عند تمام الساعة الحادية عشرة والنصف صباح يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1918، انتهت الحرب العالمية الأولى، بإعلان الهدنة، وكان أدولف هتلر أحد الملتحقين بالجيش الألماني، رغم أنه كان مواطناً نمساوياً في ذلك الوقت، ولكنه كان بعيداً عن الخطوط الأمامية للحرب، ومع ذلك شارك في عدد من المعارك المهمة. وبعد انتهاء الحرب، عمل هتلر ضابطاً في الاستخبارات التابعة لقوات الدفاع الوطنية في ألمانيا، وكانت مهمته مراقبة أعمال حزب العمال. ومع الوقت بدأ هتلر يتأثر بأفكار مؤسس الحزب، أنتون دريكسلر، ومنها الأفكار المعادية للسامية والقومية والمناهضة للماركسية، وانضم فعلياً إلى الحزب عام 1919، وتم تغيير الاسم إلى حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني الذي يختصر بالحزب النازي.
وعند استلام النازيين زمام الأمور في ألمانيا عام 1933، التفتوا إلى تطويع نتاجات السينما لإعادة صياغة خيال الجماهير حتى تتوافق مع أفكار ومبادئ الحزب، الأمر الذي دفع بعجلة الإنتاج السينمائي في تلك الفترة لتصل إلى أكثر من 1000 فيلم روائي طويل خلال الفترة من عام 1933، وحتى عام 1935. وعمل أدولف هتلر مع وزير دعايته جوزيف غوبلز على تجميد عقول الجماهير من خلال السينما وبهرجتها، فأقاما عروضاً فخمة وأسرفا في الاحتفالات، إيماناً منهما بأن السينما لها قدرة كبيرة على التغلغل في وجدان الجماهير.
اقــرأ أيضاً
ولكن هذا الإنتاج الكبير من الأفلام، بحسب الكثير من النقاد، كان في الغالب الأعظم شكلاً من أشكال الدعاية الطنانة والأعمال التي لا تمت للفن بأي صلة، ولكن معظم هذه الأعمال كانت ميزانياتها مفتوحة، من بينها الفيلم الوثائقي Triumph Of The Will "انتصار الإرادة"، عام 1935، للمخرجة ليني ريفنشال، الذي يتناول الحملة الحزبية في نومبرغ عام 1934. هنا استعانت المخرجة بثلاثين كاميرا و120 تقنياً حتى تصور مسيرات نومبرغ فقط، وكان هذا الفيلم بمثابة ملحمة بطولية عن الحزب في ذلك الوقت بالنسبة لمؤيدي أفكار الحزب النازي، حتى أن أدولف هتلر أشاد بالفيلم واعتبره تمجيداً لا مثيل له من خلال قوة وجمال الحزب، ولكن الفيلم منع من العرض في ألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى جانب كل ما له صلة بالحزب النازي.
الحزب النازي، وبالتحديد أدولف هتلر، شغل بال معظم مخرجي هوليوود منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ليتسابق كل على طريقته في كشف فظائع النازيين، وما ألحقوه بالبشر والحجر من خراب ودمار، ومنهم المخرج البولندي رومان بولانسكي الذي أخرج تحفته The Pianist، عام 2002، وأظهر فيه حجم الخراب الذي ألحقته النازية بالبلاد على كل الأصعدة. ونال بولانسكي عن هذا الفيلم السعفة الذهبية لمهرجان كان، إلى جانب جائزة سيزر لأفضل فيلم وأفضل إخراج، و3 جوائز أوسكار. أما المخرج الأميركي ستيفن سبيلبيرغ، صاحب الأفلام الأكثر ربحاً بتاريخ السينما، فقدم فيلماً عام 1993، بعنوان Schindler's List، حصد به 7 جوائز أوسكار، ويتعلق الفيلم بمحنة اليهود ببولندا خلال الاحتلال الألماني النازي للبلاد. وقَدّمَ الفيلم بأسلوب فني عال، صورة حية وقاتمة لفترة مرعبة من الحرب العالمية الثانية.
