استحوذ الملف الاقتصادي على جانب كبير من الحوار الاستراتيجي القطري الأميركي، الذي استضافته العاصمة القطرية الدوحة، أمس الأحد، لتحظي الاستثمارات والتجارة باهتمام الجانبين، ولا سيما زيادة الأصول القطرية في أميركا، وفتح المجال أمام المستثمرين الأميركيين في مشروعات البنية التحتية في قطر.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، خلال مشاركته في الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي، إن العلاقات التجارية بين البلدين تستمر في الازدهار، إذ إن هناك تجارة قوية ما بين البلدين، مشيراً إلى أن العدد الكبير من الوفد الأميركي هو دليل على عمق العلاقات بين قطر والولايات المتحدة.
وجاء اجتماع الدوحة استكمالاً للحوار الاستراتيجي الأول، الذي عُقد في العاصمة الأميركية واشنطن في 30 يناير/ كانون الثاني 2017، وشهد توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون متعددة.
وشهد الحوار الاستراتيجي الثاني، اجتماع المائدة المستديرة حول العلاقات التجارية بين البلدين، برئاسة وزير التجارة والصناعة القطري، علي بن أحمد الكواري، والنائب الأول لرئيس غرفة التجارة الأميركية لشؤون الشرق الأوسط وتركيا، كوش تشوكسي.
وأشار الكواري خلال الاجتماع، إلى أن الحوار الاستراتيجي يُشكل فرصة لوضع الخطط الاستثمارية وبناء العلاقات الاقتصادية القوية، التي من شأنها تمكين كلا الجانبين من تحقيق الاستفادة الكاملة من مجموعة الفرص المتاحة أمام الشركات القطرية والأميركية في كلا القطاعين العام والخاص، وذلك في مجالات الصناعة والصحة والتعليم.
وأكد أن الاقتصاد القطري، استطاع الحفاظ على قوة أدائه، ما أسهم في توفير بيئة مستقرة للاستثمار الأجنبي، مشيراً إلى أنه على الرغم من التحديات الإقليمية عقب الحصار الجائر، الذي فُرض على قطر منذ الخامس من يونيو/ حزيران 2017، استطاعت الدولة الحفاظ على مرونتها.
وأشار وزير التجارة والصناعة، إلى أن النجاح الذي حققه الاقتصاد الوطني انعكس على تصنيفات دولة قطر في تقرير التنافسية العالمية 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، لافتاً إلى أن الدولة حلّت في المرتبة الأولى عالمياً في محور انخفاض معدلات التضخم، والسادسة عالمياً في عدم تأثير الضرائب على المنافسة، والثامنة عالمياً في وفرة رأس المال الاستثماري، والتاسعة عالمياً في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقال إن قطر تسعى للاستفادة من بنيتها التحتية المتطورة، لتعزيز التجارة الخارجية بشكل أكبر، موضحاً أن الدولة استطاعت من خلال ميناء حمد، إنشاء خطوط تجارية مباشرة مع عدد من المحاور الاستراتيجية حول العالم، كما أنها تعمل على مواصلة توسيع هذه الخطوط، مع توفير أوقات عبور تنافسية من خلال هذه المحاور وإليها.
وفي ما يتعلق بالأطر التشريعية والقانونية التي وضعتها الدولة لتحفيز الاستثمار، أوضح الوزير القطري، أنه منذ انعقاد الحوار الاستراتيجي القطري الأميركي الأول، عملت الدولة على إصدار قوانين جديدة، وإجراء تعديلات محورية على عدد من التشريعات القائمة بهدف استقطاب وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وأشار بهذا الصدد، إلى قانون تنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي، الذي من شأنه أن يدعم دخول المستثمرين الأجانب إلى السوق القطري، من خلال توفير العديد من الحوافز ومن أهمها تخصيص أراض للمستثمرين غير القطريين لإقامة مشاريعهم الاستثمارية، إلى جانب الإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية وإتاحة حرية تحويل الاستثمارات داخل الدولة وخارجها.
وفي سياق الحديث عن علاقات التعاون الثنائي بين البلدين، أوضح الكواري أن حجم التبادل التجاري بين البلدين شهد نمواً ملحوظاً خلال السنوات العشر الماضية، إذ بلغ نحو 6 مليارات دولار في الفترة المتراوحة بين شهري يناير/ كانون الثاني وأكتوبر/ تشرين الأول 2018، وهو ما يمثل نسبة 6.23% من إجمالي التبادل التجاري لقطر مع كافة شركائها التجاريين.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعتبر المصدر الأول للواردات القطرية في عام 2018، فقد استوردت قطر 19.5% من وارداتها من أميركا، لتبلغ قيمة الواردات نحو 5.15 مليارات دولار.
وتابع أن عدد الشركات الأميركية العاملة في قطر بلغ نحو 117 شركة مملوكة بنسبة 100% للجانب الأميركي، في حين بلغ عدد الشركات التي بها شركاء قطريون 565 شركة، تعمل في قطاعات الهندسة والاستشارات والمقاولات وتكنولوجيا المعلومات والتجارة والخدمات، بالإضافة إلى وجود 55 شركة أميركية مرخصة تحت مظلة مركز قطر للمال.
وأكد أن القطاع الخاص يمكنه الاستفادة من الفرص الاستثمارية التي تتيحها الدولة في العديد من القطاعات، ومن بينها مشاريع البنى التحتية التي يتم تنفيذها في إطار استضافة الدولة لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، علاوة على الفرص الاستثمارية المتاحة في قطاع السياحة، بهدف استقطاب أكثر من 5.6 ملايين زائر سنوياً بحلول عام 2023، وهو ما يعادل ضعف العدد الذي استقبلته الدولة في عام 2016، إلى جانب الفرص الاستثمارية في قطاعات الأمن الغذائي والتعليم والصحة.
ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار منصور إبراهيم آل محمود، للصحافيين، إن الجهاز يستهدف زيادة حجم الاستثمارات في الولايات المتحدة إلى 45 مليار دولار في العامين القادمين. وذكر آل محمود، أن جهاز قطر للاستثمار يتطلع إلى قطاعات رئيسية في الولايات المتحدة، مثل العقارات والتكنولوجيا والبورصات الأميركية.