2023... ألم يأتِ الأسوأ بعد؟

30 ديسمبر 2022
ترجيح استمرار أزمة تضخم أسعار السلع الأساسية مثل القمح والحبوب في 2023 (Getty)
+ الخط -

خلال الأيام الماضية خرجت علينا تحليلات وتوقعات متشائمة للعام 2023 تقول إن الأسوأ لم يأت بعد، وإن العالم سيمر بأزمات في العام الجديد قد تفوق في حدتها ما حدث في العام الحالي والذي شهد قفزات في تضخم أسعار السلع الأساسية مثل القمح والحبوب ومنتجات الطاقة والسلع الأولية، وأزمة في سلاسل الإمدادات، وزيادة المخاطر الجيوسياسية بسبب حرب أوكرانيا، واندلاع أسوأ حرب اقتصادية في العالم قادتها الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها من دول العالم ضد روسيا إثر غزوها أوكرانيا.

بل وتذهب بعض التوقعات المتشائمة والمتطرفة إلى القول بأن الاقتصاد العالمي سيشهد انهيارا واسع النطاق في 2023، وأن كسادا كبيرا سيحدث وستفوق حدته حدة الكساد العظيم الذي ضرب الولايات المتحدة في العام 1929 واستمر عشر سنوات.

تذهب بعض التوقعات المتشائمة والمتطرفة إلى القول بأن الاقتصاد العالمي سيشهد انهيارا وركودا واسع النطاق في 2023

وأن أزمة الطاقة ستتفاقم وستصاحبها قفزات أخرى في أسعار النفط والغاز الطبيعي، وأن العالم قد يشهد صدمة في عرض بعض السلع الضرورية، وأن العالم سيغرق في أزمة ديون تفوق الأزمة المالية العالمية التي جرت في العام 2008.

أما أوروبا فمن المتوقع أن تشهد أعمق أزمة طاقة منذ عقود في 2023 مع قطع إمدادات النفط والغاز الروسيين، تصاحبها عتمة شديدة وبرودة وانقطاعات في الكهرباء وافلاس للمصانع وشلل في الأنشطة الاقتصادية مع استمرار حرب أوكرانيا وتصاعد العقوبات الاقتصادية بين روسيا والغرب.

تزيد حدة الأزمة مع ارتفاع تكاليف الطاقة في أوروبا التي تجاوزت تريليون دولار، كما أن الأزمة مرشحة للاستمرار مع شح مصادر الطاقة وارتفاع الأسعار حتى عام 2026 والرهان المؤجل على تدفق غاز مسال إضافي من قطر والولايات المتحدة.

كما تميل تلك التوقعات إلى أن العالم مقبل على أكبر فقاعة في التاريخ، وأن الفقاعة قد تصيب العملات الورقية والرقمية وفي مقدمتها بيتكوين وغيرها، كما قد تصيب الأصول الورقية والأسهم والبورصات.

وتبني هذه التحليلات توقعاتها على عدة أمور منها مثلا إصابة الاقتصاد الأميركي وغيره من الاقتصادات الكبرى بحالة ركود تضخمي، واستمرار البنوك المركزية في سياسة التشدد النقدي ورفع سعر الفائدة في محاولة لكبح التضخم المرتفع، وتفاقم أزمة الديون العالمية، وتراجع معدل النمو لمدة قد تصل إلى 10 سنوات، واصابة بعض الاقتصادات بالانكماش والكساد، وعودة مخاطر متحورات كورونا، واصابة الاقتصاد الصيني في مقتل في حال تصاعد حدة التوتر بين بكين وواشنطن وغزو الصين جزيرة تايوان.

إصابة الاقتصاد الأميركي والاقتصادات الكبرى بحالة ركود تضخمي، واستمرار البنوك المركزية في التشدد النقدي ورفع الفائدة في محاولة لكبح التضخم، وتفاقم أزمة الديون

واللافت أن التقارير الحديثة الصادرة عن مؤسسات مالية كبرى دعمت تلك التوقعات المتشائمة، فقد حذّر كل من صندوق النقد والبنك الدوليين من أنّ العالم قد يتجه نحو ركود عالمي، مع مواصلة رفع البنوك المركزية أسعار الفائدة لمكافحة التضخم الجامح، وأن زيادة تباطؤ النشاط الاقتصادي قد تدفع بلدانا عدة نحو الانزلاق إلى الهاوية والوقع في شباك الركود.

ببساطة فإن التوقعات تصل إلى نتيجة هي أن تدهورا محتملا في المشهد والرؤية الاقتصادية العالمية في ظل زيادة المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية، وزيادة حدة التوتر بين روسيا والغرب، وفتح دائرة توتر جديدة بين الولايات المتحدة والصين، وارتفاع أعباء التضخم وتكاليف الاقتراض.

لكن الصورة ليست قاتمة وبهذا السوء، فالعالم تعود على حرب أوكرانيا ولم يعد يتعامل معها على أنها الأخطر في العالم، وأزمة الغذاء العالمية تتراجع حدّتها مع انخفاض أسعار الحبوب في ظل التزام روسيا وأوكرانيا بتصدير الحبوب والسلع الغذائية.

وحتى لو ارتفع سعر النفط فلن يصل إلى 147 دولارا كما حدث في العام الماضي عقب اندلاع حرب أوكرانيا، والبنوك المركزية ربما تتخلى عن سياسة رفع سعر الفائدة في منتصف 2023 أو في سبتمبر المقبل، والعالم تعود على وجود أزمة ديون، والاقتصاد الأميركي قد يفلت من حفرة الركود، وقد تتراجع المخاطر الجيوسياسية.

المساهمون