تصاعد الضغوط الأميركية... دول وشركات كبرى تبحث وقف استيراد النفط من إيران

28 يونيو 2018
مخاطر تلاحق قطاع الطاقة الإيراني (Getty)
+ الخط -
تواجه إيران تهديدات تراجع صادراتها النفطية بشكل حاد في ظل إعلان العديد من الدول والشركات الأوروبية والآسيوية وقف أو تقليص مشترياتها النفطية من طهران بسبب العقوبات الأميركية المرتقبة عليها.

وقالت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، اليوم الخميس، إن عدداً من الدول الكبرى المستوردة للنفط تبحث وقف استيراد النفط من إيران امتثالا لضغوط الإدارة الأميركية.

ولفتت الوكالة إلى أنه في ظل تكثيف إدارة الرئيس دونالد ترامب ضغوطها على حلفائها لوقف عمليات شراء الإمدادات الإيرانية بالكامل، فإن شركة التكرير اليابانية "فوجي"، وشركة التكرير التايوانية "فورموزا" للبتروكيماويات، تبحثان إنهاء استيراد النفط من إيران، على الرغم من عدم توصلهما إلى قرار نهائي بعد.

من جانبها، علقت كوريا الجنوبية بالفعل بعض وارداتها النفطية من إيران، في الوقت الذي تبحث فيه شركة بترول الإمارات الوطنية "اينوك" عن بدائل للشحنات الإيرانية.

وأوروبيا، توقعت مصادر توقف الشركات الأوروبية كلّياً عن استيراد النفط الإيراني، لكنها لم تحدد وقتا لتنفيذ قرارها.

تهديدات أميركية

وصعدت أميركا ضغوطها في هذا الاتجاه عبر مطالباتها لحلفائها بوقف استيراد النفط الإيراني ضمن مساعيها لحرمان طهران من إيرادات مالية لوقف برنامجها النووي.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية اليوم الخميس إن الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع الدول لتقليص وارداتها من النفط الإيراني على أساس حالة بحالة، ملمحا إلى أن واشنطن قد تعرض إعفاءات لبعض الحلفاء من أجل تخفيف أثر العقوبات المفروضة على طهران.

 كان مسؤول كبير بوزارة الخارجية قال يوم الاثنين إنه سيكون على الدول أن توقف تماما وارداتها من النفط الإيراني.

وأبلغ مسؤول الخارجية رويترز "تركيزنا منصب على العمل مع تلك الدول المستوردة للنفط الخام الإيراني لإقناع أكبر عدد منها بوقف الواردات بحلول الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني، مضيفا "نحن مستعدون للعمل مع الدول التي تقلص وارداتها على أساس حالة بحالة".

لكن في المقابل، أكد النظام الإيراني أن إخراج البلاد من السوق النفطي العالمي مستحيل، وأن إيران مستعدة لمواجهة أية تهديدات محتملة في قطاع الطاقة، سواء في ما يخص الإنتاج أو التصدير، لكنها اعترفت في الوقت نفسه باحتمال تأثرها مالياً في حال خفض صادرات النفط.

وكانت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، قد أبلغت رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أول من أمس، بأن من المهم أن تقلص بلاده اعتمادها على النفط الإيراني، لكنها قالت إن الولايات المتحدة ستعمل من أجل السماح للهند باستخدام مرفأ نفطي إيراني كممر إلى أفغانستان.

وقالت هيلي "العقوبات آتية على إيران، ونحن نمضي قدما في هذا الشأن. وفي ظل بناء الهند والولايات المتحدة لعلاقات قوية، نأمل بأن يقلصوا الاعتماد على إيران".

وقالت الولايات المتحدة، يوم الثلاثاء، إنها طلبت من حلفاء لها أن يقلصوا وارداتهم من النفط الإيراني اعتبارا من نوفمبر/ تشرين الثاني"، ومن غير المرجح أن تمنح أي استثناءات في الوقت الذي تزيد فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضغط على حلفاء من أجل تقليص التمويل الموجه إلى إيران. والهند من بين أكبر مستوردي النفط الإيراني.

وفي 11 يونيو/ حزيران الجاري، بدأت شركة التكرير الهندية "نايارا إنرجي"، إحدى أكبر مشتري النفط الإيراني في الهند، بتخفيض وارداتها من طهران هذا الشهر بعدما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.

وفي تصريحات سابقة، قال رئيس جمعية البترول اليابانية، تاكاشي تسوكيوكا، إن شركات تكرير النفط المحلية قد تضطر إلى التوقف عن تحميل النفط الخام الإيراني اعتباراً من الأول من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إذا لم تحصل الحكومة اليابانية على إعفاء من العقوبات الأميركية.

وأضاف تسوكيوكا أن من المحتمل أن يضطر المشترون اليابانيون للنفط الإيراني إلى تقديم آخر طلبياتهم لشراء الخام من إيران في أغسطس/ آب للتحميل في سبتمبر/ أيلول. واعتمدت العديد من الشركات الأوروبية، ومنها شركة النفط الفرنسية العملاقة توتال، التوجه نفسه لشركات آسيوية، حيث أعلنت انسحابها من حقل الغاز الإيراني بارس الجنوبي في تطبيق العقوبات.

وفي الشهر الماضي، أعلن الرئيس الأمبركي انسحاب بلاده من الاتفاق الذي وقعته إيران وست قوى عالمية في يوليو/ تموز 2015، بهدف تقييد قدرات طهران النووية مقابل رفع بعض العقوبات.

وفي المقابل، تسعى طهران إلى إبطال الخطة الأميركية الهادفة إلى تقليص صادراتها النفطية عبر اللجوء إلى حلفائها والتقليل من شأن هذه التهديدات.

وقال مسؤول إيراني بقطاع النفط لوكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء، أول من أمس، إن من المستحيل إخراج النفط الإيراني من السوق العالمية بحلول نوفمبر/ تشرين الثاني مثلما تطالب الولايات المتحدة.

وأظهرت الصين تأييداً واضحا لإيران في هذا الإطار، إذ أكدت صحيفة "نيكي" الاقتصادية، أمس الخميس، في إشارة إلى موقف السلطات الصينية في الأسابيع الأخيرة، أن بكين لن تستسلم أمام مطالب وقف استيراد النفط من إيران.

وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لو كانج، أول من أمس، إلى الصداقة بين طهران وبكين، وأعلن استمرار التعاون مع إيران في مختلف المجالات بما فيها الطاقة رغم الضغوط الأميركية.

ومن جانبه، قال وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي، إن تركيا لا تعتبر نفسها ملزمة بالامتثال لمساعي الولايات المتحدة لوقف صادرات النفط الإيرانية بدءا من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وإنها ستعمل على ضمان عدم تضرر "البلد الشقيق" من هذه الخطوة الأميركية.

ورغم هذه المواقف المؤيدة لها، اعترفت إيران بأنها قد تتأثر مالياً في حالة تراجع صادرات النفط، إذ أعلن رئيس منظمة الموازنة والتخطيط الإيرانية، محمد باقر نوبخت، عن صياغة موازنة مالية طارئة، ستحال لمجلس الشورى للنقاش الأسبوع المقبل.

وأوضح أن ما يحدث هو حرب اقتصادية، "حيث بتنا نشهد تذبذبات غير طبيعية قبل تطبيق الحظر الأميركي، وإن عملية تصدير النفط في الأشهر المقبلة، إما تمضي على وضعها الحالي أو تواجه انخفاضا بسبب الحظر"، داعيا للاستعداد لهذا الانخفاض المحتمل.
المساهمون