الاحتياطي النقدي المصري يرتفع... وَهم الأرقام في اقتصاد مأزوم

04 يونيو 2017
+ الخط -
أعلن البنك المركزي المصري اليوم الأحد إن احتياطي مصر من النقد الأجنبي ارتفع إلى 31.125 مليار دولار في نهاية مايو/ أيار الماضي، مقابل 28.641 مليار في إبريل/ نيسان الماضي وبزيادة 2.484 مليار دولار عن نهاية شهر إبريل.

ولم يكشف البنك المركزي عن أسباب الزيادة في احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، وما إذا كانت من موارد ذاتية مثل السياحة والصادرات وتحويلات المغتربين والاستثمارات المباشرة، أم ناتجة عن توسع في الاقتراض الخارجي، لكن محللون ماليون أكدوا أن طفرة الاحتياطي ناتجة عن اقتراض البلاد 3 مليارات دولار من أسواق المال الدولية عبر طرح سندات في بورصة لندن.
 
وكانت مصر تمتلك نحو 36 مليار دولار من احتياطي النقد الأجنبي قبل اندلاع ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت الرئيس المخلوع حسني مبارك، وتفاقمت الاضطرابات الأمنية عقب إطاحة الجيش الرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013، ما أثر سلباً على مختلف القطاعات الاقتصادية.
 
ولكن هل هذا الارتفاع ناتج عن نمو اقتصادي، أم أنه وهم مرتبط بحصول البلاد على قروض ضخمة ستكبل مصر واقتصادها خلال السنوات المقبلة؟
 
بالأرقام ارتفع احتياطي النقد الأجنبي بين إبريل ومايو وفق البنك المركزي بقيمة 2.454 مليار دولار، وذلك بعدما تلقت مصر الأربعاء الماضي ثلاثة مليارات دولار حصيلة بيع سندات دولية. وسددت الحكومة 750 مليون دولار من مستحقات شركات النفط الأجنبية في وقت سابق من مايو متعهدة بسداد رقم مماثل في وقت لاحق من الشهر الحالي، علما بأن إجمالي مستحقات هذه الشركات يبلغ 3.4 مليارات دولار.
 
ويقول المحللون أيضاً إنه رغم ضخامة رقم احتياطي مصر من النقد الأجنبي وتخطيه حاجز الـ 31 مليار دولار مقترباً من أرقام ما قبل الثورة المصرية، إلا أنه نظراً لتركيبته نجد أن معظمه عبارة عن ديون مستحقة للغير.
 
أما ما تبقى من الاحتياطي الأجنبي، فهو مرتبط بقروض ضخمة تلقتها مصر خلال الفترة الماضية، مع توجه للمزيد من الاقتراض مستقبلاً.
 
وبالتفاصيل، تفيد البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي، بأن مصر حصلت على مساعدات بقيمة 33 مليار دولار من خمس دول عربية وتركيا منذ عام 2012 وحتى 2015، فيما أشار مسؤول حكومي في حديث سابق لـ"العربي الجديد" إلى أن قيمة الودائع في هذه المساعدات تبلغ نحو 18.5 مليار دولار.
 
ويتألف الاحتياطي النقدي الأجنبي في مصر بغالبيته من قروض، على الدولة المصرية سدادها بعد زيادة الفوائد إليها، ومنها 12 مليار دولار لدول الخليج الثلاث: السعودية والإمارات والكويت، ومليارا دولار للبنك المركزي الليبي، ومليار دولار لتركيا.
 
كما اقترضت مصر منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي 11 مليار دولار عبر طرح سندات دولية منها 4 مليارات في نوفمبر 2016 و4 مليارات دولار في يناير/ كانون الثاني 2017 و3 مليارات في مايو.

كما حصلت على قروض مباشرة قاربت 6 مليارات دولار منذ نوفمبر الماضي منها 2.75 مليار دولار من صندوق النقد وملياري من البنك الدولي ومليار من البنك الأفريقي، و6.6 مليارات دولار من الصين تمت عبر اتفاقية تبادل العملات.
 
وتنفذ الحكومة المصرية برنامجاً "للإصلاح الاقتصادي" منذ نهاية 2015، وفق توصيات صندوق النقد الدولي، شمل فرض ضريبة للقيمة المضافة وتحرير سعر صرف الجنيه وخفض دعم الكهرباء والمواد البترولية.
 
ويعتبر الاقتصاديون أن نمو الاحتياطي النقدي الأجنبي هو وَهم قائم على مبالغ ليست ملكاً للدولة المصرية، وإنما هي بمثابة قروض يجب إعادتها للدول والمؤسسات الدولية خلال السنوات المقبلة، بينها حوالي 70% من إجمالي الاحتياطي يجب سداده خلال السنوات الأربع المقبلة.
 
في حين أن المصادر التي يجب أن تضخ النقد الأجنبي وتكوّن احتياطات مصر، مأزومة نتيجة الإجراءات الاقتصادية الخاطئة المعتمدة، وذلك مع تراجع الصادرات وتحويلات المصريين في الخارج وتقلص إيرادات السياحة وقناة السويس، وارتفاع سعر الدولار من 8.88 جنيهات قبل التعويم إلى أكثر من 18 جنيهاً في المصارف حالياً.
(العربي الجديد)
المساهمون