روجر مور... جيمس بوند يترك مسدسه

25 مايو 2017
أنقذ روجر مور سلسلة جيمس بوند من الفشل (Getty)
+ الخط -
بهدوءٍ، تُوفِّي الممثل البريطاني، روجر مور، يوم الثلاثاء 23 مايو/ أيار. وعلى عكس صورته التي ستحضر إلى المخيلة بمسدس أو فوق طائرة أو يقاتل أحد الجواسيس، فالحقيقة هي أنّ واحداً من أشهر الذين أدّوا شخصيّة العميل الإنكليزي، جيمس بوند، قد رحل على سريره دون صخب، عن عمر 89 عاماً.

مور الذي حصل على لقب "سير" من ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، لم يحظَ بمسيرة سينمائية رفيعة، ولا بعدد من الأفلام التي لا تنسى. ولكن المكمن الأساسي لأهميته وبقاء صورته في الذاكرة، هو ارتباطه بشخصية العميل 007، والأثر الكبير الذي تركه فيها. وهو أثرٌ يرتبطُ بعدّة تفاصيل. أوُّلها، هو إنقاذه للسلسلة. فحين ظهر بوند للنور أول مرة عام 1962، ارتبطَ بالممثّل شون كونري، الذي جسَّده في 5 أفلامٍ ناجحة جداً خلال 6 سنوات.

لذلك، حين قرر كونري التوقف عن السلسلة (بسبب طموحات فنية أخرى)، واتجه المنتجون للممثل جورج لازينبي، عام 1969، جاءت النتيجة ضعيفة جداً، وفشل الفيلم، وحتى العودة لكونري من جديد في فيلم سادس عام 1971، لم تلبِ الطموح وكان أقل أفلامه تقديراً ونجاحاً، فزادت الورطة وصار من الحتمي إيجاد بطل جديد.

هذا البطل الذي أنقذ السلسلة في تلك اللحظة، كان روجر مور، ممثل السينما والتلفزيون الوسيم الخارج لتوه من نجاح فيلم The Man Who Haunted Himself عام 1970، ومسلسل The Persuaders، والذي كان اختياراً جريئاً للشخصية، ليقدمها لأول مرة في فيلم Live and Let Die عام 1973، ويحقق نجاحاً فائقاً، وتتجاوز عائداته الـ130 مليون دولار، كأنجح أفلام "بوند" حينها، ليحبَّه الجمهور في الدور، ويتقبّل أن يكون 007 شخصّاً آخر غير كونري، في أصعب عمليّة انتقال بين ممثّلين مرَّت بها السلسلة.



السّبب الثاني لأهميَّة مور في الدور، كان تطويرهُ للشخصيَّة، وعدم وقوفهِ عند حدود كونري. فتجسيد الأخير كان دائماً شديد الجدية، يشعر بالخطر طوال الوقت، ويؤدي دور "عميل المخابرات"، بكل ما يفترض فيه من تجهم وغموض. روجر مور في المقابل، ومنذ بداية مسيرته مع الشخصية، قرر أن يعطيها روحاً مختلفة؛ أكثر هزليّة وتلاعباً، وفيها تعبير أكبر عن حب النساء، ونكات دائمة حتى في أخطر الأوقات، وهو الأمر الذي منحه، ومنح الشخصية، إضافة كبرى.

ومع استمرار الأفلام ونجاحها، فقد ازدادت جرأة مور في خلق صورة أخرى لـ"بوند" بعيدة تماماً عن كونري، وهو ما أفاد السلسلة أيضاً ورفع من جماهيريتها. السبب الثالث هو جودة الأفلام ذاتها، 7 أفلام كاملة أداها في 12 عاماً، لم يفشل منها تقريباً أي فيلم، بل يعتبر بعضها، مثل The Spy Who Loved Me عام 1977 وFor Your Eyes Only عام 1981، من أفضل وأكثر الأجزاء جماهيرية في تاريخ السلسلة. ما جعله مرغوباً من قبل الجمهور في دور "007" حتى لحظة توقفه عام 1985 مع فيلم A View to a Kill، حين ظهر في الفيلم (وهو في الثامنة والخمسين من عمره) كأكبر "بوند" في تاريخ السلسلة. ومع ذلك، ظلَّ الجمهورُ يرغَبُ في استمراره.

أمَّا السبب الأخير في ارتباطه الأيقوني بالسلسلة، هو أنَّه لم يخلع عباءة الشخصية، مثلما فعل كونري الذي يتذكُّره الجميع في أدوار أخرى على مدار 5 عقود، من ضمنها صورته عجوزاً في أفلام جماهيرية جداً خلال التسعينيات. بينما مور، خفَت بريقه بعد توقفه عن "بوند"، ما ربطه بها أكثر لأن الناس لا يعرفونه بعيداً عن بدلة 007. وهذا الأمر زاد منه أيضاً أداء "مور" الإعلامي كأنه الأب الروحي لـ"بوند"، فمع كلّ ممثّل جديد يؤدي الدور يتعامل معه بمديح، كأن يقول "تيموثي دالتون سيأخذ السلسلة والشخصية إلى مكان أفضل"، أو "بيرس بروسنان سيجعل الجمهور ينساني أنا وشون كونري"، وصولاً إلى تعبيره عن أن "دانيال كريغ هو أفضل بوند شاهده". لذلك فكل تلك التعليقات والتفاصيل، إلى جانب أيقونية الأفلام وتطوير "مور" في الشخصية، جعلت الجمهور يودع عميله المفضل 007 وليس ممثلاً بريطانياً شهيراً، فلا يوجد من التصق بـ"بوند" أكثر منه.
دلالات
المساهمون