صدمة بين رجال الأعمال بمصر بعد رفع الفائدة ولوم لصندوق النقد

22 مايو 2017
رفع أسعار الفائدة يضر بالمستثمرين (فرانس برس)
+ الخط -

"لا حول ولا قوة إلا بالله، مصيبة، كارثة"، كلمات لا نسمعها عادة من رجال الأعمال، لكنها خرجت منهم على نحو عفوي لتسلط الضوء على حالة الصدمة عقب قرار البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة.

كان مجتمع المال والأعمال على موعد مع مفاجأة جديدة من البنك المركزي المصري مساء الأحد، إذ لم يكن أحد يتوقع رفع تكاليف الاقتراض ولا أن تكون الزيادة بمقدار 200 نقطة أساس دفعة واحدة، في خطوة ألقى رجال الأعمال باللوم فيها على صندوق النقد الدولي.

وعزا البنك المركزي قراره إلى محاولة السيطرة على التضخم السنوي والوصول به إلى مستوى في حدود 13 بالمئة في الربع الأخير من 2018.

وقفز التضخم السنوي في المدن إلى أعلى مستوى له في ثلاثة عقود بعد قرار تعويم الجنيه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وسجل 31.5 بالمئة في إبريل/ نيسان.

ووصف هاني برزي، رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية، قرار البنك المركزي، بأنه "مفاجأة غير سارة وضربة موجعة للاستثمار ويزيد من عبء الاقتراض ويضغط علي الموازنة العامة للدولة"، وقال إن كل الدول في حالة الركود تتجه إلى خفض سعر الإقراض لتشجيع الاستثمار بدلا من الادخار".

ورفع البنك المركزي خلال اجتماع للجنة السياسة النقدية التابعة له سعر الفائدة على الودائع لأجل ليلة واحدة إلى 16.75 بالمئة من 14.75 بالمئة، ورفع سعر فائدة الإقراض لليلة واحدة إلى 17.75 بالمئة من 15.75 بالمئة.

وبهذا يكون البنك المركزي قد رفع أسعار الفائدة 500 نقطة أساس منذ نوفمبر/ تشرين الثاني.
كان 13 من بين 14 خبيرا اقتصاديا استطلعت وكالة رويترز آراءهم الأسبوع الماضي، توقعوا أن يُبقي البنك على أسعار الفائدة دون تغيير، وتوقع اقتصادي واحد رفع السعر 50 نقطة أساس.
وقال مسؤول حكومي لرويترز، طالبا عدم نشر اسمه: "القرار متوقع منذ فترة. إنها توصيات صندوق النقد للسيطرة على التضخم".

توصيات صندوق النقد

كان كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد لدى مصر، قد شدد في بيان صحافي للصندوق في وقت سابق هذا الشهر، على ضرورة كبح التضخم في مصر قائلا "أعود وأكرر على ضرورة احتواء التضخم".

وقال اقتصادي بأحد بنوك الاستثمار طالبا عدم نشر اسمه: "القرار كارثة وامتثال واضح لطلب صندوق النقد. ما حدث غلطة كبيرة، لكن لا أحد يريد الاستماع. لا أجد أي سبب مقنع لما حدث".

كان وفد من صندوق النقد زار القاهرة نهاية إبريل/ نيسان الماضي لإجراء مراجعة بهدف تقييم جهود الإصلاح. وفي بيان مشجع إلى حد كبير صدر يوم الجمعة، قال الصندوق إن البرنامج شهد بداية جيدة وإنه وافق مبدئيا على صرف الشريحة الثانية من القرض البالغة قيمته الإجمالية 12 مليار دولار لدعم الإصلاحات الاقتصادية.

وفي لغة سيطرت عليها حالة الصدمة من القرار، قال علاء سبع، من غرفة السيارات باتحاد الغرف التجارية، لـ"رويترز": "القرار يعالج التضخم بالتضخم. ما يحدث تهريج، الأسعار ستتضخم مرة أخرى".


وتساءل سبع "لا أعلم كيف يقبلون على مثل هذه الخطوة؟ كيف يمتثلون لكل طلبات الصندوق؟ الاقتصاد قد يتوقف. إذا أردت الاقتراض حاليا سيكون بأكثر من 18 بالمئة. هذا رقم خيالي سيضاف إلى أسعار المنتجات والسلع".

