قطار عطبرة يحمل ثوار السودان: "ما أعظم الجايين"

24 ابريل 2019
تعدّ عطبرة مهد الثورة (أوزان كوسي/ فرانس برس)
+ الخط -

في البداية تحركت عطبرة، ثم سارت في ركابها المدن السودانية كلها. وحين حط الثوار في محيط قيادة الجيش في العاصمة الخرطوم، عجل ذلك بإطاحة عهد عمر البشير الذي استغرق 30 عاماً من المكابدة والجهد.

وكانت شرارة أحداث الثورة السودانية التي شبّت وقادت إلى إطاحة البشير ونظامه قد اندلعت من مدينة عطبرة شمال السودان. وانتهت أحداث يوم أمس الثلاثاء بدخول قطار عطبرة المحمل بآلاف الثوار الراغبين في إنهاء ما بدأوه من تغيير على الوجه الأتم مع إخوانهم المعتصمين أمام مقر قيادة الجيش الرئيسية في العاصمة الخرطوم.


وخرج طلاب مدينة عطبرة في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي في تظاهرات حاشدة، احتجاجاً على انعدام الخبز في المدينة، ثم ما لبث أن انضم إليهم الأهالي الذين رفعوا شعاراتٍ سياسية تنادي برحيل نظام البشير. وإمعاناً في نقل القضية إلى مستوى جديد، أحرقوا دار "حزب المؤتمر الوطني" الذي كان حاكماً.


وكما يعانق النيل الأزرق رفيقه الأبيض عند مقرن النيلين في الخرطوم، قابل ثوار الخرطوم قطار عطبرة عند محطة بحري الرئيسية للقطارات، ثم تحركوا في صورة ملحمية ستبقى في الذاكرة السودانية لمدة طويلة، إلى ميدان الاعتصام.

عن تلك اللحظة قال الكاتب الصحافي عثمان شبونة: "اليوم تطهرنا بالبكاء.. فقد كانت لحظة أعظم من أي كلام وأكبر من أيَّة صورة.. وسقط البعض مغشياً عليه.. لا إله إلا الله".

وفي عبورهم لجسر النيل الأزرق الرابط بين الخرطوم وبحري، مرت شعارات كثيرة فوق الجسر، أبرزها هتاف "حرية وسلمية" وهما من أهم صفات الحراك السوداني، و"الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية" في تدليل على أن الثورة السودانية ماضية في ملاحقة قتلة المتظاهرين أمام المحاكم، بينما كان الهتاف الأكثر ظهوراً "ما دايرين زين العابدين"، وهي عبارة توضح بجلاء رفض الثوار لمسؤول اللجنة السياسية في المجلس العسكري، الجنرال عمر زين العابدين، ما يعطي ملمحاً قوياً إلى أن ثوار عطبرة القادمين بحقائبهم سيشكلون رصيداً إضافياً للمعتصمين الراغبين في إسقاط المجلس العسكري باعتباره امتداداً لنظام المخلوع البشير.


وتعرف عطبرة في الأوساط المحلية بمدينة "الحديد والنار"، في دلالة على كونها أحد معاقل العمل النقابي ممثلاً في هيئة عمال السكة الحديد، لكن نظام البشير استهدف بصورة ممنهجة المدينة، وعمد إلى كسر شوكة العمل النقابي فيها، لا سيما في "هيئة السكة الحديد" التي طاولتها يد الخصخصة والتمكين لحساب مؤيدي البشير، وعليه كان لافتاً أن مستقبلي القطار في الخرطوم حملوا لافتات تمجد نضالات هيئة "عمال السكة الحديد".


واحتفى "تجمع المهنيين السودانيين"، الكيان المنظم للتظاهرات، بقطار عطبرة على نحو خاص، وسطر بياناً في منصاته الاجتماعية يطالب فيه أهالي الخرطوم بأن يهبوا لاستقبال قطار عطبرة الذي كناه بـ "قطار الشوق" تيمناً بأغنية ذائعة الصيت في عشق عطبرة وأهاليها.


وفي بيان لاحق للتجمع حذر من تحركات حكومية لفض الاعتصام المنعقد في القيادة منذ ثلاثة أسابيع، بتحريك آليات وعربات لإزالة المتاريس.

وذهبت آراء إلى أن المجلس يريد استغلال انشغال الثوار باستقبال قطار عطبرة لتنفيذ وعيده بفتح الطرق في الخرطوم بصورة فورية.


وفي الطريق الواصل بين الخرطوم وعطبرة "348" كلم، ضرب أهالي مدينة شندي في منتصف المسافة أروع آيات الكرم السوداني باستقبالهم بحفاوة القطار، وتوزيعهم لراكبيه "الهتافات، وقوارير المياه، وبعض الأطعمة".


إذاً، كما بهرت عطبرة السودانيين بهبّتها ضد البشير، ها هي تبهرهم ثانيةً بقطارها المجيد، ليحق فيها التغني "بهرتني صورة عطبرة". 







المساهمون