إيطاليا: ذعر بين المستثمرين من عاصفة البنوك


16 يوليو 2016
المصارف الإيطالية تثير قلق أسواق المال (Getty)
+ الخط -

لا يزال الهدوء يسيطر على شركات حي المال في لندن، أمام عاصفة "عاصفة البريكست"، حيث لم يتحقق شيء من تهديدات بعض المصارف بنقل مقارها من بريطانيا، إلا أن المشهد في أوروبا يبدو مختلفا، حيث ينتاب الذعر المستثمرين من حدوث كارثة مصرفية ولكن هذه المرة في إيطاليا.
الهلع يسيطر على كبار المستثمرين الذي اشتروا بكثافة سندات البنوك الإيطالية خلال السنوات التي تلت أزمة اليورو، على أمل أن يحققوا مكاسب كبيرة.
وكانت أسهم المصارف الإيطالية في أدنى مستوياتها خلال تلك الفترة.

ويقول مصرفيون في حي المال البريطاني، إن هذا الذعر يتزايد مع بدء لجنة المصارف الأوروبية في الأسبوع المقبل تقييم قدرة المصارف الإيطالية، التي تواجه أكبر أزمة في تاريخها على تحمل مزيد من الخسائر.
وبناء على هذا التقييم ستوضع الحكومة الإيطالية أمام خيارات ضخ مزيد من السيولة في شرايين القطاع المصرفي أو ترك بعضها للإفلاس.
وتقدر صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية حجم السيولة التي تحتاجها المصارف الإيطالية اجتياز هذا الاختبار بحوالى 40 مليار يورو (حوالى 45 مليار دولار).

ومن بين السندات البالغ قيمتها 600 مليار يورو (حوالى 670 مليار دولار)، أصدرتها البنوك الايطالية، يحمل المستثمرون في إيطاليا وخارجها حوالى 34% منها. أي بحساب الأرقام حوالى 230 مليار دولار.
ويتجنب المستثمرون في سوق المال الإيطالية منذ شهور شراء أسهم المصارف التي تواصل التراجع رغم إعلان الحكومة الايطالية عن نيتها التدخل
ويتخوف المستثمرون من تحمل بعض الخسائر في حال انهيار بعض البنوك الإيطالية. حيث أقرت المفوضية الأوروبية ومنذ أزمة المصارف القبرصية قبل عامين إلزام المستثمرين والمودعين تحمل جزء من الخسائر في حال حدوث إفلاسات مصرفية.




وشهدت أسهم المصارف الإيطالية تراجعاً ملحوظاً في البورصة الإيطالية مع عمليات بيع مكثفة لأسهمها من المستثمرين الأجانب وتردد المفوضية الأوروبية في دعمها مالياً لتقوية رأس مالها. وحسب معلومات البورصة الإيطالية فقد انخفضت أسهم معظم المصارف الإيطالية في الأسابيع الأخيرة بنسب تراوحت بين 8 إلى 10%.
حيث انخفض سهم مصرف "إنتيسا ساوباولو" بنسبة 12.5%، وتراجع سهم "بانكا أم بي سي" بحوالى 12% كما خسر بنك ميديوبانا بحوالى 10.4% وحتى سهم بنك" يوني كرديت"، الذي يعد أقوى المصارف الإيطالية تراجع بنسبة 8.0%. ويقول المدير السابق بوزارة الخزانة الإيطاليه في تعليق على أزمة المصارف الايطالية" حينما تعطس بريطانيا تصاب إيطاليا بالزكام".

ولكنه يعترف أن أزمة المصارف الإيطالية بدأت قبل التصويت البريطاني الذي أقر خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي لكنها بالتأكيد تفاقمت بعد تأكد" البريكست"، لأنها رفعت من حال عدم اليقين في مستقبل بقاء أوروبا متماسكة ودفعت المستثمرين لتفادي الاستثمار في القنوات المالية الضعيفة؛ والتي على رأسها الشركات المصرفية الإيطالية.
وكان مصرف "مورغان ستانلي" الأميركي قد حذر المستثمرين في تقرير أصدره في أعقاب تصويت" البريكست" البريطاني، أن منطقة اليورو ستواجه انكماشاً لا يقل عن الانكماش التوقع في الاقتصاد البريطاني.

وحتى الآن يدرس المركزي الإيطالي ومسؤولو المال في الحكومة الإيطالية كيفية إنقاذ المصارف الإيطالية من احتمالات الإفلاس أو سقوط بعضها على الأقل. وكان رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي قد أثار موضوع إنقاذ البنوك الإيطالية مع كل من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عبر التغاضي عن بعض قوانين الخاصة بمعاقبة المستثمرين، في حال فشل أحد البنوك في اجتياز الاختبار أو إنهياره.

ومن بين البنوك المرشحة للانهيار في إيطاليا بنك "مونتي دي باسكي دي سينا"، والذي يعد من أقدم المصارف في العالم. وتقدر مصادر مصرفية في لندن، أن يحتاج إلى رسملة جديدة تتراوح بين 3 إلى 6 مليارات يورو. وهو من المصارف المتوسطة في إيطاليا. وقد وجد المصرف خلال الفترة الأخيرة مشترين لديونه المشكوك في تحصيلها. ولم يكشف البنك عن الخصم الذي منحه للمشترين لهذه السندات، ولكن تثار شكوك حول ما إذا كانت هذه الصفقة ستحل أزمته المالية.
وكان محافظ البنك المركزي الإيطالي، إغنازيو فيسكو، قد ذكر، قبل أربعة أيام، أن البنوك الإيطالية تحتاج إلى تفعيل شبكة أمان مالي حكومية إذا اقتضت الضرورة، وذلك في ظل الفوضى المالية المستمرة التي يواجهها ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

قال فيسكو، خلال اجتماع لاتحاد المصارف الإيطالية، إن الموقف الراهن محفوف بالمخاطر على الاستقرار المالي، ويحتاج إلى تخصيص دعم حكومي يكون جاهزاً للتفعيل في حالة الضرورة مع الاحترام الكامل لقواعد الاتحاد الأوروبي.
ويقدر ديون البنوك الإيطالية بحوالي 360 مليار يورو (398.8 مليار دولار)، وبعضها غير قابل للتحصيل. وتحتاج البنوك الإيطالية إلى عشرات المليارات لدعم رؤوس أموالها لاجتياز اختبار الصحة الذي تجريه منطقة اليورو خلال الاسبوع المقبل.

ولكن يلاحظ أن إحجام المستثمرين عن شراء سندات المصارف الإيطالية يضع الحكومة الإيطالية أمام خيارين أحلاهما مر، وهو إما المقامرة بضخ مزيد من السيولة في هذه المصارف؛ وهو ما يعني زيادة العجز المالي في الميزانية الإيطالية أو ترك بعضها ينهار؛ وهو ما سيقلل من فرص إيطاليا في جذب الستثمرين.


المساهمون