680 ألف تونسي يترقبون نتائج مفاوضات زيادة الرواتب

02 سبتمبر 2022
جانب من احتجاجات سابقة للاتحاد العام للشغل (Getty)
+ الخط -

تتقدم المفاوضات بين الحكومة والنقابات العمالية بشأن الزيادات في رواتب الموظفين بنسق متباطئ وسط ترقب أكثر من 680 ألف تونسي يعملون في القطاع الحكومي لمآلات هذه المفاوضات التي يعول الموظفون على نتائجها لتحقيق مكاسب مادية ترمم جزءا من قدرتهم الإنفاقية المتهالكة.

وتعقد الحكومة مع وفد الاتحاد العام التونسي للشغل، اليوم الجمعة، جلسة مفاوضات ثالثة بشأن اتفاق الزيادة في الرواتب سبقتها جلستان خصصتا للتفاوض حول نصوص ترتيبية في تعامل الحكومة مع النقابات المهنية، بينما غابت عن جدول الأعمال المفاوضات حول الإصلاح الاقتصادي وخطة التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

وقال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري لـ"العربي الجديد"، إن سير المفاوضات بشأن الزيادة في الرواتب لم يتقدم بالشكل الكافي، حيث لا تزال الرؤى متباعدة بين نسبة الزيادة التي تطالب بها النقابة والنسبة المقترحة من الجانب الحكومي.

وأكد الطاهري أن الجلستين الماضيتين خصصتا للتفاوض حول سحب منشور حكومي (المنشور عدد 20 لسنة 2021) الذي حدّدت الحكومة بمقتضاه شروط وضوابط التفاوض مع النقابات عبر التنسيق بصفة مسبقة مع الكاتبة العامة للحكومة وعدم الشروع في التفاوض مع النقابات سواء في ما يخص مجال الوظيفة العمومية أو المؤسسات والمنشآت العمومية إلّا بعد الترخيص في ذلك من قبلها.

وأفاد المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل بتحقيق تقدم في المطالب الترتيبية مقابل تباعد وجهات النظر بشأن المطالب المادية، مستبعدا التوصل إلى اتفاق نهائي في جلسة الجمعة، وأضاف: "قدمت الحكومة أربعة مقترحات لها علاقة بالزيادة في الأجور وكيفية تطبيق اتفاقيات سابقة، وهناك موافقة مبدئية على الزيادة"، مشيرا إلى بدء مناقشة التفاصيل حول نسب الزيادة وآجال صرفها.

وحول المفاوضات بشأن خطة الإصلاح الاقتصادي المعروضة على صندوق النقد الدولي، قال الطاهري إن حكومة نجلاء بودن تواصل سياسة التكتم على هذا الملف ولم تقدم للنقابة أي تفاصيل عن مفاوضاتها مع المؤسسة المالية.

وأكد الطاهري أن الاتحاد العام التونسي للشغل قدم للحكومة رؤيته للإصلاح الاقتصادي وأعرب عن استعداده للتفاوض بشأنها من أجل إصلاح ناجح يحمي حقوق التونسيين.

ويطلق الاتحاد العام التونسي للشغل مفاوضات دورية حول الزيادة في أجور موظفي القطاع الحكومي، كما يطلق بالتوازي مفاوضات أخرى مع القطاع الخاص تتوج بتوقيع اتفاقيات إطارية يتم بمقتضاها صرف زيادات مقسطة على 3 سنوات.

وتحدد نسبة الزيادة في الأجور بحسب نسبة التضخم وقدرة الحكومة على توفير مخصصات الزيادة في الموازنات العامة التي تنزل رسميا ضمن كتلة الأجور المبرمجة لكل سنة.

لكن الناطق الرسمي باسم الحكومة نصر الدين النصيبي قال في تصريحات إعلامية إن هناك ترجيحات بإمضاء الاتفاق النهائي بين الحكومة واتحاد الشغل في جلسة اليوم المرتقبة بخصوص جملة من المطالب والاستحقاقات الاجتماعية التي طرحت على طاولة التفاوض.

وقال النصيبي إن المفاوضات تسجّل تقدما ملحوظا وأنه جرى الاتفاق على العديد من المطالب التي تضمنها جدول الأعمال. وأضاف الناطق باسم الحكومة أن وضع تونس الحالي يتطلب وعيا جماعيا بدقة المرحلة والجلوس على طاولة الحوار حول الاستحقاقات الاجتماعية وما تقدر ميزانية الدولة على تحمله.

يطلق الاتحاد العام التونسي للشغل مفاوضات دورية حول الزيادة في أجور موظفي القطاع الحكومي، كما يطلق بالتوازي مفاوضات أخرى مع القطاع الخاص تتوج بتوقيع اتفاقيات إطارية

وتقدر كتلة الأجور التي ضبطت في قانون مالية 2022 بنحو 21.5 مليار دينار مقابل 20.3 مليار دينار سنة 2021.
واعتبرت الحكومة، في منشور حول إعداد ميزانية الدولة للسنة المقبلة وجهته إلى الوزراء ورؤساء الهياكل والهيئات الدستورية المستقلة والولاة ورؤساء البرامج، أن نفقات الأجور وصلت إلى مستوى قياسي خلال سنة 2022 في حدود 15.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 10 بالمائة سنة 2010، ما قلص من الاعتمادات ذات الصبغة التنموية وحدّ من قدرة الميزانية على تعزيز الاستثمار العمومي.

ويسعى الاتحاد العام التونسي للشغل إلى ضمان حقوق الموظفين في زيادات أجورهم الدورية والضغط على الحكومة من أجل تنفيذ المطالب التي تضمنتها لائحة الإضراب العام الذي نفّذ في يونيو/ حزيران الماضي.

في المقابل، تتجنّب الحكومة أي اتفاقات يكون لها انعكاس مالي على الميزانية التي تشكو عجزا قياسيا فاق 9 بالمائة التزاما بتوصيات صندوق النقد الذي يحث السلطات على خفض كتلة الأجور من 15 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما دون 12 بالمائة.

وكشف التقرير السنوي للبنك المركزي التونسي الصادر أخيرا أن المستوى من العجز يظل مثيرا للقلق بالنظر إلى حجم النفقات غير القابلة للتقليص وفتور النمو.

وقال التقرير إن تمويل مثل هذا العجز يطرح تحديات حقيقية، علما أن الدين العمومي قد ارتفع بحوالي 10.5 مليارات دينار، منها قرابة 9 مليارات دينار ذات مصدر داخلي مع اللجوء المتزايد للتمويل البنكي. ولم يحسم صندوق النقد الدولي بعد موقفه بشأن برنامج تمويل جديد بقيمة 4 مليارات دولار تحتاجه تونس لدعم الموازنة.

المساهمون