ضرب تجار الجزائر بتعليمات وتهديدات الحكومة الجزائرية المتعلقة بضبط الأسعار، عرض الحائط، ورفعوا أسعار الخضر والفواكه، وسط غياب تام للرقابة، خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، ما يُنبئ بـ"حرب أسعار" بين التجار والحكومة، يكون ضحيتها المواطن.
وشهدت أسعار الخضر والفواكه ارتفاعا ملحوظاً في الأسواق، خاصة تلك المعنية بهوامش الربح المحددة من طرف وزارة التجارة الجزائرية، نظرا لارتفاع الطلب عليها خلال موسم رمضان.
في سوق "القبة الشعبي" بالعاصمة الجزائرية، سجل سعر الليمون، على سبيل المثال، ارتفاعا قياسيا، حيث قفز من 250 دينارا (2.21 دولار) إلى 400 دينار (3.53 دولارات)، نظرا لزيادة الطلب عليه، في حين بلغ سعر الطماطم 160 دينارا (1.40 دولار)، والبطاطا 70 دينارا (0.61 دولار)، حسب تجار لـ"العربي الجديد".
أما اللحوم، فقد قفزت أسعارها إلى 900 دينار (7.91 دولارات) لكيلو لحم العجل المستورد، وما بين 1400 دينار (12.34 دولارا)، و1600 دينار (14.15 دولارا) للحم الخروف، و280 دينارا (2.47 دولار) للدجاج.
ويقول المواطن محمد متقاعد، إن "كل شيء مرتفع سعره، ولا أفهم كيف للتمر أن يكون سعره ضعف سعر الموز المستورد من أميركا اللاتينية؟".
وأضاف نفس المتحدث، لـ "العربي الجديد"، أن "التجار الجشعين يخرجون في الحراك، ويتهمون "عصابة بوتفليقة" بنهب البلاد وأكل حقوق المواطنين، وهم يفعلون مثلهم."
وفي نفس السياق، أكد عبد الله عمر، الموظف في شركة خاصة، لـ "العربي الجديد"، إن الضغوط دفعت المواطن نحو تحديد أولوياته في التسوق والاستغناء عن العديد من السلع. وقال: "على سبيل المثال، الفواكه أصبحت لا أستطيع الوصول إليها إلا قليلاً بسبب غلاء أسعارها، وأشتري نحو نصف كيلوغرام لحم لإعداد إفطار للعائلة. أيعقل أن الجزائري الذي يعيش في واحدة من أغنى دول أفريقيا، أصبح يشتري ما يحتاج إليه بالمفاضلة، وأحيانا كثيرة يغادر السوق من دون أن يملأ قفّته (سلة رمضان)".
من جانبهم، برأ تجار التجزئة ذمتهم من ارتفاع الأسعار، مؤكدين، لـ "العربي الجديد"، أن الغلاء يبدأ من أول حلقة في السلسلة، وهي أسواق الجملة، وهو ما ذكره نور الدين، أحد تجار الفواكه والخضر في السوق الشعبية في ضاحية "القبة"، الذي قال إن "تجار الجملة يتعاونون مع المضاربين والمحتكرين لفرض أسعارهم. أيعقل أن يأخذ تاجر الجملة فائدة أكثر من المزارع المنتج. تتحدث الحكومة عن الرقابة ولا تفرضها على أسواق الجملة التي هي أساس المشكلة."
وكانت الحكومة الجزائرية قد استبقت شهر رمضان باتخاذ جملة من التدابير، لكبح ارتفاع المواد واسعة الاستهلاك، حيث قررت إغراق الأسواق بالسلع المخزنة والموضوعة في غرف التبريد، بالإضافة إلى إعفاء المواد المستوردة واسعة الاستهلاك من الرسم الجمركي الإضافي المقدر بين 30 و200 بالمائة، مع وضع قائمة بالأسعار المرجعية للمواد واسعة الاستهلاك مفروضة على التجار، تتغير أسبوعيا حسب حركة السوق، ترافقها عملية مراقبة يومية يشرف عليها أكثر من ألفي موظف رقابة.
غير أن هذه الإجراءات سرعان ما قابلها التجار وحتى أعوان (موظفي) الرقابة التابعون لوزارة التجارة بالرفض، ما أجهضها قبل تطبيقها.
وفي سوق "الكاليتوس"، أكبر أسواق الجملة للخضر والفواكه في الجزائر، شن التجار إضرابا لمدة يوم واحد، في ثاني أيام رمضان، مهددين بإضرابات أخرى، تعبيرا عن رفضهم قائمة الأسعار المرجعية التي فرضتها الحكومة على تجار الجملة والتجزئة، حيث اعتبرها التجار، في بيان صادر عن نقابتهم وحازت "العربي الجديد" نسخة منه، أنها منافية لقوانين الدولة ومبدأ حرية التنافس التجاري، كما أن هامش الربح لا يغطي المصاريف والأتعاب، وهو أمر غير مقبول."
بدورهم، دخل موظفو الرقابة التابعون لوزارة التجارة في حركة احتجاجية، رفضا للتعليمات القاضية بالزج بهم في مهمات ميدانية من دون توفير الحماية لهم.
وكشف محمد لمين عطوي، ممثل أعوان الرقابة، في حديث مع "العربي الجديد"، عن "وجود عدد كبير من التجار الكبار، لا تطاولهم الرقابة، بسبب النفوذ الذي يمتازون به مع بعض المسؤولين، حيث يمنع أعوان الرقابة من تحرير محاضر المخالفات التجارية أو حتى دخول المحلات والفضاءات التجارية لمثل هؤلاء التجار الذين يتمتعون بأوضاع خاصة".
وطالب أعوان الرقابة "بتمكينهم من الوصول إلى كبار التجار والمتعاملين الاقتصاديين، وتطبيق القوانين عليهم كغيرهم من التجار العاملين في الميدان".