المناكفة الإيرانية وسرّ التشدد السعودي

19 ابريل 2016
إيران تريد فرض سيطرتها وأجندتها على دول المنطقة(Getty)
+ الخط -



حدث ما كانت تخشاه جميع الأسواق العالمية، وفشل كبار منتجي النفط الذين اجتمعوا في العاصمة القطرية الدوحة، يوم الأحد، في التوصل إلى اتفاق يعيد للأسعار توازنها، ويوقف حالة الانهيارات المستمرة في أسعار النفط منذ نحو 20 شهرا، ويقر آلية تثبيت الأسعار بعض الوقت.

وسبب الفشل الرئيسي تمثل في موقف إيران المتشدد التي سعت لفرض شروطها وأجندتها ومصالحها الضيّقة على كل الدول المشاركة في اجتماع الدوحة، بما فيها حليفتاها روسيا وفنزويلا، أضافة إلى ألدّ أعدائها السعودية.

واللافت أن ذلك الموقف المتشدد حدث رغم مقاطعة وزير النفط الإيراني للاجتماع الذي شارك فيه وزراء النفط والطاقة في 12 دولة تنتج نحو 73% من الإنتاج العالمي. 

السؤال هنا: ماذا كانت تريد طهران بالضبط من اجتماع الدوحة الأخير، هل كانت تريد نجاحه لأنه يصب لصالحها في النهاية إذا ما عاودت أسعار النفط تحسنها، أم كانت تتمنى فشله؟ 

الإجابة ببساطة، كانت إيران تريد أن تقرر الدول المشاركة في الاجتماع إقرار آلية تثبيت إنتاج النفط عند مستوى شهر يناير/كانون الثاني الماضي وحتى أكتوبر/تشرين الأول القادم، مع عدم إلزام المنتجين الآخرين غير المشاركين، بمن فيهم إيران، بهذا القرار.

وهذا يعنى عملياً قصر عملية الالتزام بقرار تثبيت الإنتاج على المشاركين في الاجتماع فقط، مقابل عدم إلزام الدول الأخرى المقاطعة، ومنها إيران والعراق. 




والنتيجة النهائية إطلاق يد إيران في مضاعفة إنتاجها النفطي ليصل إلى 4 ملايين برميل يومياً، كما أعلنت أكثر من مرة، وإغراق الأسواق العالمية بالنفط الإيراني والعراقي، مقابل تثبيت الإنتاج من الآخرين، وفي مقدمتهم دول الخليج، وبالتالي، وبدلاً من أن تساهم طهران في معالجة أزمة تهاوي أسعار النفط تكون عنصراً رئيسياً في تعميق الأزمة وحدوث مزيد من تراجع الأسعار. 

وبغض النظر عن المبررات التي قادت إيران إلى موقفها المتشدد وإصرارها على عدم الالتزام بتثبيت إنتاجها، وأن ذلك القرار يأتي ضمن مناكفة سياسية للسعودية من عدمه، فإن إيران في النهاية تريد مزيداً من مليارات الدولارات حتى تضمن مزيدا من الهيمنة على دول المنطقة، وبالتالي مزيدا من التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، تريد أموالا أكثر لتفتعل بها أزمات داخل المنطقة وتغذّيها، تريد أموالا تقتل بها الشعوب العربية في اليمن والعراق ولبنان وسورية، وتساند بها الديكتاتور بشار الأسد ليقتل مزيداً من الشعب السوري الشقيق، أموالاً توفّر السلاح والعتاد للحوثيين لقتل مزيد من الشعب اليمني الشقيق، تريد أموالا تساعدها على إفساد حياة باقي الشعوب العربية الأخرى. 

إيران تريد فرض سيطرتها وأجندتها على دول المنطقة. ومن هنا كان الموقف السعودي المتشدد في اجتماع الدوحة، الذي اشترط توقيع كل الدول المنتجة على اتفاق تثبيت الإنتاج، سواء من داخل أوبك أو من خارجها، والنتيجة فشل الاجتماع بسبب تعنت الموقف الإيراني، ومعه لاحقا الموقف الروسي، الذي أصر على ألا يتضمن البيان النهائي كل الدول المنتجة للنفط، سواء من داخل أوبك مثل دول الخليج وإيران، أو من خارج أوبك مثل روسيا.


المساهمون