بعدما أطلق ناصيف زيتون أغنية "مجبور" وبعدها "أزمة ثقة"، شارة مسلسل "الهيبة" التي أخذت رواجاً هائلاً، أطلق أغنية "أوقات" شارة مسلسل "للموت".
تبدأ الأغنية (كلمات مازن ضاهر، لحّنها أحمد بركات)، بإيقاع بطيء ومستهلك، مع صوت وتريات إلكتروني الطابع. تختفي الوتريات في نسخة الأكوستك في الكوبليه الأول، ليدخل بعدها صوت ناصيف المكتمل والمألوف لجمهوره، ليوصل إحساس الحزن على نحو شخصي، وحالة الدراما العامة، من خلال المكوّنات السابقة ونضج الأداء.
استطاعت الأغنية المتماسكة أن تحفل بقدر كبير من البساطة والجاذبية، وسهولة بأن يجد المستمع صلةً معها. يضاف أيضاً اهتمام المغني بمظهره العام (ستايله).
حقق ناصيف شهرته منذ أغنيته الأولى، بعد حصوله على المركز الأول في برنامج "ستار أكاديمي" عام 2009. عندها، استطاع أن يعثر على صوته الخاص في مشهد البوب العربي، فضَمِنَ جمهوره عبر شبكات مواقع التواصل والحفلات الحية التي أقامها في قرطاج، وأعياد رأس السنة والميلاد في دبي وبيروت وشرم الشيخ ودمشق، ورحلات في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، للترويج لألبوماته لدى الجاليات العربية.
كما أمسى، لاحقاً، ضيفاً دائماً لدى أشهر مقدمي برامج الترفيه، كعادل كرم وهشام حداد ورابعة الزيات ومصطفى الآغا. وكان نشطاً على تويتر وتطبيق تيك توك، الذي لم يتعامل معه معظم مغنّي جيله. بهذا، أعلنَ عن نسخته في دمج "البوب" الحديث مع الدلعونة، ليكُوّن صوتاً شاباً يلعب ضمن المضمون، ويبني لوازمه على حدود المطلوب.
لم يلاقِ ألبوم "أنت وأنا" (2021) النجاح الذي حصل عليه ألبوماه السابقان؛ "يا صمت" (2013)، و"طول اليوم" (2016)، وحصدت أغنيته "مش عم تضبط معي" (إخراج جاد شويري) 171 مليون مشاهدة من مجمل مشاهدات قناته التي بلغت ملياراً.
يمكن تصنيف قصص جميع أغنيات زيتون زمنياً في: قبل وخلال وما بعد علاقة الحب، ومكانياً ضمن مثلّث: الوطن، والأم، والحبيبة؛ المثلّث الأكثر أماناً بين ما يمكن إعادة تشكيله كترفيه، يُستثنى موضوع الوطن بعض الشيء لتعقيد الوضع السوري؛ فكانت أغنية "سوريتي هويتي" البعيدة عن مصطلحات الأقطاب المتصارعة، مبهمة تماماً كالهوية الموسيقية السورية بشكل خاص.
جزء كبير من حماس الجمهور لأغنياته يعود إلى تكوينها الذي يساعد المستمع على الحصول على جرعة من السعادة والإحساس الممزوجين في صوت ناصيف، والكلمات البعيدة عن هموم ودراما نجوم البوب المراهقين، أو أهوال الواقع والتشتيت والتوجس.
رغم قدرته، لا يفرّط ناصيف في استعمال البحة في الصوت، وتجربة مجالات أخرى في الغناء أو الأداء، والابتعاد عن التراث وتجديده منذ إصدار ألبومه الأول، بذلك يكون قد قدّم ما يطلبه جمهوره تماماً، فاهماً الحدود الآمنة لصوته.
ما زال زيتون يعمل على تنويع طاقم العمل وشركات الإنتاج، ليضمن الاستمرار؛ فتعاون مع "أنغامي" و"ميوزيك إيز ماي لايف" و"وتري"، ومع عدة ملحنين وشعراء وموزعين من الجيل الصاعد. محاولاته هذه في التنويع ساعدته في الوصول إلى "جائزة نجم الغناء العربي"، وتقديمه كصورة المغني العربي للعالم، وبطل الترند عدة مرات.
بعد هذا الاستعراض الزمني لناصيف، نستطيع تصنيفه بأنه جيل ما بعد جورج وسوف، المغني المهتم بجمهوره فقط، عند أي سؤال محرج في المقابلات، ويتناول بشكل متكرر صيغة الأسرة كالدائرة الأقرب إليه، وتوفيقه في العمل بسبب رضا أمه بعد اتصالها معه خلال أحد العروض.
يبقى ناصيف في الأوساط الفنية ضمن دائرة الترفيه، ومع منصات عالمية مثل سبوتيفاي وإنستغرام ويوتيوب يتحول إلى صانع محتوى قائم على التكرار، ومع جمهوره المتفاعل بقوة خلال العروض الحية، وعدم أهمية معرفة مدى ما يغنيه بشكل حقيقي على المسرح. فإن كان يستخدم أوتوتيون (المصحح الصوتي) أو لا، أو يسجل الأغنية ويعرضها في الخلفية، ويحرك شفاهه ليس إلا، فلا يهم، فهذا محتوى ترفيهي لا أكثر، نقاش زيتون من ناحية انعكاس فنه على الواقع، كنقاش إن كان صفع ويل سميث لكريس روك حقيقياً، أو مدى أهمية تمثيل عمر سليمان للشعب السوري في حفل "نوبل".