عزيز أخنوش ... وزير ملياردير أمام اختبار المقاطعة بالمغرب

11 يونيو 2018
وزير الفلاحة المغربي عزيز أخنوش (جلال مرشدي/ Getty)
+ الخط -

"عاش الملك".. "أخنوش ارحل".. تلك دعوة رددها شباب جاؤوا لتحية الملك بمناسبة افتتاح مشروع للصيد البحري بمدينة طنجة.. في بث حي على الفيسبوك. 

ذلك حدث غير مسبوق، انتقاد وزير بحضور الملك، أمر غير مألوف في المغرب. حزب التجمع الوطني للأحرار، اعتبر أن الأمر يتعلق بمؤامرة يقف وراءها خصوم الملياردير عزيز أخنوش السياسيون، حيث جرى التركيز على مقربين من رئيس حزب الأصالة والمعاصرة السابق، إلياس العماري.

ثري في معترك السياسة

هو من الأثرياء الأمازيغ القلائل الذين انخرطوا في السياسة. فهذا الملياردير الذي كان أول أمازيغي مغربي يدخل نادي أثرياء "فوربس"، لم يحسب في حكومة عبد الإله بنكيران الأولى على أي حزب، قبل أن يصبح زعيما لحزب التجمع الوطني للأحرار بعد انتخابات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2017، التي تلاها تشكيل حكومة سعد الدين العثماني، الذي يحتل فيها أخنوش وحزبه موقعاً مركزياً.

صحيح أن أخنوش كان قد انضم إلى التجمع الوطني للأحرار، لكنه انسحب منه، واستمر وزيرا للفلاحة والصيد البحري في حكومة بنكيران، كما كان في حكومة عباس الفاسي. ويعتبر الكثيرون أن أخنوش يحظى بثقة رؤساء الحكومات، لأنه يتمتع بثقة القصر.

والده الذي كان معروفا بـ"الأمغار" أو "أحمد أخنوش أولحاج"، هو رجل أعمال من منطقة سوس، امتلك محلا للبقالة بالدار البيضاء التي حل بها عام 1932، قبل أن يصبح صاحب سبعة محلات في عشرة أعوام، ويوسع أنشطته، التي امتدت إلى الصيد البحري.



لم يغفل أولحاج ما كان يعيشه المغرب، الذي كان واقعا في تلك الفترة تحت الحماية الفرنسية، فما كان منه إلا أن دعم المقاومين، ما تسبب في سجنه وإحراق محلاته من قبل الفرنسيين.

لكن الرجل عاد بعد الاستقلال إلى نشاطه التجاري السابق، بل إنه أسس شركة لتوزيع المحروقات. وساعده تحالفه مع عائلة "واكريم" الأمازيغية، على تأسيس شركة " أفريقيا" لتوزيع المحروقات.

كانت تلك الشركة أولى لبنة في مجموعة "أكوا" التي تضم أكثر من 40 شركة يمتد نشاطها من المحروقات والاتصالات إلى العقار والإعلام. تلك المجموعة يتولى أمرها الابن عزيز أخنوش الذي درس التسويق بجامعة " شيربروك" الكندية.

سعى أخنوش إلى التأكيد على أن السياسة توجد في "جينات" الأسرة، عندما تحدث أخيرا، عن تأسيس والده أحمد أولحاج حزبا سياسيا اسمه "الحزب التقدمي الحر".

إلى الحكومة

التحق أخنوش بحكومة عبد الإله بنكيران الأولى في 2012، حيث استمر في تنفيذ السياسة الزراعية المعروفة بالمملكة بـ"المخطط الأخضر"، وسياسة الصيد البحري التي أطلق عليها اسم "أليوتيس".

لم يكن بنكيران يرد طلبا لأخنوش عندما يتعلق الأمر بمخصصات مالية تهم وزارة الفلاحة والصيد البحري، ولم ينقطع حبل الود بين الرجلين حتى عندما انتقده بنكيران حول صندوق التنمية الفلاحية، حيث لم يستسغ أن يؤول تدبير ذلك الصندوق إلى وزير الفلاحة.



