يقف تامر حسني ثابتاً في خانة الفنان الـ"ميديوكر"، متوسط الموهبة في كل ما يقدّمه، ومع ذلك ناجح تجارياً بشكل ليس مفهوماً. وفي الوقت نفسه، يبدو حسني قادراً على خلق مساحة خاصة به، يراكم فيها نجاحاته السابقة، ليكون أفضل تجسيد لركاكة مشهد البوب المصري خلال العقدين الأخيرين.
فخلال 20 عاماً، قدّم حسني ألبومات وأفلاماً أشبه بوجبات سريعة التحضير والاستهلاك، وغير قادرة على الإشباع. قبل أسابيع، أصدر ألبومه الجديد، الذي يحمل عنوان "عشأنجي"، بعد فترة قصيرة من صدور فيلمه "بحبك" (تأليفه وإخراجه وبطولته). ضم الألبوم تسع أغنيات، ثمان منها عاطفية رومانسية، بينما اختار أن تكون أغنية الألبوم الرئيسية "عشأنجي" (كلمات حمادة السيد وألحان مديح توزيع أمير محروس)، أقرب إلى شكل المونولوغ الفكاهي، وهو الشكل الغنائي الأكثر انتشاراً في عالم البوب الآن. واختار كذلك تقديمها على طريقة الفيديو كليب (من إخراجه طبعاً).
وحققت الأغنية نجاحاً مقبولاً من حيث الأرقام، مدفوعة بفضول الجمهور لمشاهدة الكليب، وفهم معاني المفردة الغريبة التي استخدمها؛ أي "عشأنجي". أما الأغنيات الثماني الباقية، فالحقيقة أن لا كلام يقال عنها، حالة من السكون الكامل في الألبوم، من دون أي شكل من أشكال الاشتباك مع المكان والزمان الحاليين.
الواضح أن هذا الإصدار قد صُنع على عجل؛ فجاءت كل الأغاني متشابهة ومتقاربة في رماديتها، حتى في أرقام المشاهدات: مجرد إنتاجات موسيقية تتحرك في فلك واحد. ولعل متابعة مسيرة تامر حسني، قد تشرح قليلاً هذا الواقع. فصاحب "بشوقك" يتحرك بقوة الماضي، تحرك مضمون وثابت وغير مؤثر، لكن مضمون النجاح. لا يكترث بالمشهد الموسيقي ومستجدّاته وتطوراته وما يطرأ عليه من تحوّلات، ولا يندمج فيه ولا يحاول تقديم أي مساحة من التجديد أو المغامرة، على العكس من عمرو دياب الذي يحاول أن يدخل مفردات جديدة وإن على مستوى الآلات والتوزيع.
يسير تامر حسني في الطريق الآمن. وهذا تحديداً، كما يقول لنا تاريخ البوب المصري، هو تجسيد للحظات الاحتضار الفني للفنان. طبعاً كل ما سبق لا يخطر على بال حسني على الأرجح، بل يرى أن كل التطورات التي شهدها المشهد الموسيقي المصري منذ عام 2011 لن تؤثر على نجاحاته وبقائه على الساحة الفنية. أغلب شعراء الألبوم من الشعراء الشباب والجدد: أغنية "سجل يا تاريخ" مثلاً كتبها تامر حسني مع الشاعر عليم، لكن عند الاستماع إليها يصعب إيجاد أي دليل على أن عقلين مختلفين اجتمعا في جلسات عمل لكتابتها. أما أغنية "ليه طلة"، فسبق أن صرحت كاتبتها الشاعرة هالة الزياد أن كلماتها كانت تدور على لسان أنثى، لكنها عدلتها ليغنيها تامر حسني. لكن قبل وبعد التعديل، بدت كلمات الأغنية كما باقي أغاني الألبوم، ركيكة ومستهلكة ومتوقعة في الشكل والتسلسل والفكرة.
ولإكمال دائرة الضعف والتخبط والفراغ، نجد الألحان والتوزيع بلا روح أو طعم خاص به، "من كل بستان زهرة دبلانة" كما يقول المصريون. لنأخذ أغنية "بعد مؤقت"، على سبيل المثال. ليس في الأغنية ما يُذكر سوى تكرار لتوزيعات أغاني البوب مطلع الألفية، أو ربما تقليد لشكل وروح أغنية عمرو دياب، "حبيبي يا عمري" التي صدرت في ألبومه "علّم قلبي" عام 2003.