السندات الصفرية تثير مخاوف الأسواق

27 مارس 2019
وسطاء ببورصة نيويورك (Getty)
+ الخط -
قالت وكالة بلومبيرغ الأميركية إن رصيد السندات الدولية الذي تم التعامل عليه بعائد سلبي، أي تحت الصفر بالمائة، تجاوز، يوم الاثنين، ما قيمته 10 تريليونات دولار (أي أكثر من عشرة آلاف مليار دولار)، في كافة أنحاء العالم، وذلك لأول مرة منذ سبتمبر/ أيلول 2017، الأمر الذي أثار حفيظة المستثمرين المتعطشين للعوائد المرتفعة، وأدى إلى تنامي المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي. 

وعادة ما يلجأ المستثمرون الدوليون لحيازة السندات في حال زيادة المخاطر، إذ إنها مضمونة العائد وتصدر معظمها عن حكومات.
واشترى المستثمرون، يوم الاثنين، السندات الألمانية لعشر سنوات، رغم العائد السلبي، في الوقت الذي لامس فيه عائد سندات الخزانة الأميركية للمدة نفسها معدل 2.4%، وهو أقل مستوى له خلال الأشهر الثمانية عشر الأخيرة، لينخفض تحت عائد أوراق الخزانة لثلاثة أشهر، ولنكون أمام منحنى عائد منقلب، يقل فيه عائد الفترات الطويلة عن عائد الفترات القصيرة، وهو المنحنى الذي سبق للمستثمرين حول العالم رؤيته قبل معظم حالات الركود السابقة.

وبينما يُظهر العائد السلبي على السندات تحقيق المستثمرين لخسائر بشراء السند، تكون هناك دائماً فرصة لتحقيق أرباح رأسمالية، في حال تباطؤ النمو واستمرار انخفاض معدلات التضخم.
ويقول مايكل هارتنت، الخبير الاستراتيجي بأسواق السندات: "الإنهاء المفاجئ بصورة غير معتادة لدورة رفع معدلات الفائدة على الدولار، ومبالغة البنك الفيدرالي في القلق من حدوث أزمة في سوق الدين، يزيدان من شهية المستثمرين للإقراض، ويقللان من إقبالهم على شراء التذبذب في الأسواق"، ويقصد به المراهنة على استقرار الأسواق لفترة من الوقت.

ونقلت الوكالة الأميركية عن "بانك أوف أميركا"، قوله إن تدفق الأموال من صناديق الاستثمار، بحثاً عن السندات، في مناخ يتسم بانخفاض العائد وانخفاض التضخم، إنما يعكس عطش المستثمرين للعوائد، وأكد أن "الأسبوع المنتهي في 20 مارس/ آذار الجاري شهد استثمار 6.6 مليارات دولار في الصناديق مرتفعة الجدارة الائتمانية، و3.2 مليارات دولار في السندات مرتفعة العائد، و1.2 مليار دولار في أوراق الدين بالأسواق الناشئة". 
ومهدت أغلب البيانات الاقتصادية الصادرة خلال الأسابيع الأخيرة لانخفاض معدلات العائد على السندات حول العالم، بعدما سجل معدل التضخم الأميركي استقراراً نسبياً، وضعفت أرقام "خلق الوظائف" و"الإنتاج الصناعي" في الولايات المتحدة، بينما لم يتم تسجيل تقدم حقيقي في قضيتي النزاعات التجارية مع الصين وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واستمر تدفق التقارير التي تعكس ضعف الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو، وكان أحدثها ما أكد انخفاضه في شهر مارس/ آذار بأسرع معدل له في 6 سنوات. 
والأسبوع الماضي قال جيرومي باول، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي: "لا تبعث البيانات بإشارات للتحرك في أي اتجاه في الوقت الحالي".

ومع تغير توجهات بنك الاحتياط الفيدرالي خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، نتيجة للبيانات الحديثة المعلنة، من إجراء رفعين إلى ثلاثة لمعدل الفائدة على أمواله خلال عام 2019، إلى عدم إحداث تغيرات على الإطلاق، في معظم الأحيان حتى 2020، بعد تأكد المسؤولين بالبنك من عدم ارتفاع معدلات التضخم، وهو ما أدى إلى انخفاض العائد على سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات، الأكثر شهرة حول العالم، من أكثر من 3%، إلى المستويات الحالية بين 2.4% - 2.5%. 

وعلى حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، عبر الاقتصادي المصري الأميركي محمد العريان عن دهشته من تدني عائد سندات العشر سنوات إلى هذا المستوى، وقال إنه قبل فترة لم يتوقع هو وكثيرون غيره "هبوط عائد سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات إلى ما دون مستوى 2.4%، إلا أن ذلك يحدث الآن". 
لكن تزايد التوقعات بتثبيت معدلات الفائدة على أموال البنك الفيدرالي خلال العام الحالي لم يكن العامل الوحيد وراء انخفاض العائد على سندات الخزانة، حيث يرى المحللون أن العامل الآخر هو ما يطلبه المستثمرون من عائد إضافي، مع طول مدة السند، تحسباً لحدوث ضغوط تضخمية تجبر البنك الفيدرالي، وربما البنوك المركزية العالمية الأخرى، على رفع معدلات الفائدة، قبل استحقاق السند.

وعبر التاريخ، كان هذا العائد الإضافي، المرتبط بمدة السند، إيجابياً، إلا أنه في الفترة الأخيرة انخفض تحت الصفر، بفعل برامج التيسير الكمي.


المساهمون