مخاوف من أزمة رهن عقاري بالسعودية بسبب التمويل الميسر

05 مارس 2016
تسهيلات الاقتراض تثير قلقاً من ارتفاع الأسعار (العربي الجديد)
+ الخط -



حذر خبراء عقاريون ومحللون ماليون من استجابة مؤسسة النقد السعودية (المصرف المركزي) لضغوط وزارة الإسكان، التي تطالب بتخفيض نسبة الدفعة المقدمة للرهن العقاري من 30% إلى 15%، إضافة إلى رفع نسبة الاستقطاع من المرتب الشهري للشخص الحاصل على القرض إلى نحو 65%، ضمن تسهيلات كبيرة بالاقتراض.

وقال الخبراء إن تقديم التسهيلات دون ضوابط سيؤدي إلى أزمة رهن عقاري، تعصف بالاقتصاد السعودي خلال سنوات قليلة، خاصة أن القروض العقارية ستزيد من أسعار العقارات التي تعاني البلاد من ارتفاعها بالأساس.

وأعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" مؤخراً عن استكمال التنسيق حول برنامج (الرهن الميسر) للتمويل العقاري السكني لفئة من المواطنين مع وزارتي الإسكان والمالية.

ومن أهم معالم هذا البرنامج تقليص نسبة المقدم الذي يدفعه المواطن من 30% إلى 15% من قيمة العقار السكني، وإتاحة الفرصة للمصارف التجارية الراغبة في تمويل العقار بمقدار 70% من قيمته، مقابل رهن المسكن حسب نظام الرهن العقاري.

وقال برجس البرجس، الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد"، إن البرنامج الجديد سيقود لأزمة رهن عقاري حادة، مشيراً إلى أن الرهن العقاري يناسب أصحاب الدخول المرتفعة ويمكنهم السداد.

وتزداد المخاوف من أن تسهم تسهيلات القروض العقارية في مضاعفة الديون على المواطنين، والتي تشير البيانات الرسمية إلى ارتفاعها.

وبحسب بيانات حديثة صادرة عن الشركة السعودية لمعلومات الائتمان (سمة) الخاصة لرقابة مؤسسة النقد العربي السعودي، فإن 92% من الموظفين السعوديين مقترضون من المصارف.

وبلغت نسبة القروض الاستهلاكية مع نهاية العام الماضي 2015 نحو 327.1 مليار ريال سعودي (87.2 مليار دولار)، فيما بلغت القروض العقارية 102.2 مليار ريال وبطاقات الائتمان 10.2 مليار ريال (27.2 مليار دولار)، ومع إضافة القروض الأخرى يصل إجمالي القروض إلى 957.5 ريال (255.3 مليار دولار).

وتشكل القروض 39.1%، من الناتج القومي للمملكة، فيما لا يتجاوز إجمالي رواتب العمالة السعودية أكثر من 538.1 مليار ريال (143.5 مليار دولار).

اقرأ أيضاً: الحكومة السعودية تحفز القطاع الخاص لحل أزمة السكن

وأشار البرجس إلى أن القروض العقارية ستدفع الأسعار للصعود، لافتاً إلى أن أسعار الأراضي انخفضت بنسبة 22% خلال الفترة الأخيرة بسبب الرسوم على الأراضي البيضاء وكان متوقعاً انخفاضها بنسبة 50%، ولكن التوسع في الرهن العقاري سيعيد الانتعاش لسوق العقار الراكد ويدفع الأسعار للارتفاع.

كما تكمن المخاوف وفق الخبير الاقتصادي، في أن استقطاع نحو 65% من راتب المشتري لأكثر من 30 عاماً أمر فيه الكثير من المخاطر، وسيصل لمرحلة يكون عاجزاً فيها عن السداد، مما يشكل عجزاً كبيراً للمصارف التي ستجد نفسها تمتلك عقارات لن تستطيع بيعها بالدين الذي تستحقه.

وقال: "علينا أن ندرس ما حدث للولايات المتحدة عام 2008، فالرهن الميسر سيولد سوقاً عقارية جديدة وهو من يشتري عقاراً من المتعثر".

ويعاني السعوديون من أزمة سكن منذ عقود، وتؤكد إحصاءات محلية أن 73% من السعوديين لا يملكون مسكناً، وأن نحو 30 % من الذين يملكون منازل يقطنون مساكن غير لائقة.

وقال راشد الباعود، الرئيس التنفيذي للمكتب السعودي الاستشاري للاقتصاد، إن برنامج (الرهن الميسر) حل سريع قد يفيد فئة قليلة من المواطنين، وهم أصحاب الرواتب العالية جداً، ولكنه بشكل عام يحمل مخاطر تهدد مستقبل الاقتصاد.

وأوضح الباعود لـ"العربي الجديد": "لا أعرف لماذا تعتقد وزارة الإسكان أن حل أزمة السكن التي تطاول نحو 73% من السعوديين هو زيادة القروض على كاهل الأفراد الباحثين عن تملك مساكنهم، فما حدث هو أن الوزارة قدمت طوق النجاة لتجار التراب، وستكون سبباً في انتشال سوق العقارات من ركوده المستمر منذ عامين".

وتابع :"لم يكن الحل أبداً زيادة القروض على المواطنين، بل في تقليص قيمة العقارات لتكون عادلة للجميع، بدلاً من التضخم الكبير الذي بلغته، وهو رضوخ لمطالب اللجنة العقارية في الغرفة التجارية المكونة من مجموعة من تجار العقارات، الذين يسعوون منذ سنوات لتقليل الدفعة المقدمة حتى يتمكنوا من بيع عقاراتهم، بغض النظر عن بقية الآثار السلبية المحتملة".

وقال إن استقطاع نحو 65% من راتب الموظف لمدة 30 عاماً لسداد قيمة منزل اشتراه بثمن مرتفع جداً، أمر فيه مخاطرة كبيرة، مضيفاً أنه لا يجب ألا تتجاوز نسبة استقطاع الأقساط نسبة 30% أو 35% من الأجر الشهري للمقترض.

وبحسب محمد الشتري، الخبير المالي، فإن :"توفير شراء العقارات بأسعار عالية دون نظرة مستقبلية هو ما حدث للعقارات في الولايات المتحدة قبل 8 أعوام، ونحن نركض بسرعة للمصير ذاته، لمصلحة مجموعة صغيرة من تجار العقارات يريدون تصريف ما لديهم من عقارات بأسعار عالية جداً".

 


 

اقرأ أيضاً:
بن لادن تلحق بسعودي أوجيه وتؤخر رواتب الموظفين
الزامل يستنجد بالملك السعودي لإنقاذ قطاع المقاولات

دلالات
المساهمون