شركات التوصيل "أوبر" في مصر تسحب البساط من "التاكسي"

13 فبراير 2016
أزمة تواجه سيارات التاكسي في مصر (فرانس برس)
+ الخط -

 

سحبت شركات توصيل خاصة البساط من تحت أقدام سائقي التاكسي في مصر، وذلك بعد توفيرها خدمات أفضل للزبائن عبر تطبيقات إلكترونية تتيح لهم طلب السيارات عبر الإنترنت.

ورغم إيجابيات هذه الشركات، ومنها زيادة دخل موظفين حكوميين، وتشغيل عاطلين وتوفير خدمة أفضل للزبائن، إلا أنها تسببت في أضرار بالغة لملاك وسائقي سيارات الأجرة (التاكسي)، الأمر الذي دفعهم إلى التصعيد ضد هذه الشركات وتنظيم مظاهرة في ميدان مصطفى محمود في حي المهندسين في الجيزة (غرب العاصمة القاهرة)، منذ أيام.

وتعتبر "أوبر" أول شركة بدأت هذه الخدمة في مصر، حيث تستخدم تطبيقاً إلكترونيّاً في التعامل مع الزبائن، وهي فرع لشركة أميركية انطلقت عام 2010 في الولايات المتحدة، لتمتد الخدمة بعدها إلى أنحاء العالم، وباتت الخدمة متوفرة في أكثر من 50 دولة، وتعتمد على الاستعانة بسيارات خاصة وليست الأجرة.

ودخلت شركات أخرى للسوق المصرية ومنها "كريم"، التي تمتلك فروعاً في 18 مدينة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، بالإضافة إلى شركات عديدة دخلت حلبة المنافسة مؤخراً، مثل "برايفت" و"غراند لاموزين"، ومعارض سيارات.

ويتوفر التطبيق الجديد، الذي تستخدمه الشركات الخاصة، بجميع أنظمة الهواتف الذكية المشهورة، مثل آيفون وأندرويد، ويحدد الراكب موقعه على الخرائط من خلال "GPS"، ليصل إليه التاكسي خلال دقائق للمكان بالتحديد، وبعد انتهاء الرحلة يستطيع العميل تقييم السواق والخدمة، ويتم دفع رسوم التوصيل عبر الفيزا المصرفية، وسعر الكيلو متر 1.30 جنيه ، و20 قرشاً دقيقة الانتظار، و3 جنيهات فتح العداد.

ولاقت هذه الفكرة ترحيباً كبيراً من موظفين يمتلكون سيارات حديثة، حيث وفرت لهم هذه الشركات دخلاً إضافيا لا يقل عن 3 آلاف جنيه شهريا، ويصل أحيانا إلى 8 آلاف جنيه حسب عدد ساعات العمل.

وقال موظف في القطاع الخاص، وأحد العاملين في شركة "أوبر"، مجدي فضل، لـ"العربي الجديد"، "إن هذه الشركات تقدم خدمة جيدة للمواطنين، وهناك عدد كبير من الزبائن، الذين يستخدمونها، أكدوا لي أنهم قاموا باستخراج (فيزا مصرفية) لاستخدام هذه الشركة".

وأوضح أن الشركات تعلم صاحب السيارة بنظام الساعة ويزيد دخله كلما كان أسرع في إنجاز الرحلات. وأشار إلى أنه في حالة عدم رغبته في العمل، فإنه لا يشغل الجهاز ويجعله على خاصية "أوف لاين".

وأضاف فضل أن الشركة تحصل على 20% من قيمة الرحلة، والباقي يتم منحه للسائق، الذي يحاسب على الأعطال وسعر الوقود والصيانة.

وقال نشطاء على موقعي التواصل الاجتماعي، "فيسبوك" و"تويتر"، إن هذه الشركات تساهم في حمايتهم من معاناتهم مع السائقين التقليديين، خاصة أن سائقي "أوبر" و"كريم" يتم تدريبهم على كيفية التعامل مع العميل باحترام وأدب متبادل، فضلًا عن الكشف عليه جنائيا وإجراء تحاليل مخدرات.

وأطلق نشطاء هاشتاغ "التاكسي في مصر" لرصد سلبيات سائقي التاكسي بعد إعلان الاحتجاج على الشركتين، وعبر غالبية المغردين عن مشكلاتهم اليومية، التي يتعرضون لها، ومنها "عدم رد باقي الأجرة، وتدخين السائق دون مراعاة الراكب، وعدم تشغيل العداد وإغلاق التكييف".

