عمال مصر... قمع وتدنٍّ للأجور وتردي المعيشة

30 ابريل 2018
تصاعد معاناة العمال في مصر (Getty)
+ الخط -
أزمات عدة يواجهها عمال مصر، بالتزامن مع "عيد العمال"، إذ يعاني معظمهم من تردي الأحوال المعيشية، في ظل تدني رواتبهم وغلق آلاف المصانع، في الوقت الذي يقمع فيه الأمن أي أعمال احتجاجية.

ويعاني عمال القطاعين الحكومي والخاص من مشاكل متفاقمة، منها التهديد بالفصل التعسفي واعتقالهم في حال المطالبة بأي حقوق مشروعة لهم، وهو ما أدى إلى إدراج منظمة العمل الدولية مصر في القائمة السوداء للدول التي تنتهك حقوق العمال.

وتسببت حالة السخط العام في مصر على النظام الحالي، بعدم توجه العمال إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت أخيراً، رغم كل التهديدات التي وصلت إلى الفصل والغرامات في حالة عدم الإدلاء بأصواتهم، بحسب منظمات دولية تابعت الانتخابات الرئاسية.

وانعكس تدهور قطاعات إنتاجية سلباً على العمال، إذ أكدت تقارير لاتحاد الصناعات المصرية (مستقل)، أن عدد المصانع المغلقة في مصر، يتجاوز أكثر من 7 آلاف مصنع، خلفت وراءها ما يقرب من 300 ألف عاطل. وأعلن كثرٌ من أصحاب المصانع إفلاسهم، بسبب تفاقم الديون، في الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة سعيها إلى جذب الاستثمارات عبر تعديل التشريعات وتقديم تسهيلات إلى رجال الأعمال.
وقال القيادي العمالي طلال شكر، إن وضع العمال يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، والجميع يردد "بأية حال عدت يا عيد"، مشيراً إلى أن غلق المصانع والشركات في مصر يدفع ثمنها في النهاية العمال.

وأكد شكر أن توقف حركة السياحة زاد من المشاكل العمالية، بالإضافة إلى انهيار صناعة النسيج بعد ارتفاع أسعار الغزول المستوردة والطاقة وغيرها.

فيما اتهم قيادي عمالي رفض ذكر اسمه، رئيس اتحاد عمال مصر ورئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب جبالي المراغي بأنه يحابي النظام على حساب قضايا العمال من أجل منصبه السياسي.

وأشار القيادي الذي رفض ذكر اسمه، لـ "العربي الجديد" إلى أن قيادات لديها معلومات عن الكثير من المشاكل العمالية، ولكن لا تتحرك بسبب ملء جيوبها بالمال الحرام، بحسب وصفه، مضيفاً أن سيطرة المؤسسة العسكرية على قطاعات اقتصادية أدت إلى غلق الكثير من المصانع وبالتالي تضرر العمال.

ودائما ما تحتل قضية الأجور قائمة الاهتمامات، بخاصة مع احتفالات عيد العمال وتفاقم التضخم لمستويات قياسية. وكان وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب جمال عقي، قد صرح بتقديمه قانونا للبرلمان لزيادة الحد الأدنى للأجور والمرتبات إلى ما لا يقل عن 2500 جنيه (الدولار = نحو 17.7 جنيه) للتخفيف على كاهل المواطن.

ومع ارتفاع الأسعار وتوالي القرارات التقشفية وأبرزها تعويم العملة وتقليص الدعم ورفع أسعار الوقود والكهرباء وتذاكر القطارات والمترو، تزايدت الأعباء المعيشية على العمال في الوقت الذي لم تزد فيه الأجور.

ورغم أن الأرقام الحكومية تحدثت عن زيادات ضخمة في موازنة الأجور العام المقبل لتسجل 266 مليار جنيه لنحو 6 ملايين موظف حكومي، إلا أن هذه الزيادة صبت في مصلحة النواب والوزراء والدبلوماسيين الذي حصلوا على زيادات كبيرة في أجورهم في حين تم تجاهل العمال ومحدودي الدخل.

ومن جانبه، قال نائب رئيس اتحاد عمال مصر محمد وهب الله إن مطالب العمال لا تقف عند تحديد حد أدنى للأجور، سواء لموظفي الحكومة أو بالقطاع الخاص، وإنما تتضمن مطالبهم مزايا نقدية أخرى، مثل الحوافز والأرباح، قد تفلح في تحسين أوضاعهم.

وأضاف أن المجلس القومي للأجور دوره غائب ولا ينظر للطائفة العظمى من قوة العمل، واصفاً إياه بعديم النفع والفاشل في الضغط على رجال الأعمال.

وقال رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، شعبان خليفة، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن قضية الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص يجب أن تحسم بضغط حكومي ولا يمكن السكوت عنها بدعوى قلة الإنتاجية التي يتحجج بها رجال الأعمال.

وأضاف أن العامل وقع فريسة للوضع الاقتصادي مرتين، إذ إن غالبية المصانع خفضت الورديات وساعات العمل والأجور فضلا عن تراجع القيمة الشرائية للجنيه وارتفاع الأسعار.
وتابع خليفة أن الحد الأدنى للأجور الرسمي الحالي (1200 جنيه) أصبح بلا قيمة بسبب ارتفاع الأسعار.

وفي المقابل، رفض مسؤول حكومي بارز بوزارة المالية المصرية أي زيادات في الحد الأدنى للأجر، مؤكداً عدم احتواء الموازنة الجديدة على هذا البند. وقال المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، لـ "العربي الجديد" إن هناك زيادة علاوات ومكافآت حيث نمت مخصصات الأجور في مشروع الموازنة بأكثر من 26 مليار جنيه وهو رقم ضخم في ظل زيادة العجز.
المساهمون