في المقابل، قال البنك المركزي المصري في بيان حول قرار رفع الفائدة "يتم استخدام أدوات السياسة النقدية للسيطرة على توقعات التضخم واحتواء الضغوط التضخمية والآثار الثانوية لصدمات العرض التي قد تؤدي إلى انحراف عن معدلات التضخم المستهدفة".

واتخذت الحكومة في أواخر 2015 سلسلة إجراءات لاحتواء ارتفاع أسعار السلع الأساسية، واستخدمت شاحنات الجيش ووزارة التموين في توزيع المواد الغذائية بأسعار مدعمة على الفقراء بجانب زيادة عدد المتاجر التي يديرها الجيش وتحديث جميع المتاجر التابعة لوزارة التموين.

لكن أسعار السلع الأساسية لا تشهد أي تراجعات منذ نحو عامين بل تسجل قفزات متتالية.
وقال أشرف الجزايرلي، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، لرويترز: "الأكيد أن القرار سيرفع كلفة الصناعة، ما سيكون له أثر في زيادة الأسعار. حركة السوق ستتباطأ أكثر... المستثمر سيفكر كثيرا قبل الإقدام على أي استثمار في الفترة المقبلة".

وبدأت موجة ارتفاع حادة في أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية بمصر منذ تعويم الجنيه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 ورفع أسعار المواد البترولية.

وتعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ديسمبر/ كانون الأول، بتحسن الظروف الاقتصادية الصعبة خلال ستة أشهر، ودعا رجال الأعمال والمستثمرين إلى مساعدة الحكومة في كبح جماح الأسعار.

وقال رجل أعمال طالبا عدم نشر اسمه: "ما حدث صدمة. في الدول المتقدمة يتم خفض الفائدة لتشجيع الاستثمار والتوسع وعدم تشجيع الكسالى على ترك الأموال بالبنوك".

وأضاف "قرار المركزي سيدفع الشركات لعدم الاقتراض تماما، ما سيبطئ أي توسعات ويزيد معدلات البطالة".

وتوقع وزير المالية المصري عمرو الجارحي، لرويترز، الأسبوع الماضي، استمرار تراجع معدل البطالة ليصل إلى 11.7 أو 11.8 بالمئة نهاية 2016-2017. وكان انخفاض نسبة البطالة وتحسن النمو الاقتصادي من بين الأسباب التي ساقها البنك المركزي لقراره يوم الأحد.

وقال إيهاب رشاد، من مباشر انترناشونال: "للأسف خدمة الدين ستزيد بنسبة كبيرة، ما سيؤثر سلبيا على عجز الموازنة".

وأضاف "رفع سعر الفائدة لن يجذب المزيد من السيولة، بل على العكس سيحدث تباطؤا في الاستثمار، لأن كلفة الاقتراض الآن وصلت لمستويات قياسية".

وتحملت مصر 243.635 مليار جنيه قيمة مدفوعات فوائد الدين في 2015-2016، ورفعت وزارة المالية توقعاتها للإنفاق على الفوائد في السنة المالية الحالية إلى 303.879 مليارات جنيه.

وتوقع محمد فؤاد، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، في اتصال مع رويترز، أن يكلف قرار المركزي موازنة السنة المالية المقبلة 2017-2018 ما بين "30 و32 مليار جنيه زيادة في كلفة خدمة الدين بالموازنة".

وتستهدف موازنة السنة المالية المقبلة 2017-2018 المعروضة على مجلس النواب إنفاق 380.986 مليار جنيه على مصروفات الفوائد.

وقال فؤاد "في حالة تحمل الموازنة العامة عبء مصروفات الفوائد الجديدة بعد الزيادة، فهذا يعني استحالة تأجيل قرارات زيادة أسعار الطاقة والمياه والكهرباء يوما واحدا بعد بداية السنة المالية الجديدة".

وتوفير الغذاء بأسعار في متناول المواطنين قضية حساسة في مصر التي يعيش الملايين فيها تحت خط الفقر وشهدت الإطاحة برئيسين خلال ست سنوات لأسباب منها السخط على الأوضاع الاقتصادية.


(رويترز، العربي الجديد)
المساهمون