3 دول عربية في قبضة مشكلات الديون

03 سبتمبر 2023
استحقاقات الديون تضغط على اقتصادات تونس ومصر ولبنان (فرانس برس)
+ الخط -

سيكون استمرار مشكلات الديون التي تواجه عدداً من دول العالم النامي وتداعياتها، موضوعاً أساسياً خلال قمة مجموعة العشرين التي تُعقَد في دلهي الشهر المقبل.

وفي ما يأتي نظرة على البلدان التي تواجه صعوبات حالياً، من بينها 3 دول عربية، هي تونس ومصر ولبنان. 

أزمة اقتصادية في تونس

تواجه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، أزمة اقتصادية شاملة، ورغم أن أغلب ديونها داخلية، لكنّ ثمة أقساطاً لقروض أجنبية يحل موعد استحقاقها في وقت لاحق هذا العام. وقالت وكالات تصنيف ائتماني إن تونس قد تتخلف عن السداد.

انتقد الرئيس قيس سعيّد الشروط المطلوبة للحصول على 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ووصفها بأنها "إملاءات" لن يفي بها.

وتعهدت السعودية بتقديم قرض ميسر بقيمة 400 مليون دولار ومنحة بقيمة 100 مليون دولار، لكن لا يزال الاقتصاد التونسي المعتمد على السياحة يعاني نقص مواد غذائية وأدوية مستوردة.

وعرض الاتحاد الأوروبي دعماً بنحو مليار يورو (1.1 مليار دولار)، لكن يبدو أن ذلك مرتبط في معظمه باتفاق صندوق النقد الدولي أو الإصلاحات. 

خطر الديون في مصر

تظل مصر إحدى الدول الكبرى الأخرى التي يُنظر إليها على أنها معرضة لخطر الوقوع في براثن مآزق اقتصادية.

ولدى أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا نحو 100 مليار دولار من الديون بالعملة الصعبة، معظمها مقوم بالدولار، ويتعين على مصر سدادها على مدى السنوات الخمس المقبلة، منها سندات ضخمة بقيمة 3.3 مليارات دولار العام المقبل. وتنفق الحكومة أكثر من 40% من إيراداتها على مدفوعات فوائد الديون فقط.

ولدى القاهرة برنامج مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وخفضت قيمة الجنيه بنحو 50% منذ فبراير/شباط 2022.

لكنّ خطة للخصخصة لا تزال تسير ببطء، وحادت الحكومة الشهر الماضي عن خطة الصندوق بقولها إنها ستبقي أسعار الكهرباء المدعومة دون تغيير حتى يناير/كانون الثاني.

يجري تداول بعض سندات الحكومة بنصف قيمتها الاسمية، ويعتقد محللون أن العامل الرئيسي الذي قد يحدد إمكانية عودة القاهرة إلى المسار الصحيح هو مقدار الدعم الذي تقدمه دول الخليج الغنية، مثل السعودية.

تخلّف لبنان عن سداد الديون

تخلّف لبنان عن سداد ديونه منذ عام 2020، ولا يوجد سوى القليل من الدلائل على أن مشكلاته في سبيلها إلى الحل.

وكان صندوق النقد الدولي قد أطلق تحذيرات قوية. واقترح مصرف لبنان المركزي قبل شهرين إلغاء ربط الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي المعمول به منذ فترة طويلة، في ما يُعَدّ خطوة إلى الأمام، في مسعى مواجهة الأزمة الاقتصادية.

هيكلة ديون زامبيا

كانت زامبيا أول دولة أفريقية تتخلف عن السداد خلال جائحة كوفيد-19. وبعد سلسلة من الخطوات التي طال انتظارها خلال الأشهر الماضية، يبدو أنها تقترب أخيراً من خطة للإصلاح. وتوصلت في يونيو/حزيران إلى اتفاق لإعادة هيكلة ديون بقيمة 6.3 مليارات دولار مع الدول الدائنة في "نادي باريس"، ومع الصين التي حصلت منها أيضاً على قروض ضخمة. ولا يزال العمل جارياً على التفاصيل، لكن الحكومة تأمل كذلك التوصل إلى اتفاق خلال الأشهر المقبلة مع صناديق دولية تحتفظ بسنداتها السيادية غير المدفوعة.

