تونس: تقليص اضطراري لسلع رمضان بعد كبح قروض الاستهلاك

05 مايو 2019
بدت حركة الأسواق والمتاجر التونسية الكبرى متواضعة(العربي الجديد)
+ الخط -

يقبل التونسيون على شهر رمضان هذا العام بواقع معيشي صعب، إذ لم يعد الاقتراض الموسمي متاحاً كما كان في السنوات الماضية، في ظل تشديد البنوك على تمويل الاستهلاك، خوفا من تزايد حالات التعثر في السداد، بينما تواجه الكثير من الأسر مأزقا في تدبير النفقات في ظل ارتفاع الأسعار، ما يدعوها إلى تغيير أنماط الاستهلاك الذي يلقي بدوره بظلال سلبية على حركة الأسواق.

"سنواجه نفقات شهر رمضان هذا العام ببعض السيولة المتاحة لدينا، وكثير من التقشف". هكذا اختزلت منى العبيدي ربة منزل في تونس العاصمة، وضع أغلب التونسيين قبيل حلول شهر الصيام.

تقول منى لـ"العربي الجديد": "في السنوات الماضية، ورغم الصعوبات المعيشية، احتفظ التونسيون ببعض من عاداتهم وواجهوا نفقات رمضان بالقروض والسلف، تمسكا بما جرت عليه العادة في مثل هذه المناسبات، لكن الأمر يختلف هذا العام".

وتضيف أن "التقشف سيكون سيد الموقف، بعد أن فرض الغلاء وارتفاع الأسعار نمط عيش جديدا على المواطنين بالرغم من إعلان الحكومة خطة لمواجهة ارتفاع الأسعار وزيادة المعروض من السلع".

ويجابه التونسيون نفقات شهر رمضان بالسلف أو القروض الصغرى، التي تقدمها المصارف، ما يسمح لهم بالمحافظة على عاداتهم التي دأبوا عليها سابقا، غير أن سياسة مكافحة التضخم التي انخرطت فيها البنوك بدفع من البنك المركزي فرضت تضييقا على هذه النوعية من القروض، ما قلّص من قدرة المواطنين على الإنفاق.

وأظهر مسح صادر مؤخرا عن معهد الاستهلاك الحكومي، أن حوالي 8.1 ملايين أسرة لا يمكنها الاستغناء عن الاستدانة بسبب ظروفها الصعبة، مشيرا إلى أن 27 في المائة من الأسر يعتبرون أن الاقتراض، ضرورة يمليها ضعف القدرة الشرائية و27 بالمائة يرون أنه "ورطة يصعب الخروج منها" وأن 20 بالمائة يعتقدون أن الاقتراض يمثل حلا لتحسين ظروف العيش وتمويل الاحتياجات الأساسية بما في ذلك الغذاء.

وبدت حركة الأسواق والمتاجر التونسية الكبرى متواضعة ولم تشهد إقبالا كبيراً كما كان يحدث في مثل هذه المناسبات من الأعوام الماضية.

يقول طارق بن جازية، رئيس معهد الاستهلاك الحكومي لـ"العربي الجديد"، إن "هناك اتفاقا بين المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني على ترسيخ عادات استهلاكية جديدة تراعي ظرف الاقتصاد الصعب، الذي تمر به البلاد، والمواطنون هم أول المستفيدين من ترشيد نفقاتهم والاكتفاء بالاحتياجات الضرورية".

ويضيف بن جازية، أن "ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين قلّصا بالفعل من الاستهلاك، لكن لا يزال هناك سلوكيات تصنف في خانة التبذير خلال شهر رمضان".

ويشير إلى أن السياسة الحكومية لمكافحة التضخم وتضييق المصارف على السحوبات الإضافية والقروض الموجهة للاستهلاك وتمويل الإنفاق الغذائي، ساهما بشكل كبير في الحد من الاستهلاك، متوقعا هدوء الأسعار وارتفاع العرض خلال شهر الصيام وهو ما وصفه بالظاهرة الإيجابية.

وكشف معهد الإحصاء الحكومي في بيان له، أمس السبت، عن تراجع نسبة التضخم في تونس، خلال شهر إبريل/ نيسان الماضي إلى إلى 6.9 في المائة، مقابل 7.1 بالمائة في الشهر السابق عليه، و7.3 في المائة في فبراير/شباط، وأرجع هذا التراجع إلى تقلص وتيرة ارتفاع مجموعة الأغذية والمشروبات من 7.5 بالمائة إلى 6.6 بالمائة.

المساهمون