تحذيرات دولية بشأن تفاقم الفساد في تونس

13 فبراير 2016
انتشار الفساد يكرس البطالة والفقر (Getty)
+ الخط -

 

علت صافرات الإنذار مؤخراً، في تونس، لتحذر من ارتفاع منسوب الفساد في كل أجهزة الدولة، ما يهدد بإجهاض عملية الانتقال الديمقراطي التي شهدتها تونس على مدار الأعوام الخمسة الماضية.

وقال رئيس مجموعة البنك الدولي، جيم يونغ كيم، الأسبوع الماضي، إن الحكومة التونسية إذا لم تصغ للشعب، في نبذ الفساد والمحسوبية، فإن المصير حتما سيكون في نفس مسار تونس ما قبل الثورة، مضيفاً في تقرير حول الاقتصاد العالمي، أن تراجع الفرص الاقتصادية في المناطق التي تعاني من مشاكل جيوسياسية، أسهمت في أسوأ أزمة بعد الحرب العالمية الثانية.

وتشهد العديد من المؤسسات الحكومية، بما في ذلك الحساسة منها، على غرار المؤسسة الأمنية والجمارك، تفشي الفساد بسبب تغلغل المال السياسي ووقوع جزء من هذه الأجهزة تحت سيطرة رجال الأعمال.

وتسعى الحكومة إلى كبح جماح الفاسدين عبر تخصيص وزارة في التغيير الوزاري الأخير، الذي أجرته الدولة في يناير/كانون الثاني الماضي، لمتابعة هذا الملف الشائك إلى جانب إنشاء هيئة دستورية أوكل إليها تقبل الشكاوى المتعلقة بكل الشبهات ومتابعتها قضائيا.

ويجمع المراقبون للشأن العام في تونس وأحزاب المعارضة على أن الدولة غير جادة في مكافحة الفساد، بسبب انعدام الإمكانيات المادية والوسائل اللوجستية، التي تسهل عمل المؤسسات التي أنشأتها الدولة لمتابعة الفاسدين.

ورغم انقضاء أكثر من شهرين على إنشاء الوزارة الجديدة، لم يسجل لها إلى الآن أي نشاط، كما لا تزال مهامها غير واضحة.

في المقابل، هدد مؤخرا رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، شوقي الطبيب، بالاستقالة من منصبه بسبب ضعف المخصصات المالية التي منحتها الدولة للهيئة، معتبرا أن ميزانية بنحو 300 ألف دينار (150 ألف دولار) التي تم إدراجها ضمن قانون المالية، لا تكفي حتى لرواتب الموظفين.

وقال الطبيب إن الهيئة تحتاج إلى 6.5 ملايين دينار (3 ملايين دولار) لتوفير الحد الأدنى من التجهيز وأعباء النفقات والتشغيل، لتتمكن من الانطلاق في أعمالها، لافتا إلى أن كل الدول التي تسعى لمكافحة الفساد لها هيئات مستقلة لمكافحته. وأضاف في تصريح، لـ "العربي الجديد"، أن مؤشرات الفساد ارتفعت في تونس بعد الثورة، مشيرا إلى أن المناخ العام يشهد نفس الأعراض، التي أدت إلى قيام الثورة.

اقرأ أيضاً: تونس: عجز الدولة يغذي الفساد

واعتبر رئيس هيئة مكافحة الفساد أن أهمية إنشاء الهيئة التي يترأسها تكمن في فصل التحقيق في ملفات الفساد بالإنابة عن بقية أجهزة الدولة، وهو ما يجعل التحقيق أكثر حيادا، وفق تعبيره. وقدّر شوقي نسبة تورط أجهزة الدولة في قضايا الفساد بحدود 90%.

ووعد البرلمان التونسي بمساعدة الهيئة، وبالتدخل لدى السلطة التنفيذية للتعجيل في إرساء القوانين المتعلقة بها.

وجاء في دراسة أعدتها الجمعية التونسية لمكافحة الفساد، أن 85% من ملفات الفساد التي وصلت إلى الجمعية تتعلق بالقطاع الحكومي و12% بالقطاع الخاص، و1% تتعلق بالمجتمع المدني والبقية متفرقات.

وأظهرت الدراسة أن أكثر من 92% من المبلّغين عن الفساد هم من الرجال، في حين أن 8% فقط من النساء، أما شريحة المبلغين عن الفساد فهم أولئك الذين تفوق أعمارهم الـ40 عاما، في حين سجل غياب تام للشباب.

وسجلت تونس تراجعاً بـ 20 نقطة في تقرير منظمة الشفافية العالمية، حيث كانت في المرتبة 58 لتتدحرج إلى المرتبة 79 في 2014.

وقال رئيس المعهد التونسي للمستشارين الجبائيين، لسعد الذوادي، في تصريح إعلامي، إن الفساد الجبائي يكبد الدولة خسائر سنوية تقدر بأكثر من 9 مليارات دينار. وأضاف أن جميع الشكاوى التي تقدم بها المعهد لم يتم النظر فيها بعد، مؤكدا أنه لا يمكن الحديث عن تنمية أو تشغيل أو ديمقراطية في ظل انتشار الفساد وخاصة الجبائي.

وشدد الذوادي على أن السياسات العامة في البلاد تفتقر للإرادة في الإصلاح، بالرغم من جسامة وحجم الاستحقاقات الشعبية المتعلقة بالتنمية والتشغيل، مشيرا إلى أن الرشوة قد زادت بالتوازي مع زيادة نسبة البطالة.

واعتبر أن بعض فصول قانون المالية لسنة 2016 يمنح المستثمرين الأجانب فرصة الإفلات من أداء واجبهم الضريبي حيث يمكنهم من التصريح بقيمة الضرائب المستحقة عليهم عن بُعد.

وأشار رئيس المعهد التونسي للمستشارين الجبائيين إلى أن تونس دخلت مرحلة الفساد الشامل بعد سنوات الثورة، في ظل غياب الرقابة، وتخلف منظومة القوانين المجرّمة لظاهرة الفساد الجبائي.

واتسعت رقعة الفساد في تونس، خاصة في القطاع الحكومي، في ظل ضعف الأجهزة الرقابية بعد ثورة 2011، التي قامت أصلا ضد الفساد.

 

 

اقرأ أيضاً:
الفساد يكبّد الشعوب 2.6 ترليون دولار سنوياً
استقالة وزير تونسي احتجاجاً على تفشي الفساد
الإصلاحات الاقتصادية في تونس لا تبدو في طريق معبدة

المساهمون