انخرطت كافة مؤسسات النقل الحكومية في الإضراب العام للضغط على الحكومة لزيادة الأجور، والذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، اليوم الخميس، حيث شُلّت في العاصمة تونس حركة النقل بشكل شبه تام.
ورغم إعلان شركات النقل، ليلة الإضراب، عن تسيير الحد الأدنى من رحلات المترو والقطارات والحافلات، إلا أن موظفي هذه الشركات لم يمتثلوا إلى دعوات المؤسسات والتزموا بتنفيذ الإضراب بشكل كامل.
كما توقفت قطارات الخطوط البعيدة الرابطة بين المحافظات وقطارات ضواحي العاصمة ونقل البضائع، وعلّق موظفو الشبابيك في محطات الاستخلاص عملهم.
كذلك، أعلنت الناقلة الجوية التونسية إلغاء 16 رحلة جوية مبرمجة، اليوم الخميس، كما انخرط في الإضراب عمّال المطارات وموظفو التسجيل الذين تركوا أماكنهم شاغرة والتحقوا بالتجمعات العمالية التي دعت إليها كل من نقابات الخطوط التونسية وديوان الطيران المدني والمطارات، فيما واصل الأمنيون وأعوان الجمارك عملهم بشكل عادي في كافة المطارات.
وحثت الخطوط الجوية التونسية العملاء على تغيير حجوزات الرحلات الجوية، معلنة أنها ستؤجل ما لا يقل عن 16 رحلة إلى يومي الجمعة والسبت، كما دعت المسافرين الذين تزامن موعد سفرهم مع الرحلات المؤجلة إلى تغيير الحجز على مدى أسبوع كامل مجانا.
وطلب الأمين العام لإتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، الخميس، خلال كلمة ألقاها بمقر الاتحاد في ساحة محمد علي بالعاصمة، من موظفي القطاع الحكومي بالتأهب لمحطات نضالية قادمة من أجل استعادة القرار السيادي الوطني من براثن صندوق النقد الدولي.
وقال الطبوبي إن حكومة تتلقى القرارات من وراء البحار لن تكون في صف الشغالين، ولن تدافع عن حقوقهم، داعيا إياها إلى الرحيل، وقال إن "المد الثوري سيتمر إلى حين تحقيق أهداف الثورة التي سقط من أجلها الشهداء والأمنيون".
كما أكد أن الاتحاد سيعقد هيئة إدارية بعد غد السبت يقرر خلالها تحركاته الاحتجاجية القادمة، مشدداً على أن النضالات لن تتوقف إلا بتحقيق أهداف الموظفين وأهداف الثورة بالتشغيل وتحسين ظروف العمل وإنهاء اتفاقات التشغيل الهش.
وأكّد الطبوبي أن الاتحاد لم يطلب زيادة في الأجور، بل تعديلا في القدرة الشرائية، لأن الحكومة جوّعت الشعب، بحسب تصريحه، مضيفاً أن ما تسوّقه الحكومة حول التفاوض لا صحة له، معتبراً أن ادعاء تنفيذ مقترحاتهم في يناير/كانون الثاني 2020 هو "محاولة للضحك على الذقون"، فهم، برأيه، "يحاولون بيع تونس ورهنها".
وقال القيادي النقابي إن الاتحاد ماض في الدفاع على مكاسب التونسيين والتصدي لإملاءات صندوق النقد الدولي، الذي أمر الحكومة بحجب الزيادات عن 670 ألف موظف و"التفويت" في المؤسسات الحكومية.
وأكد الطبوبي أن خيارات الدولة أنهكت التونسيين وتسببت في تفقيرهم وإحباط الموظفين، الذين كانوا عماد الإدارة التونسية أيام الثورة. وطلب من الموظفين والنقابيين الاستعداد لتصحيح المسار وإحياء المد الثوري الذي قال إنه سيتواصل مهما كانت الكلفة.
ووعد الطبوبي الشغالين بكسر كل الحواجز من أجل تحقيق مطالبهم بـ"الشغل والحرية والكرامة الوطنية " والتصدي للقرارات القادمة من وراء البحار، بحسب تعبيره. ووجّه رسالة إلى الحكومة مفادها أن كل من يتصدى للاتحاد سيخسر المعركة، قائلا إن "اتحاد الشغل صخرة سينكسر عليها كل من يحاول ضربه".
