عقوبات أميركية جديدة ضد إيران تشمل الصلب والتعدين... والتوتر يرفع أسعار النفط

08 مايو 2019
الغلاء يحاصر الإيرانيين (حيدر همداني/فرانس برس)
+ الخط -


أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الأربعاء، فرض عقوبات جديدة على إيران تشمل صناعات التعدين والصلب، فيما أدت التوترات إلى رفع أسعار النفط، ليحلّق سعر برميل خام برنت فوق 70 دولاراً، وقال ترامب إنه يأمل لقاء القادة الإيرانيين يوماً ما للتفاوض معهم.

وسبق قرار ترامب تهديد الولايات المتحدة اليوم بفرض مزيد من العقوبات على إيران "قريباً جداً"، فيما حذرت أوروبا من إبرام تعاملات مع طهران عبر نظام للتجارة بدون الدولار للتحايل على العقوبات الأميركية.

وقال تيم موريسون، المساعد الخاص للرئيس الأميركي وكبير مسؤولي شؤون أسلحة الدمار الشامل والدفاع البيولوجي، في مؤتمر صحافي في واشنطن، إن عدم امتثال طهران لبعض أجزاء الاتفاق النووي "ليس سوى ابتزاز نووي لأوروبا".

وفي الأسواق، سعى تجار النفط في تعاملات الأربعاء، إلى الموازنة بين قرار ترامب فرض رسوم جمركية على واردات صينية، وهو ما يعني عودة الحرب التجارية بين العملاقين مرة أخرى، وبالتالي انخفاض الطلب العالمي على النفط، وبين التوتر الشديد الذي يهدد بنشوب حرب بين طهران وواشنطن ويهدد كذلك بنقص في الإمدادات النفطية من المنطقة العربية إلى أسواق العالم في حال اضطراب الحركة الملاحية في مضيق هرمز.

لكن ورغم هذا التوتر، فإن أسعار النفط لم ترتفع بمستويات كبيرة في التعاملات الآسيوية وفي الأسواق الأوروبية. في الجلسة الصباحية بلندن تم تداول العقود الآجلة للخام الأميركي غرب تكساس الوسيط عند 61.96 دولاراً للبرميل، مرتفعة 56 سنتاً بما يعادل 0.9% فوق أحدث تسوية لها.

وبحسب رويترز، سجلت عقود خام برنت 70.31 دولاراً للبرميل، بزيادة 43 سنتاً أو 0.6% عن الإغلاق السابق. وهذا معدل ارتفاع ليس كبيراً يتناسب مع حجم التوتر الذي أحدثه تعليق طهران لبعض بنود الاتفاق النووي.
يُذكر أن الخارجية الإيرانية أكدت في بيان يوم الأربعاء، تعليق بعض تعهدات طهران في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق.

وفي ظل العقوبات الأميركية على إيران وفنزويلا، يقول محللون إن أسواق النفط العالمية ما زالت تعاني بعض الشح في الإمدادات.

في هذا الصدد، قال أولي هانسن مدير استراتيجية السلع الأولية في بنك ساكسو الدنماركي "النظرة المستقبلية الأساسية المتسمة بشح المعروض والداعمة للسعر لم تتغير".

كما أظهرت بيانات جمركية أن واردات الصين من النفط سجلت زيادة غير متوقعة في شهر إبريل/نيسان لتبلغ مستوى قياسياً رغم تعطل العمل بمصافٍ بسبب أعمال صيانة في الوقت الذي جمعت فيه المصافي التابعة للدولة مخزونات من الخام الإيراني تحسباً لإلغاء إعفاءات.

وبلغت الواردات في الشهر الماضي 43.73 مليون طن ما يوازي 10.64 ملايين برميل يومياً حسب بيانات الإدارة العامة للجمارك في الصين.