الانتماء الحزبي لأخنوش لم يكن أولوية بالنسبة له، فهو يحظى بقبول القصر، ويتمتع بنفوذ كبير، خاصة في جهة سوس ماسة، ويستند إلى علاقات ممتدة مع رجال الأعمال. هذا ما أهله ليكون وزيرا للفلاحة والصيد البحري.

بعد الانتخابات التشريعية في العام الماضي، فاجأ صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار، المراقبين بقراره الانسحاب من تولي رئاسة الحزب، الذي أعلن بعد ذلك عن ترشح أخنوش لخلافة مزوار.

لعب أخنوش دورا حاسما في المفاوضات من أجل تشكيل الحكومة الثانية لعبد الإله بنكيران، بعد "البلوكاج"، الذي أدخله في مواجهة زعيم العدالة والتنمية، حول التحالفات الممكنة من أجل تكوين ائتلاف حكومي، قبل أن يعفى بنكيران، وتشكل حكومة العثماني، التي حصل فيها التجمع الوطني للأحرار على وزارات وازنة رغم حصوله على حوالي 37 مقعدا في مجلس النواب.

اختبار المقاطعة

عندما انطلقت حملة المقاطعة في عشرين إبريل/ نيسان الماضي، والتي استهدفت ثلاث شركات، من بينها محطات وقود "أفريقيا" المملوكة لمجموعته "أكوا"، صرح بأن هذه الحملة التي تأتي من العالم الافتراضي، لن تؤثر على القطاعات الإنتاجية المعنية، ما جر عليه انتقادات، على اعتبار أنه تصرف كفاعل اقتصادي، وليس كوزير في حكومة، يفترض أن تنصت للمستهلكين.

حملة المقاطعة الأخيرة، أعادت إلى الواجهة النقاش حول العلاقة بين السلطة والمال، وهو ما يجسده أخنوش، رجل الأعمال والوزير ورئيس الحزب. غير أن أخنوش نفسه، لا يرى مانعا، حسب ما صرح به سابقا، من انخراط رجال الأعمال في السياسة، حيث يعتبر أنه من غير المنطقي إقصاء المقاولين، الذين يخلقون فرص العمل ويعرفون المشاكل الحقيقية للتنمية، حسب ما صرح به.

ويذهب اقتصادي، مثل نجيب أقصبي، إلى أنه في الديمقراطيات، يفضي تولي رجل الأعمال رئاسة حزب أو مسؤولية حكومية، إلى التخلي عن رئاسة شركاته، مشيرا إلى أن أخنوش يزاوج بين ممارسة السياسة وممارسة الأعمال.



ترتيب فوربس الأخير، يضع رئيس مجموعة " أكوا"، عزيز أخنوش، على رأس الأثرياء المغاربة، بثروة تقدر بـ2.2 مليار دولار. هذه الثروة منحت أخنوش المركز 1103 بين أثرياء العالم.

غير أن المراقبين لا يهتمون كثيرا بتأثير المقاطعة على أعمال أخنوش، بل يحاولون التكهن بما سيكون عليه مشروعه السياسي، الذي انطلق في صياغته في الأشهر الأخيرة، استعدادا للحصول على المرتبة الأولى في انتخابات 2021، وبالتالي رئاسة الحكومة.

فقد انخرط الحزب في عملية إعادة الهيكلة وضمان تغطية لكامل المغرب، وهو ما رأى فيه المراقبون نوعا من الاستعداد لتولي رئاسة الحكومة في أفق انتخابات 2021، فقد ركز الحزب عبر تنقل قياداته في الأقاليم على الأولويات المتمثلة في الصحة والتربية والتشغيل، إذ وعد عند تقديمه للعرض السياسي للحزب بتوفير مليوني فرصة عمل في أفق 2025.
المساهمون