبر مما كان يعتقد سابقا في النظم الغذائية للمجتمعات المحلية في الأرخبيل في العصر الحجري الحديث.

ولفت المؤلف الرئيسي للدراسة إلى أن العلامات الخاصة بالحبوب يمكنها البقاء في أواني الطهي لآلاف السنين. وأضاف: "إنها تكشف عن استهلاك نوع معين من الحبوب يكون غائباً فعلياً عن السجل النباتي القديم لهذه المنطقة، وهو ما يوضح تقاليد الطهي بين المجتمعات الزراعية المبكرة".

تتمثل المرحلة التالية من البحث، في جامعة بريستول، في استكشاف العلاقة بين هذه الجزر ومواقع الاستيطان الأخرى في العصر الحجري الحديث في جزر أرخبيل هبرديس وخارجها، بالإضافة إلى دراسة مقارنة أكثر شمولاً لاستخدام أشكال الأوعية المختلفة من خلال بقايا الدهون التي عثر عليها.

دلالات
المساهمون