الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين تنعكس ايجاباً على الأسواق وتضغط على الذهب

02 يوليو 2019
ارتفاع قياسي ل"وول ستريت" عند الافتتاح(Getty)
+ الخط -

توقع مصرفيون وخبراء الأسواق، أن ترفع الهدنة التجارية التي توصل إليها الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ، في أعنف حرب تجارية يشهدها التاريخ بين الصين والولايات المتحدة، من معنويات المستثمرين في أسواق المال والسلع وأن تؤدي إلى ارتفاع أداء الأسواق الناشئة. 

لكن بعض الخبراء لا يرون أن هذه الهدنة المعلنة يوم السبت، على هامش قمة مجموعة العشرين، ستثني مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) عن خفض سعر الفائدة خلال اجتماعه المقبل، وبالتالي قد تتواصل التداعيات السالبة على أسواق الصرف للعملات الرئيسية.

يُذكر أن الرئيس شي ونظيره الأميركي ترامب اللذين جمع بينهما لقاء وصف بأنه "ممتاز" يوم السبت، اتفقا على استئناف المفاوضات التجارية بين بلديهما، كما وافقا على رفع الحظر بشكل جزئي عن شركة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي. كما أعلنت بكين أن واشنطن وافقت على عدم فرض رسوم جمركية جديدة على صادراتها.

بناء على ذلك، من المتوقع أن ينخفض سعر صرف عملات "الملاذ الآمن" في الأسواق خلال الشهور المقبلة. ومن بين العملات المرشحة للتراجع، الدولار الأميركي والفرنك السويسري والين الياباني. وهذه العملات هرع إليها المستثمرون لحماية ثرواتهم في فترة احتدام الصراع التجاري بين العملاقين الأميركي والصيني.

في هذا الصدد، وصف نائب رئيس الأسواق الناشئة لموجودات الدخل الثابت في مصرف " بي أن بي ـ باريبا" الفرنسي في لندن، جين تشارلز سامبور، الهدنة التجارية، بأنها شيء إيجابي لأن المستثمرين كانوا متشائمين بشأن إمكانية اللقاء بين الرئيسين شي وترامب، من جهة، كما أنهم كذلك كانوا متشائمين بشأن إمكانية خروج الاجتماع بنتائج إيجابية، من جهة أخرى.

وتوقع سامبور، في تعليقات نقلتها وكالة بلومبيرغ الأميركية، أن تستفيد الأسواق الناشئة من هذه الهدنة لأنها سترفع من أسعار السلع الأولية، وذلك على أساس أن "الهدنة" ستحد من مخاوف تدهور النمو الاقتصادي العالمي وبالتالي ترفع الطلب على السلع. 

وكانت منظمة التجارة العالمية قد حذرت من أن يتحول النزاع التجاري إلى حرب تجارية شاملة سيخفض التجارة العالمية بنسبة 17% خلال العام الجاري. وفي حال استمرار المفاوضات التجارية كما أعلن عنه، فإن الأسواق الناشئة التي تنتج السلع الأولية ستستفيد، لأن تحسن المناخ التجاري سيرفع الطلب عليها، خصوصاً سلعاً أساسية مثل النفط والمعادن التي تدخل في الصناعة.

في هذا الصدد، قال كبير محللي الأسواق في شركة أونادا الكندية من تورنتو، ألفونسو ايسبرازا، إن "النفط سوف يتجه للارتفاع بعد هذه الأخبار السارة، أما الذهب فسيتعرض لبعض الضغوط لأن جاذبيته، كملاذ آمن، ستتضاءل".

لكن رئيس قسم الأبحاث السوقية في شركة "بيبرستون فاينانشيال" الأسترالية، كريس ويستن، فأشار إلى أن "الاتفاق سيدعم السوق والموجودات ذات المخاطر، ولكن الارتفاع الكبير في السوق ربما سينتظر حدوث تقدم في المفاوضات التجارية" بين أميركا والصين.

وعلى صعيد تداعيات الاتفاق التجاري على السياسة النقدية العالمية، يتوقع محللون أن تستمر المصارف المركزية في سياسة خفض الفائدة والتيسير الكمي.

سياسات كان قد بشر بها كل من رئيس مصرف الاحتياط الفدرالي الأميركي، جيرومي باول، في اجتماعه يوم الأربعاء الماضي، كما كشف رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، خلال الشهر الجاري، أنه سيواصل سياسة الفائدة السالبة على اليورو وعمليات شراء السندات الحكومية حتى لا تنزلق منطقة اليورو في الركود الاقتصادي.

أما اليابان، فقد نفذت هذه السياسة منذ مدة طويلة. ويلاحظ أن البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى ابتدعت هذه السياسة في أعقاب أزمة المال العالمية في عام 2008، ونجحت في إنقاذ الاقتصاد العالمي من الوقوع في الكساد الكبير. 

وعادة ما تؤدي زيادة الكتلة النقدية إلى التضخم وهبوط سعر صرف العملات. وفي السياق، يعتبر يى ستيفنز إينز، الشريك في مؤسسة فانغارد، من هونغ كونغ، أن الأسواق الناشئة ستستفيد من هذا الاتفاق لأنه سيزيد من قدرتها على جذب تدفقات مالية.

وفي أول استجابة من قبل أسواق المال في آسيا للمعطيات الجديدة التي أنتجتها الهدنة التجارية بين أميركا والصين، قفز المؤشر نيكاي الياباني أكثر من 2.0% في تعاملات أمس الإثنين، في أعلى مستوياته خلال ما يقرب من شهرين مع تحسن الشهية للمخاطرة، في حين تلقت أسهم شركات التكنولوجيا دعماً من تخفيف القيود على "هواوي".

وحسب وكالة رويترز، أغلق مؤشر نيكاي الياباني مرتفعاً 2.1% إلى 21729.97 نقطة، في أفضل مستوى إقفال للمؤشر القياسي منذ السابع من مايو/أيار الماضي.


ووافقت الصين على مشتريات غير محددة لمنتجات المزارع الأميركية ضمن الاتفاق. وهذا الإجراء من المتوقع أن يرفع أسهم الشركات الزراعية في سوق " وول ستريت". 

وقال شوجو مايكاوا، استراتيجي السوق العالمية لدى مصرف "جيه.بي مورغان الأميركي في تعليقات لـ"رويترز"، إن "هذه أنباء إيجابية للسوق... الجزء المتعلق بهواوي كان على الأخص مفاجأة إيجابية".

ومن المتوقع أن تستفيد أسهم شركات التقنية في كل من الولايات المتحدة وأسواق أوروبا، حينما تفتح الأسواق. وفي طوكيو التي يغلق سوقها مبكراً، صعدت أسهم الشركات المرتبطة بصناعة الرقائق الإلكترونية. وزاد سهم طوكيو إلكترون 4.8 في المائة وأدفانتست 6.2 في المائة وتي.دي.كيه سبعة في المائة وسومكو 3.2 في المائة ومينبيا ميتسومي 3.6 في المائة.
المساهمون