لاقى هذا التقدم ترحيباً باعتباره نجاحاً لمبادرة إطار العمل المشترك لمجموعة العشرين التي وُضعَت خلال الجائحة لمحاولة تبسيط عمليات إعادة هيكلة الديون، لكن تواجه صعوبة لتطبيقها.

خطة إصلاح للديون في سريلانكا

أعلنت سريلانكا خطة لإصلاح الديون في نهاية يونيو/حزيران، وتواصل إحراز تقدم منذ ذلك الحين، لكن ليس في كل أقسام الخطة.

ووافق جميع حاملي سندات التنمية السريلانكية المحلية المقومة بالدولار تقريباً على تبادل سنداتهم بخمس أوراق مالية جديدة مقومة بالروبية السريلانكية من المقرر أن يحل موعد استحقاقها بين عامي 2025 و2033.

غير أن جزءاً آخر من خطة الدين المحلي واجه تعثراً مع تأجيل الموعد النهائي الرئيسي لتبادل سندات الخزانة ثلاث مرات، ليصبح الآن في 11 سبتمبر/أيلول الجاري.

وقال محافظ البنك المركزي ناندالال فيريسينكه إن كبار الدائنين الأجانب للبلاد مثل الهند والصين ينتظرون الانتهاء من العملية المتعلقة بالدين المحلي قبل مواصلة المناقشات.

وأضاف أن المفاوضات ستعقد بالتوازي مع المراجعة الأولى لبرنامج الإنقاذ التابع لصندوق النقد الدولي البالغة قيمته 2.9 مليار دولار والمقرر في الفترة من 14 إلى 27 سبتمبر/أيلول. وقد يؤدي عدم استكمال إصلاح الدين المحلي بحلول ذلك الوقت إلى تأخيرات في مدفوعات صندوق النقد الدولي والمحادثات مع الدائنين.

تخلّف عن السداد في غانا

تخلفت غانا عن سداد معظم ديونها الخارجية في نهاية العام الماضي. وهي الدولة الرابعة التي تسعى لإعادة العمل بموجب الإطار المشترك، وتهدف إلى خفض مدفوعات ديونها الدولية بمقدار 10.5 مليارات دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وكان تقدمها سريعاً نسبياً مقارنة بدول مثل زامبيا. ووافقت الحكومة في الآونة الأخيرة على معالجة ما يقرب من أربعة مليارات دولار من ديونها المحلية من خلال عملية مبادلة ديون صندوق التقاعد وسندات مقومة بالدولار.

وأعدت خطة لإعادة الهيكلة، وقال وزير المالية إنه يتوقع أيضاً التوصل إلى اتفاق مع حاملي السندات في البلاد بحلول نهاية العام.

تعلم الصناديق أن الخطة ستتطلب منها إلغاء ديون، لكنها تأمل أن تتضمن أيضاً "أداة للتعافي" تهدف إلى أن تصبح غانا قادرة على سداد المزيد من تلك الأموال مع مرور الوقت إذا تعافى اقتصادها بسرعة. 

دين خارجي ضخم على باكستان

تحتاج باكستان إلى ما يزيد على 22 مليار دولار لخدمة الدين الخارجي ودفع الفواتير الأخرى للسنة المالية 2024.

وتتولى حكومة تسيير الأعمال المسؤولية حتى الانتخابات التي يتعين إجراؤها بحلول نوفمبر/تشرين الثاني. وقد وصلت معدلات التضخم وأسعار الفائدة إلى مستويات ارتفاع تاريخية. وتبذل البلاد جهوداً مضنية لإعادة الأعمار بعد فيضانات مدمرة شهدتها العام الماضي.

وتوصلت في يونيو/حزيران إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة مع صندوق النقد الدولي يتعلق بخطة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وتلا ذلك تعهد السعودية والإمارات بضخ نقدي بقيمة ملياري دولار، ومليار دولار على التوالي.