ويأتي ذلك مقارنة مع الواردات في مارس/آذار التي بلغت 9.26 ملايين برميل يومياً كما يمثل ارتفاعاً بنسبة 11% عن مستوى الواردات في إبريل/ نيسان من العام الماضي وفقاً لحسابات رويترز.
ورفعت الشركات الصينية واردات الخام من إيران إلى 24 مليون برميل أي حوالي 800 ألف برميل يومياً وهو الأعلى منذ أغسطس /آب مع تعجيل مشترين بوصول شحنات قبل انتهاء إعفاءات من عقوبات أميركية في أوائل مايو/أيار بحسب بيانات نشرتها وكالة رويترز.

وتستهدف الإدارة الأميركية إسقاط النظام الإيراني عبر حرمان البلاد من الدخل النفطي وتشديد الحظر المالي والاقتصادي.

وتأمل إدارة ترامب أن تقود العقوبات تدريجياً إلى ضائقة معيشية تنتهي باحتجاجات تكون نتيجتها سقوط النظام الحالي في إيران. وكانت العملة الإيرانية قد انهارت إلى 150 ألف ريال مقابل الدولار، بعد تطبيق الحظر المالي في العام الماضي. كما شهدت طهران والمدن الكبرى احتجاجات واسعة لقرابة الشهر بسبب غلاء الأسعار.

وبعثت واشنطن رسالة واضحة تجاه طهران، خلال الأسبوع، تضمنت إرسال حاملة طائرات وسرباً من القاذفات إلى الشرق الأوسط.

وتزامن ذلك مع إبلاغ وزارة الخارجية الإيرانية لسفراء الدول التي لا تزال موقعة على الاتفاق النووي وهي ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا، تعليق طهران بعض تعهدات الاتفاق.

وهذه التطورات تبعث على القلق في أوساط تجار النفط وكبار الشركات التي تتاجر في الخام الأسود، إذ تزيد منسوب القلق السياسي في منطقة الخليج. إلا أن الولايات المتحدة تقول إنها "لا تعلن بذلك الحرب على إيران"، حسب مستشار الأمن القومي جون بولتون.

وما يمنع أسعار النفط من الارتفاع رغم التوتر بين طهران وواشنطن، انتعاش صادرات النفط الصخري. وحسب محللين دوليين بنشرة أويل برايس، فإن واشنطن تقدم تسهيلات لمساعدة شركات النفط الصخري، الذي يواصل الانتعاش ويبحث عن أسواق للتصدير، خاصة في أسواق آسيا سريعة النمو مقارنة بالأسواق الأوروبية.
وبالتالي، فإن ترامب يرغب في أخذ حصة من صادرات النفط الإيرانية في آسيا ومنحها لشركات النفط الصخري الأميركية. وتستهدف واشنطن إلى جانب حرمان إيران من مداخيل النفط منع الاستثمار في قطاع النفط والغاز وإنتاجه ثم تصديره مستقبلاً لأوروبا، وذلك ببساطة لأن سوق الغاز الأوروبي قريب من ناحية الجدوى التصديرية لأميركا، كما أن منافسته للغاز الروسي تخفف النفوذ الروسي على أوروبا، وهو هدف تحدّث عنه وزير الخارجية مايك بومبيو، في أكثر من مناسبة. 

ويبدو أن ترامب غير قلق على أسعار النفط، إذ أن عودة الحرب التجارية ستؤثر على النمو الاقتصادي العالمي وتهز الثقة في كبار مستهلكي النفط، وبالتالي يقل الطلب العالمي على النفط. 

وعبر تشديد الحظر على النفط الإيراني، فإن ترامب يضرب عصفورين بحجر واحد: تنفيذ استراتيجية الهيمنة على الطاقة العالمية، وتمكين أميركا ودعم تحكمها في إمدادات النفط عالمياً وأسعاره وممراته.

ومن شأن تحقيق هذا الهدف أن يدعم من محادثاته التجارية مع الصين التي تحتاج بقوة إلى النفط الذي تستورده من إيران والدول الخليجية. وكذلك الضغط على حلفائه الآخرين، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان. وبهذه الضغوط على إيران وتقيد الدول بالحظر الثانوي، يمكن للرئيس ترامب أن يستفيد من ذلك في الانتخابات الرئاسية 2020.
المساهمون