"سنة شامبليون" تنطلق من باريس بعد قرنين على تفكيكه الهيروغليفية

09 ابريل 2022
كان جان-فرنسوا شامبليون مولعاً بمصر القديمة (أمير مكار/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد قرنين على تفكيك رموز الكتابة الهيروغليفية، تطلق المكتبة الوطنية الفرنسية في باريس "سنة شامبليون"، مع معرض يضيء اعتباراً من الثلاثاء على النبوغ الفكري للعالم الشغوف باللغات جان-فرنسوا شامبليون المولع بمصر القديمة.

وحفر شامبليون اسمه في التاريخ كأب علم المصريات الذي يثير شغفاً فرنسياً كبيراً منذ حملة الإمبراطور نابليون بونابرت على مصر سنة 1798. وفي سبتمبر/أيلول عام 1822، نجح العالم الفرنسي في فك ألغاز هذه الكتابة بعدما ضاعت معانيها لأكثر من ألف سنة.

ويبدأ استكشاف المعرض الذي ينطلق الثلاثاء في مكتبة فرنسوا ميتران الوطنية الفرنسية في باريس، ويستمر حتى 24 يوليو/تموز المقبل، من خلال وثيقة طبعت تاريخ فقه اللغات تُعرف باسم "رسالة إلى داسييه" ويستعرض فيها العالم اكتشافه.

ويعرف الجمهور العريض بصورة أفضل "حجر رشيد"، وهو نصب حجري بثلاث لغات بينها الهيروغليفية واليونانية. لكن هذا الحجر الذي أحضره البريطانيون إلى لندن، ولم يره شامبليون يوماً، موجود في المتحف البريطاني. وتعرض المكتبة الوطنية الفرنسية نسختين من هذا الحجر، إحداهما بالصبّ والثانية بالحفر.

لم ير شامبليون حجر رشيد يوماً (أمير مكار/ فرانس برس)

ويمكن تلمّس المنافسة بين فرنسا وبريطانيا في تلك الحقبة في هذا المعرض. وتقول إحدى مفوضَات المعرض، فانيسا ديكلو، إن "توماس يونغ لم يكن بعيداً جداً من فك رموز الكتابة الهيروغليفية. لكن كانت تنقصه معرفة اللغة القبطية لفهم قواعد اللغة المصرية".

كان "شامبليون الشاب" يتمتع بنهم كبير لتعلم اللغات. ويضم المعرض كتيّباً باللاتينية درس من خلاله شامبليون الصينية. أظهر العالم الفرنسي اهتماماً كبيراً باللغات الشرقية، إذ درس الكثير منها بما يشمل العربية والعبرية والسريانية والآرامية والكلدانية والأمهرية والفارسية والسنسكريتية.

وتشير إيلين فيرينك، وهي المفوضة الأخرى للمعرض، إلى أن شامبليون "كان يتقن اللغة المصرية بكل حالاتها، بدءا بالكتابة الهيراطيقية التي كانت تقام على ورق البردى".

وبعد 1822، حرص شامبليون على نشر اكتشافاته ونقلها. وألف قاموساً، ووضع قواعد لغوية للكتابة الفرعونية، وأعطى دروسا في كلية فرنسا، فضلاً عن دوره كحافظ للآثار المصرية في متحف اللوفر.

وتوضح فانيسا ديكلو "عندما شعر بأن صحته تتدهور، أراد ترتيب كل أعماله، وحسناً فعل. فقد توفي في عمر الشباب عن 41 عاماً، ولم يكتف باستعادة أصول كتابة، إذ إنه أحيا لغة برمتها".

وأحضر معه من مصر نظارات شمسية وجواز سفر وغليوناً، ما يفسح في تصور أجواء مهمته الاستكشافية في وادي النيل آنذاك.

وتقول المديرة الفخرية للآثار المصرية في متحف اللوفر غيميت أندرو-لانويه: "بعد مرور قرنين، نرى كيف أن شامبليون لم يخطئ سوى قليلاً. فقد أنجز هذه الاكتشافات، ولم يترك نفسه يوماً أسير مشكلة ما، وكان حدسه نافعاً لآخرين".

كذلك، يتيح المعرض لزائريه رؤية أقدم نص أدبي لا يزال صامداً حتى اليوم، وهو "ورق بردى بريس"، نسبة إلى مكتشفه وهو عالم مصريات فرنسي آخر. ويعود تاريخ هذه الوثيقة المكتوبة بالمصرية القديمة والرموز الهيراطيقية إلى العام 1800 قبل الميلاد.

وتشهد سنة شامبليون في فرنسا سلسلة أحداث، بينها منتدى أكاديمي في المكتبة الوطنية الفرنسية بين 16 و20 مايو/أيار. ومن المقرر أيضاً إقامة معرض آخر في متحف اللوفر في مدينة لنس شمال فرنسا، اعتباراً من 28 سبتمبر. ويعتزم مسقط رأسه مدينة فيجاك في منطقة لوت جنوب غرب فرنسا، حيث يوجد متحف مخصص لشامبليون، تنظيم أحداث ثقافية وفنية مختلفة في المناسبة اعتباراً من الشهر المقبل.

(فرانس برس)

المساهمون