اقــرأ أيضاً
الممثل والمنتج والمخرج، تشارلي تشابلن، أدرك على طريقته الخاصة أهمية تقديم فيلم عن هتلر، ليقترح عليه المخرج أليكساندرا كوردا في ثلاثينيات القرن الماضي، تقديم فيلم ساخر عن حياة هتلر ولكن تحت اسم مستعار، وبقي تشارلي يحضر للفيلم نحو 3 سنوات، تعرض خلالها إلى ضغوط عدة أثناء تصوير مشاهد الفيلم من عدة جهات، من بينها استديو "الفنانون المتحدون"، الذي كان تشابلن أحد مؤسسيه، إلى جانب مكتب الرقابة السينمائية في أميركا وبريطانيا، وحذروا المخرج من أن الفيلم لن يسمح له بالعرض إذا ما تابع هجومه على هتلر، خوفاً على المصالح الاقتصادية والسياسية. ولكن إعلان بريطانيا الحرب على ألمانيا النازية قلب الأمور إلى مصلحة تشابلن ليطالبه الجميع بالإسراع بتقديم الفيلم وعرضه. وقدم فيلمه الناطق الأول في مسيرته الفنية تحت عنوان The Great Dictator، عام 1940، واختار فيه تشابلن قصة ساخرة موجهة ضد هتلر وألمانيا النازية، ورشح الفيلم لخمس جوائز أوسكار، منها 3 ترشيحات لتشابلن عن الإخراج والتمثيل والإنتاج، ولكنه لم يحصد أي جائزة، وتم ضم الفيلم عام 1997 إلى قائمة الأفلام القومية الأميركية في مكتبة الكونغرس.
وربما كان فيلم Downfall (سقوط)، الذي أخرجه أوليفر هيرشبيغل عام 2004، أشهر ما قدم في السينما عن أدولف هتلر، من خلال الحرفية في التمثيل والإخراج والموسيقى، حتى أن الممثل السويسري برونو غانز الذي جسد دور هتلر، درس في مستشفى بسويسرا مرضى الشلل الرعاشي تحضيراً لدور هتلر، وتعلم لهجة هتلر النمساوية المميزة بمساعدة ممثل شاب من منطقة "لبرونو" في النمسا، مكان مولد هتلر. ورشح الفيلم لجائزة الأوسكار، وحصد أكثر من 20 جائزة دولية من مهرجانات حول العالم. وما زاد الفيلم شهرة أن مقاطع من هذا الفيلم استخدمت بشكل كبير وساخر على موقع اليوتيوب، من خلال إعادة مشهد أدولف هتلر وهو يصرخ في مساعديه، ولكن بعد إضافة ترجمات مختلفة بمعان كوميدية ساخرة وناقدة.
وعاد المخرج الألماني أوليفر هيرشبيغل عام 2015، ليقدم فيلماً بعنوان 13 Minutes، وكان فيلم سيرة ذاتية يروي قصة النجار جورج ألسر، الذي حاول اغتيال هتلر خلال الأيام الأولى للحرب العالمية الثانية، وتحديداً في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1939، عندما كان هتلر يلقي خطاباً في مدينة ميونخ، ولكنه أنهى خطابه وغادر المكان قبل الوقت المحدد، وبعد 13 دقيقة من مغادرته القاعة حصل الانفجار، وسبب دماراً كبيراً وقتل خلاله 8 أشخاص فقط، وقالت الجريدة الناطقة باسم الحزب النازي "فولكيشر بيوباختر": "ما جرى معجزة خلاص الفوهرر العظيم". وتم اعتقال ألسر قبل هروبه إلى سويسرا، وتم إعدامه عام 1945. والفيلم يسرد تلك الوقائع الحقيقية بلغة سينمائية فنية عالية.
