بينما تنشغل حكومة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين والتي تتطلّب شهرياً نحو 4 مليارات دولار، يعاني نحو ربع مليون موظف بالأجر اليومي وأصحاب العقود في وزارات الكهرباء والبلديات والتربية والداخلية ومؤسسات حكومية أخرى من عدم صرف مستحقاتهم المالية منذ 10 أشهر، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد".
وأكد مسؤول عراقي في وزارة التخطيط أن أعداداً هائلة من الموظفين الذين يعملون بصفة أجير يومي أو عقد شهري تم تعيينهم العام الماضي بطريقة عشوائية في وزارة الكهرباء من دون تخصيص مالي من قبل وزارة المالية لم تصرف رواتبهم منذ أشهر.
وقال المسؤول لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة السابقة برئاسة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي ضخّت بعد تظاهرات أكتوبر/ تشرين الأول 2019 نحو 250 ألف درجة وظيفية بصفات مختلفة على العديد من الوزارات، لكنها تبيّنت أنها غير مغطاة مالياً وما تزال الحكومة عاجزة عن تأمين مبالغ رواتبهم".
وأضاف المسؤول، الذي فضّل عدم الإفصاح عن هويته، أن "جميع من تم توظيفهم بعد الاحتجاجات الشعبية لم يحصلوا على مستحقاتهم المالية منذ أكثر من 10 أشهر، الأمر الذي دفعهم إلى التهديد بالنزول إلى الشارع والتظاهر أمام مبنى وزارة المالية".
وفي نفس السياق، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة ستصرف لموظفي العقود بالوزارة مرتبات الأشهر الثلاثة الأخيرة، وأوعزت إلى وزارة المالية تخصيص مبلغ 124 مليار دينار (الدولار = نحو 1222 ديناراً) لهذا الغرض.
وفي المقابل، تبرز مشكلة موظفي العقود والأجر اليومي في وزارات التربية والبلديات والنفط والعدل ومؤسسات أخرى، ويبلغ عددهم الإجمالي أكثر من 140 ألف بقليل، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد".
ويؤكد الخبير الاقتصادي والمالي العراقي وعضو منظمة الشفافية العراقية المعنية بمراقبة الأداء الحكومي، أحمد الجبوري، لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة الحالية تدفع ثمن تخبط حكومة عبد المهدي.
وأضاف أن "تركة حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، ثقيلة ومنها محاولة إسكات الشارع بقبول توظيف عشرات الآلاف بلا مخصصات مالية، والأدهى أن الدولة لا تحتاج لهم أساساً، وحالياً حكومة الكاظمي تحاول إيجاد طريقة معالجة لأن القول لهم شكراً نحن لسنا بحاجة لكم سيسبب مشكلة أيضاً".
علي النداوي أحد أصحاب العقود في وزارة الكهرباء قال لـ"العربي الجديد" إن "أغلب العاملين الجدد في وزارة الكهرباء بصفة عقد أو أجير يومي فقدوا الأمل بصرف مستحقاتهم المالية بسبب الوعود الكاذبة التي يطلقها المسؤولون في الوزارة، الأمر الذي دفعهم إلى البحث عن فرص عمل أخرى في القطاع الخاص".
وشهدت العاصمة العراقية بغداد والبصرة وميسان وذي قار إضراباً عن العمل من قبل الموظفين الجدد لعدم صرف مستحقاتهم المالية مع إطفاء المحطات، كما حذر آخرون في محافظات عدة من الدخول في إضرابات شاملة إلى حين إيجاد الحل لهذه الأزمة التي أبقت آلاف العائلات دون مصدر رزق.
ومن جهته قال وزير الكهرباء، ماجد حنتوش، في مؤتمر صحافي حضره، الأحد الماضي، إن "عدد العقود والإجراء اليوميين في وزارة الكهرباء وحدها تجاوز 113 ألف موظف"، موضحاً أن "الوزارة تحتاج إلى 54 مليار دينار كرواتب سنوياً".
وأضاف أن "صرف رواتبهم سيكون من الجباية المركزية عن طريق وزارة المالية"، لافتاً إلى أن "المشكلة كانت تحويل عقودهم من الاستثمارية إلى التشغيلية، وسيتم صرف رواتبهم لغاية شهر مارس/ آذار الماضي بحسب مستحقات الشركات".
وفي الوقت الذي تحدث فيه مسؤولون في وزارة الكهرباء عن إمكانية تأمين رواتب موظفيها الجدد، أكد مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب أحمد الصفار صعوبة تأمين رواتب الأشهر المقبلة.
وقال الصفار في تصريح صحافي له إن "مشروع قانون الموازنة الاتحادية العامة للبلد لسنة 2020 لم يصل إلى مجلس النواب، وبالتالي من الصعب الحديث عما ستتضمنه الموازنة ما لم يتم الاطلاع عليها".
إلى ذلك، قال عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، أحمد حمه رشيد، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الأجراء اليوميين وموظفي العقود في الوزارات العراقية والاستحداثات الوظيفية الأخرى قسم منهم كان له غطاء قانوني في موازنة عام 2019، والقسم الآخر أُجّل لموازنة 2020 التي لم ترَ النور لغاية اللحظة والتي كانت السبب في إرباك عمل جميع الوزارات وتأخير رواتب العاملين فيها".
وأضاف أن "موازنة 2020 تشمل أكثر من قائمة، ومنها ما يخص موظفي وزارتي الصحة والداخلية ووزارات ومؤسسات حكومية أخرى، وهم بانتظار صدور قانون لتحويل تخصيصاتهم المالية من وزارة المالية إلى وزاراتهم".