أعاد ارتفاع أسعار الذهب في الجزائر السجال حول ملف المعدن الأصفر المغشوش المتداول بالأسواق، ما دفع إلى بروز علامات استفهام كبيرة عن مصدره والخسائر التي يسببها للمستهلكين والمنتجين والاقتصاد الوطني.
وكانت منظمة حماية المستهلك الجزائرية قد فجرت القضية مجددا، بعد إطلاقها حملة لمقاطعة شراء الذهب، بعد تسجيلها شكاوى مستهلكين وقعوا ضحية "بريق مزيف"، ولم يجدوا سبيلا لاسترجاع أموالهم سوى اللجوء إلى جمعية المستهلك التي تستعد لتكوين ملف قضائي لمقاضاة تجار الذهب المعنيين.
وفي السياق، أكد رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك مصطفى زبدي أن "ظاهرة بيع الذهب المغشوش تشكل ضررًا وتهدد بشكل خطير الاقتصاد ومصالح المستهلك المادية، لا سيما إذا سلم بوجود 40 إلى 50 طناً من الذهب المستهلك سنويًا، نسبة الغش والتدليس فيه تضاهي ما لا يقل عن 80 في المائة".
وأضاف زبدي في حديث مع "العربي الجديد"، أن "معظم الذهب المتداول بالسوق الجزائري غير مطابق للمعايير، ولهذا ولتطهير سوق المعدن الأصفر وترسيخ كل ما هو نوعي في التداول، تقرر وطبقًا للقانون الأساسي إنشاء لجنة تحت اسم (اللجنة الوطنية لنوعية وجودة الذهب)، والتي تتمحور مهمتها الأساسية في تقديم المقترحات للسلطات العمومية والعمل على ضمان الجودة التي أصبحت غير محترمة تمامًا".
وتابع رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك: "تضم اللجنة ممثلًا عن الحرفيين وممثلًا عن تجار الذهب، وستسعى للتنسيق مع الجهات المختصة والمتمثلة أساسًا في وزارة المالية، لإنشاء خلية مشتركة تجمع بين المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ووزارة المالية ممثلة بمديرية الجودة والضمان".
وعادت أخيرا ظاهرة الذهب المغشوش لتطفو على السطح مجدّداً، حيث تقوم بعض الورش بخلط كمية من النحاس أو الحديد مع كمية قليلة من الذهب بما يشكل نسبة 40 في المائة فقط من المعدن الأصفر، ويتم بيعه للمستهلك على أساس أنه ذهب 18 قيراطًا وبسعر مرتفع، ليكتشف المستهلك الخدعة بمجرد إعادة بيعه، ما أثار استياء المواطنين في ظل غياب الرقابة، فيما يرجع بائعوا الذهب هذه الظاهرة إلى ارتفاع أسعار المعدن الأصفر، بالرغم من تبرئة ذمتهم بحصر الظاهرة في بعض الممارسات المعزولة.
وسجّلت أسعار الذهب أرقاماً غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة، حيث لامست 8286 ديناراً (56.87 دولاراً)، للذهب عيار 24 قيراطا، و7595 دينارا (52 دولارا)، لعيار 22 قيراطا، فيما بلغ الذهب عيار 18 قيراطا الأكثر طلبا 6215 دينارا (42.65 دولارا)، ما جعل الإقبال عليه يتراجع إلى درجة هددت تجارة الذهب بالشلل التام.
عادت أخيرا ظاهرة الذهب المغشوش لتطفو على السطح مجدّداً، حيث تقوم بعض الورش بخلط كمية من النحاس أو الحديد مع كمية قليلة من الذهب
وفي هذا السياق، اعترف بائع المجوهرات في العاصمة الجزائرية عمر تليجان بتداول ذهب مغشوش في الأسواق. وأضاف تليجان متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن "تجار ذهب أيضا وقعوا ضحية لورشات إنتاج الذهب المغشوش، سواء بعامل الثقة أو لنقص الخبرة وطرق المراقبة البدائية. في الحقيقة يتم خلط النحاس مع الذهب مباشرة أو عبر إضافة قطع نحاسية إلى قطع الذهب لتشكيل القلادة أو الأساور، يضاف إلى ذلك وزن الأحجار، وبالتالي ينخفض حجم الذهب إلى 30 بالمائة، وهنا يمكن حساب هامش الربح".
وأضاف بائع الذهب أن "قضية الذهب المغشوش كانت متداولة منذ القديم لكنها استفحلت أخيرا بسبب ارتفاع أسعار المعدن الأصفر، والجزائر تستورد جل الذهب المتداول، ومع تهاوي الدينار ارتفع سعره وتقلص هامش الربح، ولجأت الورش إلى إضافة النحاس وغيره من المعادن لتقليص كلفة الإنتاج".
من جانبه، اعترف عضو اللجنة الجزائرية للمجوهرات والمعادن الثمينة جمال عمروني بوجود حالات غش في إنتاج المجوهرات الذهبية، لكن ليس بالحجم الذي تتحدث عنه منظمة حماية المستهلك.
وأضاف عمروني متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أّن "هناك من يبيع ذهباً لا يتماشى مع عيار 18 قيراطاً أو ما يعرف عند المهنيين برمز (750)، ونطالب الحكومة بإلغاء الرسوم على شراء الآلات الرقمية للعيار، التي يفوق سعرها 5 ملايين دينار، أي 37 ألف دولار، وذلك لكبح محاولات الغش، أما في ما يخص منظمة حماية المستهلك، فنحن نحتفظ بحقنا في متابعتها قضائيا بعد تكوين ملف حول ادعاءاتها".