اقرأ أيضاً: القضاء المصري ينتصر لـ 40 ألف سائق تاكسي

وقال طبيب أسنان، أحمد عبد الحميد، لـ"العربي الجديد": "استخدمت شركة أوبر، ولاحظت أن الخدمة فوق الممتازة، حيث تأتي السيارة في أقل من 10 دقائق، وأصبحت مطمئنا على زوجتي وبناتي".

وفي المقابل، أبدى سائقو التاكسي غضبهم، وقال سائق تاكسي، وأحد الذين شاركوا في الوقفة الاحتجاجية ضد الشركات الخاصة، محمد مصطفى، لـ"العربي الجديد"، إن هذه الخدمة، تؤثر سلباً على مصدر رزقهم، بعدما أصبح العديد من المواطنين يلجؤون إليها ويستغنون عن التاكسي التقليدي، مشيرا إلى أن هذه السيارات تدخل ضمن شريحة السيارات الملاكي غير المطالبة بتسديد الضرائب.

وأضاف أن خدمة "أوبر وكريم" تعد إهداراً للمال العام، لأنها لا تدخل ضمن شريحة سيارة الأجرة، لافتا إلى أنهم ليس لهم الحق في الدخول إلى مطار القاهرة لنقل الركاب من وإلى المطار، مما يقطع مصدر رزقهم.

ومن جانبه أكد سائق تاكسي، خالد شاكر، أن هذه الشركات غير قانونية. وأضاف، "إن الأمر كل يوم يتطور.. ويزيد إقبال الناس عليها، مما يهدد آلاف السائقين"، مشيرا إلى أن بعض معارض السيارات الآن أنشأت مواقع على الإنترنت وروجت إعلانات على صفحات مواقع التواصل، بسعر أقل من شركتي كريم وأوبر ولاموزين.

واعترف شاكر أن بعض سائقي التاكسي يعاملون الزبون بطريقة سيئة، وبعضهم يتحرش بالسيدات، ولكنه أكد أنها ظاهرة محدودة.

وقال رئيس رابطة التاكسي الأبيض، صلاح صديق، لـ"العربي الجديد"، إن السيارات الملاكي التي تعمل كـ"تاكسي" ليست لها سجلات تجارية، وليست بها أية ضمانات للركاب المتعاملين مع تلك الشركات.

وطالب صديق بتغيير لون السيارات الملاكي البيضاء، عند تجديد الرخص، لأن الشركات الخاصة تستغل اللون في معظم سياراتها ويخدعون الزبائن. وقال صديق، إن عدد السيارات التاكسي في القاهرة الكبرى فقط 40 ألف سيارة.

الاحتجاج الذي نظمه بعض سائقي التاكسي، مؤخراً، لا يقتصر على مصر، حيث شهدت عدة مدن عالمية احتجاجات وتظاهر المئات ضد "أوبر"، وأوقفت ألمانيا خدمات "أوبر" في برلين وميونيخ، كما قضت محكمة بلجيكية بمنع "أوبر" في العاصمة بروكسل، بينما في إسبانيا قررت المحكمة بعد ضغط من "اتحاد سائقي الأجرة" منع الخدمة بشكل رسمي.

وفي المقابل قالت المدير العام في شركة كريم، هدير شلبي، في تصريحات سابقة، إن الشركة لديها سجل تجاري وبطاقة ضريبية كشركة تكنولوجيا. وطالبت الحكومة المصرية بتقنين نشاط خدمات تطبيقات الهواتف في تأجير السيارات في مصر، ووضع التشريعات اللازمة للنشاط، خاصة أنه منتشر على مستوى العالم.

وأضافت أنها تبحث مع الجهات المعنية تقنين النشاط في مصر، مع التأكيد على وجودها محلياً، خاصة أنها أتاحت فرص عمل عديدة للشباب المصري.

وقالت إن احتجاج سائقي التكسيات طبيعي لأنهم لم يروا تشريعاً رسمياً لأعمال الشركتين في السوق المحلية، كما أن كريم وأوبر تقدمان خدمات أفضل للراكب وتعملان على تطوير الخدمة المقدمة للعملاء.

وأوضحت هدير أن جميع السائقين، الذين يعملون مع الشركة، مدربون على أعلى مستوى، بالإضافة إلى المظهر الجيد للسائق، بينما لم يقدم سائقو سيارات التاكسي خدمات مرضية للجمهور، وهو ما ساعد على انتشار هذه الخدمات.

 

 


اقرأ أيضاً:
"الكارت الذكي" يشعل أزمة الوقود في مصر
السيسي يؤجّل تطبيق منظومة "كروت الوقود"

دلالات
المساهمون