كورونا... رب ضارة نافعة

13 فبراير 2020
انتشار فيروس كورونا فرصة للمصانع العربية (Geety)
+ الخط -




يقولون "رب ضارة نافعة"، والعرب من بين المتضررين من انتشار فيروس كورونا القاتل على عدة مستويات، منها تراجع تدفق المنتجات والسلع الصينية إلى الأسواق العربية، وهو ما يرشح الأسعار للارتفاع داخل دول المنطقة.

ومن الأضرار تراجع الطلب على النفط العربي من قبل الصين، أكبر مستهلك لهذا النفط، خاصة الخليجي، وهو ما يؤثر سلبا على إيرادات هذه الدول، خاصة منطقة الخليج النفطية. وتراجع حجم تجارة الصين المتجهة للأسواق الأوروبية، وهو ما قد يؤثر سلباً على إيرادات قناة السويس.

كما أن المخصصات المالية الضخمة التي رصدتها الصين لمواجهة تداعيات انتشار الفيروس والبالغ قيمتها 173 مليار دولار يمكن أن تؤثر سلباً على حجم التدفقات الصينية إلى الأسواق الناشئة، ومنها الأسواق العربية وأفريقيا.

إضافة إلى تأثر قطاع السياحة العربية سلباً بأزمة فيروس كورونا بسبب حالة الشلل التي تمر بها السياحة الصينية، أكبر مورد للسياح في العالم. كما سيتراجع طلب الصين على المواد الأولية الموجودة داخل الدول العربية.

وهناك أثر آخر يتعلق بتوقعات تراجع المساعدات الصينية المقدمة للدول العربية، والتي قدرت بنحو 23 مليار دولار في العام 2018، منها 20 مليارا في صورة قروض، والباقي في شكل منح ومعونات تقدم غالبا لأغراض سياسية كما هو الحال في سورية.

لكل هذه الاعتبارات وغيرها، يمكن القول إن الاقتصاديات العربية ستتضرر بشدة من تداعيات انتشار كورونا... أضرار قد تتعمق خلال الفترة المقبلة وتتحول إلى خسائر بمليارات الدولارات، في حال إذا ما تم القضاء على الفيروس في الفترة القليلة المقبلة، واستمر تراجع الطلب العالمي على النفط والسياحة والطيران.

لكن كورونا ليس شراً على طول الخط للدول العربية إذا ما طبقنا مقولة "رب ضارة نافعة"، وأخذنا الدروس من تلك الأزمة الإنسانية التي تحولت إلى أزمة اقتصادية عالمية، فتراجع تدفق المنتجات الصينية إلى المنطقة يعطي فرصة ذهبية للمصانع في المنطقة العربية لزيادة إنتاجها وتعويض الفاقد من السلع المستوردة، خاصة من الصين، وبالتالي تشغيل أيدٍ عاملة وشباب عاطل، والحد من الواردات وبالتالي تخفيف الضغط على النقد الأجنبي لدى حكومات دول المنطقة.

وهذه خطوة مهمة، خاصة إذا ما علمنا أن واردات العرب من الصين تجاوزت قيمتها 104 مليارات دولار في عام 2018. كما أن حجم التبادل التجاري بين العرب والصين تجاوز 244 مليار دولار في ذلك العام، لكن على المصانع أن تخفض أسعارها وتحسن من جودة منتجاتها ولا تبالغ في العوائد إذا ما أرادت جذب المستهلك العربي الذي يقبل على شراء منتجات الصين رغم رداءة جودة معظمها.

كما أن تراجع الاستثمارات والقروض الصينية المتجهة لدول المنطقة يجعلنا نطالب بالاستفادة من مليارات الدولارات العربية المودعة في بنوك الغرب وبسعر فائدة متدنية ولا تستفد منها الاقتصادات العربية بالشكل الكافي. وهذه الخطوة في حاجة إلى إرادة سياسية حقيقية وليس مجرد شعارات ووعود كما يحدث من وقت لأخر.

ويكفي القول إن دول الخليج تمتلك صناديق سيادية تتجاوز أموالها 2 تريليون دولار، أي ألفي مليار دولار، وهذه الأموال مودعة في البنوك الأميركية والأوروبية ومستثمرة في سندات وأذون الخزانة الصادرة عن الدول السبع الصناعية.

دلالات
المساهمون