اقــرأ أيضاً
ومن بين الأفلام التي تناولت أيضاً حادثة اغتيال هتلر كان فيلم المخرج برايان سينغر، عام 2008، وكان من بطولة توم كروز، تحت اسم "فالكيري"، وبلغت تكاليف الفيلم الإنتاجية 75 مليون دولار، وحقق على شباك التذاكر 200 مليون دولار، وكان الفيلم الخامس عالمياً الذي يتناول فترة الحرب العالمية الثانية ويحقق هذه الإيرادات العالية، حتى ذلك الوقت، لأن فيلم المخرج كريستوفر نولان الأخير Dunkirk حقق ما يقارب 500 مليون دولار. ويتناول الفيلم عملية إنقاذ وإجلاء جنود فرنسيين وبلجيكيين وبريطانيين من الحصار الذي فرضته قوات هتلر على ميناء دنكيرك.
اقــرأ أيضاً
وعند استلام النازيين زمام الأمور في ألمانيا عام 1933، التفتوا إلى تطويع نتاجات السينما لإعادة صياغة خيال الجماهير حتى تتوافق مع أفكار ومبادئ الحزب، الأمر الذي دفع بعجلة الإنتاج السينمائي في تلك الفترة لتصل إلى أكثر من 1000 فيلم روائي طويل خلال الفترة من عام 1933، وحتى عام 1935. وعمل أدولف هتلر مع وزير دعايته جوزيف غوبلز على تجميد عقول الجماهير من خلال السينما وبهرجتها، فأقاما عروضاً فخمة وأسرفا في الاحتفالات، إيماناً منهما بأن السينما لها قدرة كبيرة على التغلغل في وجدان الجماهير.
ولكن هذا الإنتاج الكبير من الأفلام، بحسب الكثير من النقاد، كان في الغالب الأعظم شكلاً من أشكال الدعاية الطنانة والأعمال التي لا تمت للفن بأي صلة، ولكن معظم هذه الأعمال كانت ميزانياتها مفتوحة، من بينها الفيلم الوثائقي Triumph Of The Will "انتصار الإرادة"، عام 1935، للمخرجة ليني ريفنشال، الذي يتناول الحملة الحزبية في نومبرغ عام 1934. هنا استعانت المخرجة بثلاثين كاميرا و120 تقنياً حتى تصور مسيرات نومبرغ فقط، وكان هذا الفيلم بمثابة ملحمة بطولية عن الحزب في ذلك الوقت بالنسبة لمؤيدي أفكار الحزب النازي، حتى أن أدولف هتلر أشاد بالفيلم واعتبره تمجيداً لا مثيل له من خلال قوة وجمال الحزب، ولكن الفيلم منع من العرض في ألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى جانب كل ما له صلة بالحزب النازي.
الحزب النازي، وبالتحديد أدولف هتلر، شغل بال معظم مخرجي هوليوود منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ليتسابق كل على طريقته في كشف فظائع النازيين، وما ألحقوه بالبشر والحجر من خراب ودمار، ومنهم المخرج البولندي رومان بولانسكي الذي أخرج تحفته The Pianist، عام 2002، وأظهر فيه حجم الخراب الذي ألحقته النازية بالبلاد على كل الأصعدة. ونال بولانسكي عن هذا الفيلم السعفة الذهبية لمهرجان كان، إلى جانب جائزة سيزر لأفضل فيلم وأفضل إخراج، و3 جوائز أوسكار. أما المخرج الأميركي ستيفن سبيلبيرغ، صاحب الأفلام الأكثر ربحاً بتاريخ السينما، فقدم فيلماً عام 1993، بعنوان Schindler's List، حصد به 7 جوائز أوسكار، ويتعلق الفيلم بمحنة اليهود ببولندا خلال الاحتلال الألماني النازي للبلاد. وقَدّمَ الفيلم بأسلوب فني عال، صورة حية وقاتمة لفترة مرعبة من الحرب العالمية الثانية.
