"التزييف العميق" يدخل على خط الحرب الروسية الأوكرانية

21 مارس 2022
يثير تطور التقنية القلق (أليكسندرا روبينسون/Getty)
+ الخط -

خلال الحرب الروسية على أوكرانيا، تظهر تقنية "التزييف العميق" Deep Fake كجزء من المعركة الإعلاميّة الإلكترونيّة. هكذا، انتشر مقطع فيديو مفبرك نُشر على "تويتر" يظهر فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يعلن السلام بين بلده وأوكرانيا،، بينما حظرت "ميتا" و"يوتيوب" مقطع فيديو مفبركاً لرئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي وهو يتحدث عن الاستسلام لروسيا.
وبينما تجد منصات التواصل الاجتماعي نفسها وسط عاصفةٍ من المعلومات والتدوينات والمنشورات حول الحرب، تنتشر المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة بكثافة عليها، في ظلّ بروزٍ للتزييف العميق، الذي يجعل من الصعب التحقق من المحتوى.

في هذا الإطار، تشير هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إلى ظهور استخدام المحتوى المتلاعب به بتقنية التزييف العميق خلال الحرب الروسية على أوكرانيا، كعلامة على مستوى التضليل الذي وصلت إليه مواقع التواصل خلال هذه الأزمة.

هل يصدق الناس؟

سخر العديد من الأوكرانيين من التزييف غير المقنع لمقطع رئيسهم. يظهر فولوديمير زيلينسكي خلف منصة، يطلب من الأوكرانيين إلقاء أسلحتهم. يبدو رأسه كبيراً جداً وصوته أعمق. وفي مقطع فيديو نُشر على حسابه الرسمي على "إنستغرام"، وصف الرئيس الحقيقي زيلينسكي الفيديو المفبرك بأنّه "استفزاز صبياني". لكن المركز الأوكراني للاتصالات الاستراتيجية حذّر من أنّ الحكومة الروسية قد تستخدم تقنية التزييف العميق لإقناع الأوكرانيين بالاستسلام.

(الرابط أدناه يظهر الفيديو المزيف للرئيس الأوكراني)

ما هو التزييف العميق؟

"التزييف العميق" (ديب فايك) عبارة عن صور ومقاطع فيديو مزورة بحرفية عالية تجعلها واقعية للغاية. وتطرح عمليات التزييف هذه مشكلة على المواقع الإلكترونية، إذ إنّها قد تُستخدم للتلاعب بمستخدمي الإنترنت أو تشويه سمعة الأشخاص، من خلال تركيب مقاطع تُظهرهم يقولون أو يفعلون أموراً لم يقولوها أو يفعلوها حقاً. وتعتمد عمليات التوليف هذه على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

كشف التزييف العميق لن يكون سهلاً دائماً

شرعت شركات الإنترنت الرئيسية في تطوير أنظمة لاكتشاف المقاطع المفبركة، بغرض اعتراضها قبل الانتشار. وتيرة عمل زادت مع استخدام العديد من الجهات التلاعب المعمق من أجل التلاعب برأي الجمهور.
وقال رئيس السياسة الأمنية في "ميتا"، ناثانييل غليتشر، إنّه "راجع وأزال بسرعة" فيديو التزييف العميق للرئيس الأوكراني لانتهاكه سياسته ضد وسائل الإعلام المضللة. وقال موقع "يوتيوب" أيضاً إنّه أزاله لانتهاكه سياسات المعلومات المضللة.
وقالت مؤلفة كتاب "التزييف العميق" نينا شيك، إنّ هذا كان فوزاً سهلاً لشركات التواصل الاجتماعي، لأنّ الفيديو كان فظاً للغاية ويمكن بسهولة اكتشافه على أنّه مزيف حتى من قبل "المشاهدين شبه المتمرسين". وتابعت: "على الرغم من أنّ هذا الفيديو كان سيئاً وفظاً حقاً، فلن يكون هذا هو الحال في المستقبل القريب"، وسيظل "يقوض الثقة في وسائل الإعلام الموثوقة". وأوضحت شيك: "يبدأ الناس في الاعتقاد بأنّ كلّ شيء يمكن تزويره. إنّه سلاح جديد وشكل قوي من المعلومات المرئية المضللة، ويمكن لأيّ شخص أن يفعل ذلك".

تقدم سريع

كان تقليد الرئيس الأوكراني غير متقن، ودحض الرئيس الحقيقي الفيديو بسرعة عبر حسابه، ما عجل بحذفه من قبل "فيسبوك" بسهولة. لكن في أجزاء أخرى من العالم، يخشى الصحافيون والحقوقيون من عدم امتلاكهم الأدوات اللازمة للكشف عن التزييف العميق ولا القدرة على فضحه.
وفي الصيف الماضي، اقترح جهاز كشف على الإنترنت أنّ مقطع فيديو حقيقياً لسياسي كبير في ميانمار يعترف في ما يبدو بالفساد، كان مزيفاً. ويقول مدير برنامج Witness.org، سام غريغوري: "إنّ عدم وجود دليل بنسبة 100% في كلتا الحالتين ورغبة الناس في الاعتقاد بأنّه كان مفبركاً يعكس تحديات التزييف العميق في بيئة العالم الحقيقي".

حالات أخرى

كانت هناك ردود أفعال متباينة العام الماضي، عندما أعلنت شبكة التلفزيون الكورية الجنوبية MBN أنّها استخدمت نسخة تعتمد التزييف العميق لمذيعة الأخبار فيها، كيم جو ها. وأعجب البعض بمدى واقعية التقليد، بينما شعر البعض الآخر بالقلق من أن تفقد المذيعة الحقيقية وظيفتها.
وتُستخدم تقنية التزييف العميق Deepfake أيضاً لإنشاء مواد إباحية ولأغراض ساخرة مثل إنشاء القناة البريطانية الرابعة ملكة مزيفة لإيصال رسالة بديلة في أعياد الميلاد.
ولا يزال استخدام تقنية التزييف العميق في السياسة نادراً نسبياً، لكن تم إنشاء الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، لإثبات قوة هذه التقنية. وظهر رئيس الولايات المتحدة الأسبق، باراك أوباما، في فيديو مفبرك بتقنية التزييف العميق، وهو يشتم خَلَفه، دونالد ترامب، ويصفه بالأخرق.
ليس هذا فقط، بل مسّ التزييف العميق مؤسّس "فيسبوك" نفسه، مارك زوكربيرغ، الذي ظهر في مقطع مفبرك وهو "يعترف" بأن مهمة منصته الأساسية ليست أن تساعد الناس على التواصل، بل الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعلومات عن المستخدمين ليسهل التنبؤ بتصرفاتهم المستقبلية والتحكم بها.

المساهمون