وكانت الاحتياطيات، التي انخفضت إلى 3.5 مليارات دولار، قد انتعشت إلى 7.8 مليارات دولار بحلول أواخر أغسطس/آب.

ويقول المراقبون إنه قد يكون لدى باكستان ما يكفي لوصولها إلى مرحلة الانتخابات، لكن هناك أسئلة رئيسية عن المدة التي ستتمكن فيها من تفادي التخلف عن السداد دون الحصول على الكثير من الدعم. 

جدول للسداد في السلفادور

تحولت السلفادور من حالة اليأس والتخلف عن السداد إلى سوق السندات المفضلة مدفوعة بعمليتي إعادة شراء ديون مفاجئتين وتعيين مسؤول سابق في صندوق النقد الدولي مستشاراً لوزارة المالية.

وانخفض سعر سندات اليورو استحقاق 2025 في صيف 2022 إلى ما يقل قليلاً عن 27 سنتاً للدولار، متأثراً بارتفاع تكاليف خدمة الدين والمخاوف المتعلقة بخطط التمويل والسياسات المالية.

وجرى تداول السندات ذاتها عند 91.50 سنتاً في 31 أغسطس/آب، وبلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 77% في ديسمبر/كانون الأول، أي أدنى مستوى منذ عام 2019. ووفقاً لبيانات رفينيتيف، فإن من المتوقع أن تنخفض نقطة مئوية أخرى هذا العام.

وقد أدى جدول سداد ديونها الخفيف نسبياً حتى عام 2027، والشعبية العالية للرئيس نجيب أبو كيلة، إلى تهدئة المخاوف من احتمال تخلف البلاد عن السداد. 

رفض للإصلاحات في كينيا

يقول البنك الدولي إن الدين العام للدولة الواقعة في شرق أفريقيا يبلغ ما يقرب من 70% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعرضها لخطر أزمة ديون محتدمة.

ورشّدت حكومة الرئيس وليام روتو الإنفاق، واقترحت مجموعة من الزيادات الضريبية، الأمر الذي هدّأ بعض المخاوف بشأن تخلف وشيك عن السداد.

ويجري بنك التنمية الأفريقي محادثات مع كينيا للحصول على مبلغ 80.6 مليون دولار لمساعدتها على سدّ فجوات التمويل لديها هذا العام، كما يناقش أيضاً دعم الميزانية من البنك الدولي.

لكن المخاوف لا تزال قائمة، إذ رفضت المعارضة السياسية العديد من الزيادات الضريبية التي أقرها روتو، وأجبرته الاحتجاجات على وقف بعض الإصلاحات، مثل خفض دعم الوقود. 

تجميد مدفوعات الديون في أوكرانيا

جمدت أوكرانيا مدفوعات الديون في أعقاب الغزو الروسي العام الماضي، وقالت إنّ من المرجح أن تقرر في أوائل العام المقبل ما إذا كانت ستسعى لتمديد الاتفاق المتعلق بالمدفوعات أو تبدأ النظر في بدائل أخرى أكثر تعقيداً.

وتقدر المؤسسات الكبرى أن تكلفة إعادة البناء بعد الحرب ستبلغ تريليون يورو على الأقل. ويقدر صندوق النقد الدولي أن أوكرانيا تحتاج إلى ما بين 3 و4 مليارات دولار شهرياً لمواصلة تسيير شؤونها.

إذا لم يكن النصر في الحرب مع روسيا حليفها أو على الأقل خفّت حدة القتال كثيراً بحلول العام المقبل، فإن معضلة إعادة هيكلة ديون أوكرانيا يجب أن تأخذ في الاعتبار أيضاً الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 ودرجة الدعم الذي ستتلقاه في حالة فوز مرشح جمهوري بالمنصب، سواء كان الرئيس السابق دونالد ترامب أو غيره. 

(الدولار = 0.92 يورو)

(رويترز)

المساهمون