برنامج جديد بين الأردن وصندوق النقد... ومخاوف من الإملاءات

10 ديسمبر 2019
الأسر تتخوف من قرارات جديدة تزيد الغلاء (فرانس برس)
+ الخط -

كشف مسؤول أردني رفيع المستوى، عن أن الحكومة ستعقد، خلال الأسبوع الحالي، جلسات تفاوضية مع صندوق النقد الدولي، لاعتماد برنامج جديد للإصلاح الاقتصادي للسنوات الثلاث المقبلة، بشكل مختلف تماماً عن البرامج السابقة، مشيرا إلى أن البرنامج الجديد لا يتضمن فرض أي أعباء ضريبية جديدة على المواطنين والقطاعات الاقتصادية، وإنما اتخاذ إجراءات لتحسين الأوضاع المعيشية وفرص الاستثمار من أجل زيادة معدلات النمو.

وقال المسؤول، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن المباحثات التي ستجري في واشنطن بين مسؤولين أردنيين رفيعي المستوى برئاسة وزير المالية محمد العسعس ومسؤولي الصندوق، "تستهدف الحصول على موافقة الصندوق على برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي، الذي أعدته الحكومة من دون أي إملاءات أو توجيهات".

وأضاف أن "البرنامج الإصلاحي هذه المرة أعد من قبل خبراء أردنيين بشكل تام، واستنادا إلى معطيات الواقع الاقتصادي والمالية العامة للدولة"، مشيرا إلى أن موافقة الصندوق ضرورية للحصول على قروض وتسهيلات مالية للسنوات الثلاث المقبلة، ضمن أسعار فائدة منخفضة وفترات سداد معقولة.

ويوم الأحد الماضي، قال وزير المالية للنواب خلال كلمة في البرلمان قبل إقرار مسودة ميزانية العام المقبل، إن البرنامج الجديد يحل محل تسهيل الصندوق الممدد، الذي ينتهي في مارس/آذار المقبل، مشيرا إلى أنه يهدف إلى تخفيض خدمة الدين العام البالغ 42 مليار دولار، والذي ازداد في السنوات العشر الأخيرة.

وقال المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه: "الحكومة لن تخضع لإملاءات صندوق النقد في البرنامج المقبل، فهناك قرار بزيادة الرواتب اعتباراً من العام المقبل، وكذلك نية لعدم زيادة الضرائب، رغم تمسّك الصندوق بعدم اتخاذ مثل هذه الخطوات".

لكن النائب موسى هنطش أبدى مخاوفه حيال "انصياع الحكومة لإملاءات وضغوط الصندوق، التي جعلت الاقتصاد الوطني رهينة لاشتراطاته"، موضحا: "نأمل أن تلتزم الحكومة بتعهداتها بعدم رفع الضرائب والعمل على تخفيضها قدر المستطاع، لتخفيف الأعباء عن المواطنين والاقتصاد الوطني بشكل عام، وضرورة مواصلة إجراءات تحسين الأوضاع المعيشية".

وأضاف هنطش، في تصريح لـ"العربي الجديد": "لكن من خلال التجارب السابقة، فإن الحكومة غالبا ما كانت تخضع لضغوط صندوق النقد وتنفذ اشتراطاته".

وكان الأردن قد طبق عدة برامج للإصلاح الاقتصادي منذ بداية التسعينيات، وكان آخر برنامج تم الاتفاق عليه في أغسطس/آب 2016 لمدة ثلاث سنوات، وتم تمديده إلى نهاية مارس/آذار من العام المقبل.


ويتخوف الشارع الأردني من إقدام الحكومة على مزيد من الإجراءات، ما يؤدي إلى موجات جديدة من الغلاء وتراجع القدرات الشرائية للكثيرين. وكانت الحكومة قد اتخذت قرارات صعبة العام الماضي، حيث رفعت نسبة الضريبة على عدد كبير من السلع وأوصلتها إلى الحد الأعلى البالغ 16 في المائة، بعد أن كانت لا تتجاوز 8 في المائة.

كما أجرت تعديلاً على قانون ضريبة الدخل، بدأ تنفيذه بحلول العام الجاري، ليؤدي إلى زيادة الضرائب على الأفراد وتوسيع قاعدة الخاضعين لضريبة الدخل، ورفع الضريبة أيضاً على عدد من القطاعات الاقتصادية.

ورغم هذه الإجراءات التي جاءت بتوصية من صندوق النقد، إلا أن النتائج المالية للاقتصاد الأردني خلال الثلث الأول من العام الحالي، خالفت توقعات الحكومة في موازنتها لعام 2019، مع تسجيل الإيرادات الضريبية انخفاضاً واضحاً، خصوصاً في البند المتعلق بضريبة المبيعات على الخدمات والسلع والتي تشكل غالبية الإيرادات العامة في البلاد.

وتبلغ موازنة الدولة للعام المقبل 13.83 مليار دولار، بعجز مقدر بحوالي 1.76 مليار دولار، بعد احتساب المنح والمساعدات الخارجية، بينما يصل العجز إلى 2.9 مليار دولار قبل احتساب المنح، مشكلا ما نسبته 2.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويرجع صندوق النقد، تضرر النمو الاقتصادي في الأردن خلال السنوات القليلة الماضية، إلى ارتفاع معدل البطالة وتأثيرات الصراع الإقليمي على ثقة المستثمرين. واعتبر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في ختام مهمة لإتمام المراجعة النهائية لبرنامج الصندوق، أن "المساعدة الدولية" ستكون ضرورية لإتاحة "نمو متواصل يدعم الإصلاحات".

لكن حسام عايش، الخبير الاقتصادي الأردني، قال لـ"العربي الجديد"، إن "العلاقة مع صندوق النقد على مدى السنوات الماضية كانت قائمة على تنفيذ رؤيته، التي يشكلها بناء على معطيات من وحي نتائج المالية العامة، بعيداً عن المعرفة الدقيقة لحالة الاقتصاد الأردني وانعكاسات أي إجراء على المواطنين".

وأضاف عايش أن "إصرار الحكومة هذه المرة على اعتماد برنامج ذاتي للإصلاح الاقتصادي والمالي، يعكس أن هناك رغبة في رفض إملاءات الصندوق التي لم تحقق سوى مزيد من التراجع خلال السنوات الماضية، وبالتالي فإن أي برنامج يجب أن يأخذ بعين الاعتبار حقيقة الوضع الاقتصادي والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى الركود".

المساهمون