صعود الدولار..مؤشرات تدعم جاذبية الأسهم والسندات الأميركية

31 اغسطس 2016
أداء قياسي لسوق الأسهم الأميركية (Getty)
+ الخط -
هل تصبح سوق "وول ستريت" الأميركية، الوحيدة المنتعشة والجاذبة للمستثمرين وسط محيط من الكساد في الأسواق الأخرى؟ وهل تتواصل جاذبية الموجودات الدولارية لكبار صناع المال والثروة في أنحاء العالم أمام العائد السلبي، أو العائد المعدوم، في معظم الموجودات الأخرى، خاصة في أوروبا واليابان؟
سؤال يشغل الى حد ما بال رجال المال خلال موسم الخريف، الذي سيبدأ عملياً اليوم مع عودة كبار المتعاملين لمنصات التداول بعد إجازة الصيف.
وسوق وول ستريت تعد السوق الأكبر في العالم من حيث الحجم الرأسمالي، حيث بلغت قيمة رأس المال السوقي لسوق الأسهم الأميركية خلال العام الماضي حوالي 17.931 ترليون دولار، وذلك في مقابل السوق الصينية التي لا تتعدى 4.125 ترليونات دولار، رغم ضخامة الاقتصاد الصيني، وذلك حسب البيانات التي ينشرها موقع "إنفيستوبيديا" الأميركي، الذي يعني بالبيانات والإحصاءات الاستثمارية.
تشير التوجهات الاستثمارية، التي ينشرها موقع "ديلي فيكس"، إلى أن الدولار يتجه نحو المزيد من القوة خلال الشهور المتبقية من العام، مستفيداً من احتمالات زيادة الفائدة الأميركية، حتى ولو بربع نقطة، كما هو متوقع من قبل العديد من خبراء المال والاستثمار في العالم، في أعقاب التعليقات التي أدلت بها رئيسة مجلس الاحتياط الفدرالي، جانيت يلين، يوم الجمعة في ولاية وايومنغ الأميركية.
ومعروف أن زيادة الفائدة على أية عملة تترجم عملياً في رفع سعر صرف العملة، فيما يقود انخفاض سعر الفائدة إلى انخفاض سعرها.
ومع ارتفاع الدولار، ترتفع جاذبية الموجودات الأميركية لأصحاب الثروات، الذين تحاصرهم الفائدة السالبة في كل من أوروبا واليابان. كما أن ريع سندات الخزانة الأميركية سيرتفع مقارنة بريع سندات الاقتصادات الصناعية الكبرى، مثل ألمانيا واليابان وبريطانيا ومنطقة اليورو.
ويبحث المستثمرون عن عوائد بالعملات القوية، خاصة المستثمرين في آسيا، الذين استدانوا خلال السنوات الماضية بالدولار.
وتعد السندات الأميركية من أهم الملاذات الآمنة في العالم، التي يلجأ اليها المستثمرون في حالات الاضطراب المالي، مثلما حدث في أزمة المال العالمية في العام 2008، وبالتالي من المتوقع أن تواصل السندات الأميركية جاذبيتها للمستثمرين الأوروبيين والآسيويين، مع تواصل التباين بين أسعار الفائدة في أميركا.
وعلى صعيد الأسهم، ارتفعت مؤشرات" وول ستريت" الثلاثة الكبرى، وهي "داوجونز" و"ستاندرد آند بوورز" و"ناسداك" إلى مستويات قياسية في بداية الأسبوع الجاري، وذلك في أعقاب ظهور بيانات أميركية تشير إلى حدوث زيادة كبيرة في معدل الإنفاق الاستهلاكي.

ومؤشر الإنفاق الاستهلاكي، يعبر عادة عن ثقة المستهلك في الاقتصاد، وبالتالي يدل على توجه الاقتصاد الأميركي نحو النمو بمعدل أكبر، حيث لا يرفع المستهلك من مشترياته إلا في حال الشعور بضمان الوظيفة وتحسن الدخل.
وتبلغ قيمة السوق الاستهلاكية في أميركا أكثر من 11 ترليون دولار، وهو ما يمنح أميركا القدرة على فرض شروطها على الشركات العالمية في القضايا السياسية والمالية. وهذا الحجم من السوق الاستهلاكية يجعل الشركات العالمية الكبرى ترتجف من احتمالات الحظر. وكان حجم السوق الأميركية العامل الرئيسي في نجاح سياسات الحظر الاقتصادي التي نفذتها الادارة الأميركية على دول العالم.
ومن هذا المنطلق، من المتوقع أن تصبح أميركا مربط خيول الأثرياء خلال الفترة المقبلة، خاصة إذا لم تحسم بريطانيا خياراتها الخاصة بنوعية العلاقة التجارية، التي ستربطها مع دول الاتحاد الأوروبي.
وفي تعاملات أمس، استقر الدولار دون المستويات المرتفعة التي سجلها في يوم الإثنين بقليل، مع تركيز المستثمرين على المجموعة التالية من البيانات الأميركية لمعرفة ما إذا كانت ستدعم التوقعات الخاصة بقيام مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) برفع أسعار الفائدة قريباً.
ولا يعني استقرار الدولار أمس مؤشراً على ضعفه، بقدر ما يعني حدوث مبيعات لجني أرباح من قبل كبار المتعاملين، حسب تعليقات خبراء في سوق الصرف الأميركية.
وحسب رويترز، ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من العملات الكبرى، أمس، إلى 95.804 وذلك يقل بهامش بسيط عن ذروة المؤشر يوم الإثنين البالغة 95.834، وهو المستوى الأعلى منذ 12 أغسطس/آب. وأمام العملة اليابانية ارتفع الدولار 0.4% إلى 102.35 ين، بما يقل قليلاً عن أعلى مستوى منذ التاسع من أغسطس/آب الذي سجله يوم الاثنين والبالغ 102.39 ين.
وعلى الرغم من التصريحات، التي تصب في صالح تشديد السياسة النقدية الأسبوع الماضي من رئيسة مجلس الاحتياط الاتحادي، جانيت يلين، ونائب الرئيس، ستانلي فيشر، ما زالت الأسواق تقيم فرص رفع أسعار الفائدة في الشهر المقبل، شهر سبتمبر/أيلول.
وستكون بيانات الوظائف الجديدة وانخفاض معدل البطالة من أهم المؤشرات، التي ينتظرها المستثمرون في يوم الجمعة المقبل، لأن قوة سوق العمل هي التي ستحدد حجم رفع الفائدة وتوقيته، أكثر من أي مؤشر آخر.
ويلاحظ أن هنالك انتقادات من قبل اقتصاديين لسياسات مجلس الاحتياط الفدرالي، التي دعمت البنوك الأميركية عبر شراء السندات الفاسدة دون إجبارها على زيادة حجم الإقراض للشركات والأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة التي ترفع عدد الوظائف في أميركا.

المساهمون