تبدأ لجان البرلمان التونسي بمناقشة مشروع القانون الخاص باستحداث هيئة خاصة بالحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، وقد طلبت حكومة يوسف الشاهد استعجال النظر للمصادقة على هذه المؤسسة الدستورية التي تعتبر من أبرز المؤسسات لمحاربة الفساد.
ويضم قانون الهيئة 67 بندا تنظم آليات مكافحة الفساد ووسائله، وتعطي صلاحيات التقصي والتتبع لهذه الهيئة بما يمكّنها من التصدي لهذا الشبح الذي يخيم على البلاد منذ عقود.
وأكد حسن العماري، رئيس لجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد، ومراقبة التصرف في المال العام في مجلس النواب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن البرلمان لن يدخر جهداً في المصادقة على قانون إحداث هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. وقال إن اللجنة التي يرأسها، "تعمل على عدد من الملفات التي تحوم حولها شبهات فساد، في إطار وظيفتها الرقابية".
ويعد الفساد من أبرز الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة التونسية في نهاية العام 2010، والتي انتهت بهروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وأقاربه الذين تورطوا في نهب ثروات البلاد.
وتشير الإحصاءات الأخيرة الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية، إلى وجود تحسن طفيف في مؤشر مدركات الفساد في تونس خلال عام 2016. وجاءت تونس في المرتبة الـ75 عالمياً من مجمل 176 دولة، فيما احتلت المرتبة الـ7 على المستوى العربي.
ودعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، إلى إدراج ملف مقاومة الفساد وتضمينه في وثيقة اتفاق قرطاج التي صادقت عليها الأحزاب والمنظمات الداعمة لحكومة الوحدة الوطنية، وتنص على مكافحة الفساد ومقاومة التهرب الضريبي.
وأعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد منذ توليه الحكم، الحرب على لوبيات الفساد وملاحقة بارونات التهريب وتفكيك شبكات وخلايا الفساد، مبينا في خطابه أمام البرلمان، أن مكافحة الفساد تأتي في المرتبة الثانية في سلم أولوياته بعد محاربة الإرهاب.
وتراهن قيادة البلاد على تجديد التشريعات وتنقيح القوانين من أجل القضاء على الفساد بجميع أنواعه. وكان البرلمان قد صادق أخيراً على قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه.
وينتظر أن يقدم رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى البرلمان قانوناً جديداً يفرض التصريح بالمكاسب والممتلكات على جميع المسؤولين في الدولة، وينص على ملاحقة ومحاسبة الإثراء الفاحش غير الشرعي، تحت عنوان "من أين لك هذا".
لكن هذه النوايا تبقى محدودة، برأي المعارضة، التي تعتبر أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد لم ينطلق بعد في محاربة الفساد، وقضى الأشهر السته الأولى من حكمه في إعلان النوايا، ولم يقترب من ملف الفساد جدياً.
وفي هذا السياق، قالت النائبة سامية عبو: "إن الحكومة ليست جادة في مكافحة الفساد، وسياستها لا تتجاوز ذر الرماد على العيون، فالفساد أصبح ثقافة في بلاد برعاية وزراء ومسؤولين كبار".
من جهته، أكد شوقي الطبيب، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك أطرافاً تقف حجرة عثرة أمام مسار محاربة الفساد في تونس، وهي قوى نافذة في جميع القطاعات، مبيناً أن الفساد ينخر في جميع أحهزة الدولة، ويحتاج من أجل القضاء عليه إلى سن قوانين وتشريعات وإرادة سياسية صادقة.
ولفت إلى أنه سيتم الإعلان عن أول ميثاق لائتلاف المجتمع المدني، يوم 19 إبريل/ نيسان القادم، تم إعداده بعد سلسلة من المشاورات أشرفت عليها الهيئة، في إطار توحيد جهود المجتمع المدني ودعم دوره في وضع وتنفيذ سياسات مكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة والشفافية.