الممثل والمنتج والمخرج، تشارلي تشابلن، أدرك على طريقته الخاصة أهمية تقديم فيلم عن هتلر، ليقترح عليه المخرج أليكساندرا كوردا في ثلاثينيات القرن الماضي، تقديم فيلم ساخر عن حياة هتلر ولكن تحت اسم مستعار، وبقي تشارلي يحضر للفيلم نحو 3 سنوات، تعرض خلالها إلى ضغوط عدة أثناء تصوير مشاهد الفيلم من عدة جهات، من بينها استديو "الفنانون المتحدون"، الذي كان تشابلن أحد مؤسسيه، إلى جانب مكتب الرقابة السينمائية في أميركا وبريطانيا، وحذروا المخرج من أن الفيلم لن يسمح له بالعرض إذا ما تابع هجومه على هتلر، خوفاً على المصالح الاقتصادية والسياسية. ولكن إعلان بريطانيا الحرب على ألمانيا النازية قلب الأمور إلى مصلحة تشابلن ليطالبه الجميع بالإسراع بتقديم الفيلم وعرضه. وقدم فيلمه الناطق الأول في مسيرته الفنية تحت عنوان The Great Dictator، عام 1940، واختار فيه تشابلن قصة ساخرة موجهة ضد هتلر وألمانيا النازية، ورشح الفيلم لخمس جوائز أوسكار، منها 3 ترشيحات لتشابلن عن الإخراج والتمثيل والإنتاج، ولكنه لم يحصد أي جائزة، وتم ضم الفيلم عام 1997 إلى قائمة الأفلام القومية الأميركية في مكتبة الكونغرس.
وربما كان فيلم Downfall (سقوط)، الذي أخرجه أوليفر هيرشبيغل عام 2004، أشهر ما قدم في السينما عن أدولف هتلر، من خلال الحرفية في التمثيل والإخراج والموسيقى، حتى أن الممثل السويسري برونو غانز الذي جسد دور هتلر، درس في مستشفى بسويسرا مرضى الشلل الرعاشي تحضيراً لدور هتلر، وتعلم لهجة هتلر النمساوية المميزة بمساعدة ممثل شاب من منطقة "لبرونو" في النمسا، مكان مولد هتلر. ورشح الفيلم لجائزة الأوسكار، وحصد أكثر من 20 جائزة دولية من مهرجانات حول العالم. وما زاد الفيلم شهرة أن مقاطع من هذا الفيلم استخدمت بشكل كبير وساخر على موقع اليوتيوب، من خلال إعادة مشهد أدولف هتلر وهو يصرخ في مساعديه، ولكن بعد إضافة ترجمات مختلفة بمعان كوميدية ساخرة وناقدة.
وعاد المخرج الألماني أوليفر هيرشبيغل عام 2015، ليقدم فيلماً بعنوان 13 Minutes، وكان فيلم سيرة ذاتية يروي قصة النجار جورج ألسر، الذي حاول اغتيال هتلر خلال الأيام الأولى للحرب العالمية الثانية، وتحديداً في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1939، عندما كان هتلر يلقي خطاباً في مدينة ميونخ، ولكنه أنهى خطابه وغادر المكان قبل الوقت المحدد، وبعد 13 دقيقة من مغادرته القاعة حصل الانفجار، وسبب دماراً كبيراً وقتل خلاله 8 أشخاص فقط، وقالت الجريدة الناطقة باسم الحزب النازي "فولكيشر بيوباختر": "ما جرى معجزة خلاص الفوهرر العظيم". وتم اعتقال ألسر قبل هروبه إلى سويسرا، وتم إعدامه عام 1945. والفيلم يسرد تلك الوقائع الحقيقية بلغة سينمائية فنية عالية.
ومن بين الأفلام التي تناولت أيضاً حادثة اغتيال هتلر كان فيلم المخرج برايان سينغر، عام 2008، وكان من بطولة توم كروز، تحت اسم "فالكيري"، وبلغت تكاليف الفيلم الإنتاجية 75 مليون دولار، وحقق على شباك التذاكر 200 مليون دولار، وكان الفيلم الخامس عالمياً الذي يتناول فترة الحرب العالمية الثانية ويحقق هذه الإيرادات العالية، حتى ذلك الوقت، لأن فيلم المخرج كريستوفر نولان الأخير Dunkirk حقق ما يقارب 500 مليون دولار. ويتناول الفيلم عملية إنقاذ وإجلاء جنود فرنسيين وبلجيكيين وبريطانيين من الحصار الذي فرضته قوات هتلر على ميناء دنكيرك.