ونشر الاتحاد العام التونسي للشغل على صفحته بموقع فيسبوك، أن الإضراب العام بدأ في موانئ الصيد البحري والنقل والطيران، منذ منتصف ليل الأربعاء-الخميس وكان ناجحا بنسبة 100%.
وتُعتبر نقابات مؤسسات النقل من أهم النقابات العمالية المنضوية تحت راية الاتحاد العام التونسي للشغل وأكثرها التزاما بتنفيذ الاحتجاجات التي تدعو إليها المركزية النقابية، ما يجعل هذه الأخيرة تراهن على هذا الثقل النقابي لإنجاح كافة المحطات النضالية التي دعت إليها.
في حين يمثل الموظفون الحكوميون حوالى ربع السكان العاملين في تونس. كما أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي والتكوين المهني توقّف الدروس في كل أنحاء البلاد.
ورفض اتحاد الشغل مقترحا تقدمت به الحكومة يقضي بزيادة 70 دينارا (20 يورو) في 2019 و110 دنانير (70 يورو) في العام 2020، بداعي ارتفاع نسبة التضخم التي تبلغ 7.5% في 2018.
ويبلغ متوسط راتب الموظف الحكومي التونسي حوالى 1580 دينارا (حوالى 500 يورو)، وفقا لتقرير رسمي.
وقال رئيس الحكومة يوسف الشاهد، في خطاب بثه التلفزيون الحكومي، مساء الأربعاء، إن وضع المالية العمومية للبلاد لا يسمح بزيادة في الأجور، مضيفا "إذا رفعنا الأجور من دون مراعاة المالية العمومية في البلاد، سنضطر إلى مزيد من الاقتراض والاستيدان... وهذا نرفضه".
وذكر الشاهد أن الزيادات في الأجور بعد الثورة وفي "غياب نمو حقيقي، أدت إلى تضخم ومديونية وتراجع القدرة الشرائية".
كما أصدر رئيس الحكومة قرارا، ليلة الأربعاء الخميس، بتسخير موظفين للعمل في 64 مؤسسة حكومية تشمل النقل البري والجوي والبحري والسكك الحديدية ووزارات الداخلية والتجهيز، منبها إلى أن كل من يرفض العمل سيتعرض لعقوبات، وفقا للقانون.
وفي 22 نوفمبر/تشرين الثاني، نفّذ موظفو المؤسسات الحكومية في تونس إضرابا عاما، للمطالبة بالأمر نفسه. ولم ينعكس الانتعاش الاقتصادي الذي تحقق في تونس على سكان الضواحي الفقيرة ومدن الداخل، حيث تفوق نسبة البطالة بضعفين أو ثلاثة أضعاف النسبة الوطنية للبطالة البالغة 15.5%، خصوصا بين خريجي الجامعات.
يُضاف إلى ذلك تراجع قيمة الدينار أمام اليورو والدولار. وحصلت تونس التي تعاني صعوبات مالية في 2016 على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.4 مليار يورو على أربع سنوات، مع الوعد بتنفيذ إصلاحات واسعة.
وزار وفد عن أبرز المانحين الدوليين الثمانية، في تموز/يوليو 2018، تونس، للدعوة إلى الاستمرار في هذه الإصلاحات، خصوصا منها التقليص من كتلة الأجور في القطاع العام.
إلغاء رحلات "المغربية"
كذلك، أعلنت الخطوط الملكية المغربية إلغاء الرحلات الجوية التي تربط بين الدار البيضاء ومطار قرطاج، بسبب الإضراب العام الذي تشهده تونس اليوم الخميس، وذلك بعدما أعلنت شركة النقل الجوي التونسية، إلغاء 16 رحلة جوية مبرمجة.
وقالت الناقلة المغربية، اليوم الخميس في بلاغ لها، إنه "على إثر الاضطرابات التي تعرفها حركة النقل الجوي بمطار تونس قرطاج والناتجة عن الاضراب العام في تونس، أجبرت الخطوط الملكية المغربية على إلغاء الرحلات الأربع المبرمجة يوم الخميس والرابطة بين الدار البيضاء وتونس (في الاتجاهين)".
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
